عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 06-06-2006, 02:42 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

الصراع والتصالح سمتان تتعايشان مع كل الأمم

منذ عهد آدم عليه السلام ، والتنافر يعيش داخل النفس البشرية ، وهي سمة ضرورية لديمومة الحياة ، بعد أن كانت إرادة الله في دفع الناس بعضهم لبعض ، وذلك من أجل أن يؤجر الملتزم و يعاقب المسيء .. والتنافر يؤدي الى جدلية وتطوير وابتكار لكل ما يضمن درء الأخطار و استمرار الحياة ..

في الأسرة الواحدة ، تجد أن الزوج والزوجة حتى لو كانا بلا أطفال ، يعيشان في مساحة يختلط بها الرغبة في بقاء العلاقة و رغبة في إنهاء تلك العلاقة ، حب و كره ، صفاء و كدر .. وقد تستمر الحياة و التعايش بين الزوجين حتى موتهما و بهاتين الثنائيتين .. و إذا ما رزقوا بأبناء ، سيحدث بين الأبناء حالات متشابهة من الثنائيات المتنافرة .. وإذا خرجنا الى الحي و البلدة والأقطار و الأمم فإننا سنجد تلك الثنائيات متلازمة .. وتستمر الحياة .

في موضوع التنافر داخل الأسرة ، تتكتم الأسرة عن تبيان حالات التنافر فيما بين أفرادها ، وتظهر جانب المودة و الصفاء ، وهي نظرة لا تخلو من مصلحة ، حيث لا تفرح الأسر في أن يتداول الآخرون أخبارها السيئة ، فهذا سيؤثر على علاقات الأسرة المستقبلية ، ويجعلها غير مرغوبة في إقامة علاقات طبيعية مع غيرها من الأسر ..من الإقبال على خطبة بناتها أو قبولهم عندما يخطبون لأبنائهم الذكور .. و كذلك لعلاقات كثيرة لسنا في صددها ..

عند العشائر ، تحدث خلافات كبيرة بين أبناء العشيرة ، ولكن القائمون على العشيرة يحرصون كل الحرص على عدم تبيان تلك الخلافات ليبقى جانب العشيرة في هيبته ، سواء كان في غزوها كما في الماضي السحيق ، أو في اتفاقها على موقف انتخابي في العصر الراهن ..

عندما تتكرر هفوات فضح خلافات الأسرة أو العشيرة ، فإن خطابها الخارجي سيصبح باهتا و ضعيف التأثير ، وستقع في المخاطر التي حرصت على عدم الوقوع بها من خلال التستر على جزئياتها الداخلية ..

في الأمم ، تتشابه الحالات الإثنية فيها ، فتجد أن في سويسرا و إيران و بلجيكا و جنوب إفريقيا ، خليط ضخم من الإثنيات القومية ، يفوق ما لدى الأمة العربية ، وفي بلاد كالولايات المتحدة الأمريكية ، فإن هناك عاملا إضافيا ليس في صالح الأمريكان كأمة موزائيكية ، ومع ذلك فان تلك الأمم لا تعاني من وقع سيء لمصطلح أمة كما نعاني منه نحن العرب ..

إن القوة و حرص قياداتها على التكلم باسمها و هي قوية ، يغطي على كل عيوبها التفصيلية الداخلية .. في حين أن الأمة التي تعاني الوهن و الضعف ، ستلعن و تشتم عندما تذكر باسمها من قبل أعدائها ، ومن قبل أبنائها أيضا .. فكم نصادف في صالونات الحلاقة ، شبابا يلعنون انتمائهم للعرب ، وكم نصادف أناسا عندما يذكرون ظاهرة فاسدة أو غير أخلاقية ، فإنهم يتبعون سخريتهم بكلمة ( عرب ! ) ..

إن اهتزاز صورة العرب كأمة ، نابع من تقطيع تسلسل تاريخها زمنيا ، وتسلسل بقاع أقطارها جغرافيا ، فهي في ذاكرة أبنائها تمتد من الصين الى الأندلس .. جغرافيا ، ولكنها تعيش واقع قطريتها ( البحرين ، جيبوتي ، لبنان ، الأردن ، تونس ، الكويت ) .. الخ .. وتجد في دساتير بعض تلك الدول ، أن الدولة جزء من الأمة العربية ، وبنفس الوقت تسمي برلمانها بمجلس الأمة !

و إذا عدنا للتاريخ فيهجم من يكره على الأمة اسمها ، عندما يذكر له دولة ابن طولون و الأخشيدي و الزنكي و المماليك ، والعثمانيين ، و الإليخانيين ، وغيرهم من الدول الكثيرة التي لا تمت للعروبة بصلة .. ستجد أن من يدعوا للحكم الإسلامي تبريرا سريعا ، مستفيدين من نص قرآني ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ، إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) الحجرات 13 .. أو حديث ( الناس سواسية كأسنان المشط .. لا فرق بين عربي و عجمي إلا بالتقوى ) ..

في حين يتندر اليساريون بكل ذلك ، ويقولون إن دورة السيطرة ، لا علاقة لها بالدين ، فقد ساد الرومان و الإغريق ، كما ساد المغول ويسود الآن الإمبرياليون الأمريكان ..

إن تقطع أوصال المحورين السيني و الصادي للأمة العربية ، و إصرار أبنائها على التمسك بهما لتبيان إحداثياتهم للتركيز على الهوية ، أصبح عبئا إضافيا لم تمر به أمة على وجه الأرض ..

فإن كنا ، هنا ، نشير إلى محاولة رسم ساحة وميدان تكوين الخطاب السياسي المستقبلي ، في التأشير على المعنيين بهذا الخطاب ، فإن الحديث لن يكتمل إلا إذا تناولنا المصطلحين الآخرين ( النخب و الطلائع )

يتبع
__________________
ابن حوران