( الحرية ) هي ذلك الجدار الذي تذبح عنده القيم
لأنها ببساطة تعني أن أفعل كل شيء دون حساب لأي شيء
وقد يكون هذا الأمر مقبولا عند من لا يؤمنون بالله ولا بما جاء به رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام
ولكن لأننا مسلمون فإننا ( نؤمن ) إيمانا راسخا بأننا لم نخلق إبتداء لنكون أحرارا
فقد خلقنا الله سبحانه وتعالى وجعل لنا مهمة نقوم بها ، فإن أديناها جازانا على ذلك بالمثوبة ، وإن تركناها كان العقاب لنا على ذلك .
وهذا هو ما ينافي القول بالحرية التي يعتقدها البعض أو ينادون بها
هذا في مجمل خلق الله للناس ، وفي مجمل ما كلفوا به ، وما جُعل لهم من الحلال وما نهوا عنه من الحرام
والحرية ( صفة ) لا يجب أن نقتصرها على المنتديات أو السياسة ، ولو فعلنا ذلك لكنا كمن ينظر إلى ما تحت قدميه ولا يدري أن أمام رأسه عارضة قد تضربه ، ولهذا من الواجب أن نأخذ الحرية بإطلاقها في كل أمورنا ، ونجعل لنا ميزانا نقيس به الأمر قبل الخوض فيه أو الإقدام عليه تحت ذريعة الحرية
ولعل في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أخبر فيه الغلام عن أن الناس لا يرضون أن يُزنى بأمهاتهم ولا أخواتهم ولا عماتهم عندما طلب منه أن ياذن له بالزني ، مع أن فعل ذلك الأمر قد يكون ( حرية ) للشخص إن أخذناه بالمقياس الذي يعتمد عليه الكثيرون اليوم ، بل إن الزنا بالمحارم تحت ذلك المعيار سيكون من باب الحرية الشخصية ، حيث لا مانع ولا حد ولا ميزان
أعلم يقينا أن المثال السابق ( جاف ) جدا ، ولكن ليتضح المعنى وضعته متعمدا حتى لا يقال بأن في ذلك منع وحجر وإجحاف على حقوق الناس والبشر
ولهذا كله أقول :
هناك فرق بين ( الحد ) و ( القيد )
ومثال ذلك أن تطلق حصانا جموحا في مزرعة كبيرة محاطة بسياج ليس فيه أبواب
وهذا الحصان يجري هنا وهناك بكل حرية وأريحية ، سواء بهدوء أو بأقصى سرعة ممكنة دون أن يعيقه شيء أو يعرقله مانع أو حواجز ، ولكن ذلك الحصان سيبقى داخل ( حدود ) المزرعة لا يتجاوزها إلى خارجها
أما إن وضع في رجليه ( قيد ) فإن ذلك سحد من حريته في الحركة والتنقل من مكاه الذي هو فيه إلى غيره ، وكذلك لا يستطيع مع القيد أن يجري أو يقف كما يريد أو يهوى ، ونحن بهذه الطريقة ( قيدناه ) عن فعل ما يريده أو يتمناه
ومثل ذلك كمثل المسلم الذي جعل من ( ما نهى الله عنه وزجر ) حدودا لا يتجاوزها أو يتعداها ، وله أن ينطلق كيفما شلء وفي أي اتجاه ، وأن يفعل ما يريد إلا أن يكون فيما يقوم به ما يخالف شرع الله وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام ، فعندها تنتهي تلك الحرية ويبدأ مفعول ( الحد ) الواجب الوقوف عنده
وأكثر ما أعجبني في قضية الحرية التي ينادي بها البعض هو قول أحد الإخوة أنه كان يجادل أحد هؤلاء الذين ينادون بالحرية المطلقة في كل شيء ، وكان هذا الجدال يتم في مكان عام ، فقال لي صاحبي : سألت الرجل هل أنا حر في أن أفعل ما أشاء وبالطريقة التي أشاء وفي الوقت الذي أشاء ، فقال الرجل إن لم تفعل ذلك فأنت متخلف ورجعي ولن ترتقي يوما في فكرك أو عقلك ، ، فقال : رددتها عليه ثلاثا وكان جوابه ذات الجواب لم يختلف ، ويقول صاحبي : رفعت يدي إلى أقصى مكان يمكن أن أرفعها إليه ثم هويت بها على خده ( فلطمته ) فهوى على الأرض من قوة الصفعة ، وقام ثائرا غاضبا يريد أن يضربني ، فتداركه بعض المحيطين بنا فأمسكوه ، وعندها ابتسمت وقلت له : ألم تقل لي ياصديقي أن الحرية هي أن تفعل ما تشاء وبالطريقة التي تشاء وفي الوقت الذي تشاء ، قال نعم ( ولكن ) فقال صاحبي : أنا حر أضربك وقت ما أشاء وبالطريقة التي أشاء فهل ستحد من حريتي ..؟؟؟ ، إن فعلت ذلك فأنت متخلف ورجعي وغير متحضر ...
هنا أتوقف لألخص الأمر
الحرية ليس عليها ( قيود ) ولكن لها ( حدود )
وحرية الإنسان تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين
تحياتي