الموضوع: آلة وضوء
عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 05-06-2006, 05:02 AM
يتيم الشعر يتيم الشعر غير متصل
من كبار الكتّاب
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2001
الإقامة: وأينما ذُكر اسم الله في بلدٍ عدَدْتُ أرجاءه من لُبِّ أوطاني
المشاركات: 5,873
إرسال رسالة عبر MSN إلى يتيم الشعر إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى يتيم الشعر
إفتراضي

أشكر الجميع على التعقيب وعلى الآراء المتعددة


وأريد أن أوضح أن كثيراً من المحدثات تجد معارضة من البعض لأن الإنسان يخشى المجهول ونحن - العرب - لدينا مثل سيء يقول ( قديمك نديمك ولو الجديد أغراك ) ..

وقد تفاجؤون إذا علمتم بالأمر الآتي :
في كتاب الجزري تصاميم لأكثر من 50 آلة أخرى وبينها ساعات مائية وآلة لغسل اليدين سماها "آلة الوضوء" وربما يكون أكثرها أهمية هي آلات ضخ الماء.

أول آلتين لضخ الماء وصفهما الجزري كانتا مطورتين من الشادوف. التصميم عبارة عن قادوس لجمع الماء يتصل زراع مائل. ينزل القادوس داخل الماء وحين يرتفع الزراع يصب القادوس محتواه في قناة داخل الذراع الذي ينتهي بمصب فوق قناة الري. وكانت الحيوانات تستخدم لتشغيل هذه الآلات وضخ الماء في السواقي.

آلة ضخ الماء الثالثة التي ابتكرها الجزري كانت نموذجاً مطوراً من الساقية غير أن الماء هو نفسه الذي يشغلها. وفيها يدوّر تيار الماء ناعورة تقوم بدورها بتشغيل سلاسل من القدور التي ترفع الماء للأعلى عبر مجموعة من التروس المتعامدة. وأحد النماذج الشهيرة عن هذه الآلة كان يوجد على نهر يزيد في دمشق في القرن الثالث عشر حيث كانت تضخ المياه لأحد مستشفيات المدينة.

آلة الضخ الرابعة كانت تستخدم ذراعاً أنبوبياً وتعمل بقوة الحيوانات. غير أن الذراع يرتفع وينخفض في هذه الآلة بنظام معقد نسبياً يتصل بكرنك عبر مجموعة من التروس. وللعلم كانت تلك الآلة هي الأولى المعروفة في العالم التي تستخدم الكرنك. وللمقارنة فإن الآلة الأوروبية التي استخدمت الكرنك لم تظهر إلا في القرن الخامس عشر.

آلة رفع الماء الخامسة التي ابتكرها الجزري كانت تعمل بقوة الماء أيضاً. وفي هذه المضخة تدور ناعورة لتدّوِر ناعورة أخرى عمودية والتي تدور بدورها ناعورة أفقية ثالثة. الناعورة الأفقية متصلة بكباسين نحاسيين متقابلين يتحركان حركة مستقيمة دورية. أما الأسطوانتان اللتان يتحرك الكباسان فيهما فمتصلتان بأنابيب لمص الماء ثم صبه. أنابيب المص تشفط الماء من مصدر الماء أسفلها، فيما أنابيب الصب تصب الماء عند نقطة ترتفع 12 نتراً عن الآلة، وهو إنجاز مثير للعجب. كانت تلك الآلة الأولى في العلم التي توظف عملياً نظرية الفعل المزدوج، أي فيما أحد الكباسين يشفط الماء يضخ الكباس الآخر هذا الماء نحو فتحة السقف.
الشروحات التي قدمها الجزري عن تصاميم آلاته في كتابه كان من السهل فهمها واستيعابها للوضوح الشديد في وصفها. والرسومات التوضيحية في الكتاب غالباً ما توضح تصميم الآلة في وضع التشغيل. على سبيل المثال أحد الأوصاف يتحدث عن آلة ذاتية الحركة لامرأة عربية تملأ ثم تفرغ حوضاً للغسيل وآخر يصور ساعة متطورة على شكل فيل.

يقدم الكتاب تصاميم ساعات مائية تستخدم الكرات المعدنية التي تشير إلى الوقت كل ساعة بدق صناجات. وفي أحد هذه الساعات تسقط الكرات المعدنية من فمي صقرين كل ساعة على صناجات تحتها. تستخدم ساعة أخرى شلالاً مائياً منحدراً لإطلاق الكرات المعدنية.

إلى جانب الشروحات والرسوم التوضيحية المفصلة يعتبر كتاب الجزري عملاً بالغ الأهمية من وجهة نظر عملية باعتبار أن مؤلفه كان فعلياً مهندساً ميكانيكياً خبيراً. وقد قدم شروحاته بطريقة تجعلها شديدة الوضوح لقرائه. فليس هناك مجال للتخمين من جانب القارئ حيث يشرح النص بكل وضوح كل تصميم حتى أصغر التفاصيل. يقول دونالد هيل وهو مهندنس بريطاني تخصص في التقنيات العربية التقليدية: "تحتل أعمال الجزري أهمية بالغة في تاريخ الهندسة، حيث تقدم ثروة من مبادئ تصميم وتصنيع وتركيب الآلات. وفي عام 1976 كرّم مهرجان العالم الإسلامي الذي نظمته المملكة المتحدة الجزري وعرض متحف لندن للعلوم نسخة كاملة من ساعته المائية الشهيرة وهي تعمل أمام الزوار.

خلاصة القول، إن الإنسان ليقف باحترام كبير أمام عبقرية الجزري وهو ينظر إلى أعمال هذا المهندس المسلم الذي عاش في القرن الثالث عشر. ولعل الخيط الناظم لكل اختراعاته وابتكاراته هو أنها هدفت لتحقيق هدف جوهري: جعل أعمال الناس أسهل. ابتكاراته كلها اتصفت بعمليتها وكفاءتها البالغتين. ورغم أنه عاش تحت رعاية الأمراء والملوك، فقد استخدم عبقريته لتسهيل حياة الناس العاديين، رجالاً ونساءً، في كدهم اليومي.

__________________
معين بن محمد