عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 05-06-2006, 05:06 AM
الثأر الثأر غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
الإقامة: بلاد الاسلام
المشاركات: 233
إفتراضي دارفور وما أدراك ما دارفور !!

تداخل قبلي كثيف



تعتبر منطقة (دارفور) من أكثر بقاع الأرض تعدداً في القبائل وتداخلاً بين هذه القبائل.. عدد سكان الإقليم ــ داخل السودان ــ يصل إلى 6 ملايين نسمة (وهو نفس عدد سكان دولة تشاد المجاورة) وسكان إقليم دارفور ــ في جذورهم الثقافية والحضارية ــ يمثلون امتداداً لقبائل في تشاد والكميرون ونيجيريا وإفريقيا الوسطى وغيرها.. لتكون (دارفور الكبرى) على غرار (الشرق الأوسط الكبير)! يقول الأستاذ علي إسماعيل العتباني (رئيس مجلس إدارة صحيفة الرأي العام السودانية): «رغم أن منطقة دارفور أصبحت منطقة طاردة منذ بداية الفتن القبلية والجفاف في الثمانينات، إلا أنها ظلت تستقبل ــ يومياً ــ عشرات الآلاف من دول غرب إفريقيا.. ونتيجة التحولات المناخية ــ انعدام الأمطار في بعض السنين ــ ونتيجة للحروب التي حدثت، الحرب (الليبية التشادية) و (الحرب التشادية التشادية) وحرب إفريقيا الوسطى، فإنها في السنين التي خلت ظلت تستقبل قرابة المليون لاجئ أصبحوا الآن (دارفوريين).. حينما لجأ الآلاف من إريتريا وإثيوبيا للسودان سميناهم لاجئين، لكن الذين لجأوا إلى دارفور أصبحوا من صميم نسيجها الاجتماعي.. العابر للحدود (أتوماتيكياً) يصير دارفورياً بعد أن يلبس العمامة السودانية فيأخذ الجنسية.. وهؤلاء (المليون لاجئ) معهم مليون قطعة سلاح غير مرخصة.. إننا حينما نتكلم عن دارفور، لا نتحدث عن حي من أحياء العاصمة يسهل ضبطه، إننا نتحدث عن رقعة جغرافية توازي مساحتها مساحة (كينيا وأوغندا وبورندي ورواندا) ورغم ذلك فإن التدخل الخارجي الدولي هو السبب في الأزمة الحالية بتسليح الخارجين عن القانون.



ومن حديث الأستاذ
(العتباني)
يتضح حجم معاناة المركز مع هذا الإقليم وليس العكس.



التشكيلة السكانية



إذا عرفنا أن دول الجوار من غرب إفريقيا (تفتح) معظمها على دارفور، فإن تشاد وحدها التي تئن بـ 150 قبيلة تتداخل مع (دارفور) بـ 13 قبيلة، ففي دارفور توجدالقبائل الرئيسية الثابتة بانتمائها الأصلي للإقليم، لكن هذه القبائل يرقد بعضها في جزءين جزء في السودان والآخر بتشاد! مثل قبيلة (الزغاوة) كُبرى قبائل دارفور، وفي ذات الوقت هي قبيلة رئيس دولة تشاد الرئيس الحالي (إدريس دبيِّ)! ويتوزع سكان دارفور ــ بالتقريب ــ إلى 75% هم سكان الريف و 15% من المتنقلين و 10% فقط يسكنون المدن.. وهذا أيضاً يُعطي مؤشراً واضحاً على بعد السكان عن «التمدن» و «التحضر» و «مواكبة تطورات العصر العلمية والتقنية».. ومن أشهر قبائل الإقليم: (الزغاوة ــ الفور ــ التنجر ــ البرتي ــ البني هلبة ــ الهبانية ــ الزيادية ــ الرزيقات ــ الماليت ــ المعاليا ــ التعايشة ــ الميدوب ــ البرقو ــ الداجو ــ البني حسلين ــ التاما ــ الماهرية ــ المجانين ــ السلامات ــ المسيرية ــ العريقات ــ العطيفات ــ المحاميد ــ التعاليا ــ المراريت ــ الفلاتة ــ بني منصور ــ وروق ــ الصليحاب ــ الميما ــ الترجم ــ الهوارة ــ الجوامعة ــ البرنو ــ ... إلخ).



مسلسل نزاع القبائل!



قد يظن الناس أن دارفور كانت ــ عبر التاريخ ــ تعيش حياتها الطبيعية بلا مكدرات أو نزاعات قبلية.. وعكس ذلك هو الصحيح.. لكن في السابق لم يكن شيء اسمه «النظام العالمي الجديد» الذي نعيشه الآن.. كانت القبائل تتقاتل وتتصالح بنظام (الجودية) المعروف قبلياً هناك حيث يجلس الخيرون من المتخاصمين ويقوموا بإصلاح ذات البين.. لكن الآن تُغذَّى النزاعات القبلية بالأسلحة الحديثة وبمعسكرات التدريب العسكرية! النظام العالمي الجديد يفعل ذلك ويمدهم بالسلاح ثم يقيم المآتم على الضحايا!. كانت دارفور في السابق ــ وإلى اليوم ــ لا تعرف استقراراً بسبب توزيع السكان بين مهنتين وحرفتين أساسيتين (الزراعة) و (الرعي)، وهذه احتكاكات طبيعية تحدث في أي مجموعات إنسانية.. كثيراً ما تهجم المواشي والأبقار على مزارع المزارعين ــ بقصد أو بغير قصد ــ وتحدث حالتئذ النزاعات.. أو تحدث لأي أسباب أخرى تتعلق بالاحتكاك المعيشي بين المجموعات السكانية المختلفة.. ففي بداية السبعينات حدثت سلسة نزاعات في معظم الإقليم بين (المعاليا والزريقات) و (الزريقات والمسيرية) وفي أواخر السبعينات بين (التعايشة والسلامات).. أما في بداية الثمانينات فقد حدثت النزاعات بين (الزغاوة والفور) المتحالفين الآن ضد (العرب!) كان ذلك عام 1982م.. وفي عام 1989م حدث النزاع بين (الفور والعرب) وتمت معالجته بمؤتمر صلح في الفاشر برعاية الرئيس البشير الذي كان في أيامه الأولى للحكم.



ثم حدثت منازعات بين (الفلاتة والقمر) عام 1996 والآن تحالفات (المساليت والفور والزغاوة) ضد ما يعرف بـ (العرب).



حقيقة اضطهاد العرب لغيرهم!



هل يوجد بالفعل تطهير عرقي في دارفور؟ هذا هو السؤال الأكثر إزعاجاً من جملة الأسئلة التي تظهر على السطح الآن.. أولاً: يعرف السودانيون أنفسهم والناس من حولهم، أنه لا يوجد (نقاء عرقي) ــ حتى في شمال السودان ــ يجعل القبيلة أو الفرد منها يعتز بأصله (العربي النقي الصافي)! ليس من شيء كهذا يحدث في السودان أصلاً.. الجميع يعرف أنهم خليط من دماء عربية وأخرى إفريقية.. قد تزيد النسبة العربية هنا أو تزيد النسبة الإفريقية هناك.. ولا أحد يشعر بانزعاج أو دونية، لسبب بسيط جداً وهو أن الذي خلق الخلق وأوجدهم هو الله وحده، وهذه مسائل لا خيار فيها، ومن هنا فإن خلع صفات «التطهير العرقي» على نزاعات دارفور لا يقترب من الحقيقة أو يدانيها.. لو كان الأمر في الشمال لكان أقرب إلى التصديق ــ حيث تزيد النسبة العربية على الإفريقية ــ لكن في الغرب والكل يكتسي بالسواد فإن أمر غلبة العنصر العربي وممارسته للتطهير لا يمكن أن يصدقه العقل!.



خلفية الأحداث الأخيرة



يقول الفريق الركن آدم حامد موسى ــ الوالي السابق لولاية جنوب دارفور ــ الذي واكب تطورات الأحداث الأخيرة: «هذه الأحداث بداياتها ليست جديدة.. نحن نعرف ذلك، وأهل دارفور يعرفون ذلك.. إنها تعود (في شكلها الحالي) إلى مطلع السبعينات وتبلورت أكثر في الثمانينات وذلك بسبب الحراك القبلي حيث تنزح القبائل الشمالية جنوباً بحثاً عن المراعي، لأن الزراعة في الأجزاء الشمالية ــ مع انعدام الأمطار ــ أصبحت لا تنتج، ومن هنا تحدث الاحتكاكات مع أهل الجنوب في قراهم الثابتة وأرضهم الغنية.. وإلى هنا فإنها نزاعات قبلية، ثم تطورت إلى (جهوية) تمثلها الولاءات العرقية والثقافية والحزبية، وتدخل العامل الخارجي لتصبح أكثر فظاعة، لأننا قلنا إن التدخل العسكري لا يتناسب مع نزاعات قبلية، لكن التدخل الخارجي أغرى فئات أخرى بالاستثمار في هذه الأجواء ففتحوا معسكرات تدريب بالإضافة لمعسكراتهم في دولة (أريتريا) التي تتبرع دائماً ــ بسخاء ــ لكل من يريد إيذاء السودان.. وبعد ذلك تطورت الأمور لتصبح (حرباً عسكرية)».



قصة الجنجويد!



بالشكل المبسط الذي ذكره الوالي السابق، تتكون بالفعل خلفية الأحداث، لكن ثمة أبعاد أخرى دخلت لتغذي الصراع، وأول هذه الأبعاد انتشار قطع السلاح منذ أكثر من 20 سنة بالإقليم، وكان هذا السلاح يستخدم في (قطع الطرق) بغرض السرقة، وهو الأمر المشهور في السودان ــ منذ الثمانينات ــ باسم (النهب المسلح)، الآن دخل هؤلاء على خط تفاعلات الأحداث (وهم لا يمثلون قبيلة واحدة).. ودخل انتشار السلاح أيضاً ليزيد من سرعة وجاهزية القبائل وهي تهم بالثأر والانتقام، ومن هنا جاء تضخيم أمر «الجنجويد» وهم عبارة عن حركة تدافع لشباب بأعمار مختلفة، من قبائل مختلفة، الرابط بينهم هو الثأر لعدوان تعرضت له قراهم، والرابط الثاني هو انحدارهم من جذور عربية وميول ومنطلقات ثقافية واحدة.. الذي ميَّز «الجنجويد» عن بقية الميليشيات أنها ترد بعنف شديد فتبيد وتحرق قرى وممتلكات الطرف الآخر، والميزة الثانية أنها تحارب ذات الجهة التي تحاربها الحكومة، ومن هنا فإن (الرئيس الأمريكي وكوفي عنان وكولن باول وتوني بلير وجميع المسؤولين الغربيين صاحوا فجأة صيحة واحدة «جردوا وحاسبوا الجنجويد») والميزة الثالثة هي أن الجنجويد أصبحوا يحرسون انحدارهم «العربي» في مقابل الآخرين الذين تحركهم منطلقاتهم العرقية الإفريقية.. ومن هنا أيضاً نفهم سر «صيحة الزعماء الغربيين» في دعوتهم لتجريد ومحاسبة «الجنجويد»، وفي المقابل لا يخفون دعمهم ومناصرتهم للأعراق الأخرى، لأن الإقليم في الأساس يتربع في حزام إفريقي خالص.



،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،


__________________



انا
الثأر

سأثأر ولـكن لرب وديــن *** وأمضي على سنتي في يقين


فإما إلى النصر فوق الأنام *** وإما إلى الله في الخالديـــن