عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 06-06-2006, 04:03 AM
muslima04 muslima04 غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2003
المشاركات: 872
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،

بدءا ذي بدء..أقول عفا الله عنك اخي الفاضل محمد..لا يهم من اكون بقدر ما يهمنا ما نحن بصدد التحدث عنه بإذن الله..ولقد تعمدت ان لا أقول لك انني اخت في الله..خشية إحراجك ..ثم لأنني لم ارى في ذلك اهمية..فجزاك الله خيرا..لا عليك..ونعم حديثنا اهم بإذن الله تعالى..

اما بعد،فيا للأسف أنني أرى بالعكس..انك مازلت تصر على أشياء ظننتها قد اتضحت وأقفلناها..لكن توكلنا على الله..مع الإشارة إلى ان ما سأضعه بإذن الله تعالى سيكون آخر رد بإذن الله تعالى في هذا الموضوع..قبِله من قبله ورفضه من رفضه..والله اعلم على كل حال..

أولا يبدو جليا من كلامك أخي أنك لا تفرق بين التوسل والإستغاثة..بل تظنها نفس الشيء وهذا هو الخطأ بعينه..لكن لعلي سأعتمد هذه المرة على كلام أهل العلم خشية أن لا يُفهم مرة اخرى مني..وعلى كل حال..شرف لي قبل غيري أن أضع كلامهم وأقدمه على كلامي ( وأقصد بكلامي ما تعلمته من اهل العلم لكن بأسلوبي لا ما أعتقده بحسب هواي وظني ورأيي..هذا لمن في قلوبهم مرض.. أزيل الشبهة..وإلا فلست أقصدك أخي فما علمت عن مناقشتك إلا كل احترام وسعة صدر رغم اختلافنا فجزاك الله خيرا)..مع الإشارة أيضا إلى ان الكلام سيكون طويلا مفصلا هذه المرة إن شاء الله..

**********


التوسل

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
التوسل في اللغة: مأخوذ من الوسيلة، والوسيلة والوصيلة والتوسل والتوصل معناهما متقارب، لأن السين والصاد دائماً يتناوبان، يعني أحدهما يستعير المكان من الآخر، ولهذا يقرأ قوله تعالى:]اهدنا الصراط المستقيم[ ويقرأ: ]اهدنا السراط..[ بالسين، وكلتاهما قراءة سبعية فيجوز أن تقرأ : ]اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم[ أو تقول: ]اهدنا السراط المستقيم سراط الذين أنعمت عليهم[ .
فالتوسل والتوصل معناهما متقارب جداً.
والوسيلة هي السبب الموصل إلى المقصود.
وهو على نوعين:
النوع الأول:
عبادة يراد بها التوصل إلى رضوان الله والجنة، ولهذا نقول : جميع العبادات وسيلة إلى النجاة من النار ودخول الجنة. قال الله تعالى: ]أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب[ فإذا صمت رمضان فإنه يقال : هذا وسيلة إلى مغفرة الذنوب، وقمت رمضان وسيلة أيضاً لمغفرة الذنوب، وقمت ليلة القدر وسيلة لمغفرة الذنوب، وكل هذا لابد أن يكون إيماناً واحتساباً، إذاً الأعمال الصالحة كلها وسيلة، والغرض من الأعمال الصالحة قوله تعالى: ]فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز[ ولهذا كان النبي، صلى الله عليه وسلم يستعيد من النار فيقول: "أعوذ بالله من النار". ويل لأهل النار.
أما النوع الثاني من الوسيلة: فهو ما يتخذ وسيلة لإجابة الدعاء وهو أقسام:
القسم الأول: التوسل إلى الله تعالى بأسمائه سواء كان بالأسماء على سبيل العموم أو باسم معين منها.
فمثال الأول التوسل بالأسماء على سبيل العموم ما ثبت في الحديث الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه في دعاء الهم والغم: "اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي".
والشاهد من الحديث قوله: "بكل اسم هو لك". ونقول : نحن اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى، ودليل هذا القسم قوله تعالى: ]ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها[.
أما الثاني وهو التوسل باسم خاص فمثل أن تقول: "يا غفور اغفر لي يا رحيم ارحمني، اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني". وهذا توسل باسم لكنه خاص.
وفي هذا النوع يجب أن يكون الاسم مناسباً للدعاء، فإذا أردت أن تسأل الله الرزق تقول: يا رزاق، والمغفرة يا غفور، والعفو يا عفو، وهكذا.
لكن لو قلت : اللهم يا شديد العقاب اعف عني فهذا غير مناسب، فكيف تتوسل باسم يدل على العقوبة إلى عفو الله عز وجل، إنما تدعو الله تعالى بالأسماء المناسبة لما تدعو به.
القسم الثاني: التوسل إلى الله تعالى بصفاته سواء كان ذلك على سبيل العموم أو بصفة خاصة، ومن الصفات الأفعال، فإن الأفعال صفات، مثال ذلك أن تقول: "اللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا" وهذا التوسل صحيح، والتوسل بالصفات يكون كذلك عاماً، ويكون خاصاً، فمثال العام ما ذكرته آنفاً، ومثال الخاص: "أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر" فهنا توسل بصفة من صفات الله عز وجل.
ومن التوسل بالأفعال: "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم".
فأنت تسأل الذي منَّ بصلاته على إبراهيم وعلى آل إبراهيم أن يمن بصلاته على محمد وعلى آل محمد، فالكاف في قولك: "كما صليت" ليست للتشبيه ولكنها للتعليل، والكاف تأتي للتعليل كما قال ابن مالك في الألفية:
شبه بكاف وبها التعليل قد يعنى وزائداً لتوكيد ورد
والشاهد من البيت قوله: "وبها التعليل قد يعنى" يعني قد يراد بها التعليل. "اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم" يعني لأنك صليت على إبراهيم، فمنتك على عبدك وخليلك إبراهيم وآله، نتوسل بها إليك، أن تصلي على خليلك محمد وآله.
ومثال ذلك في القرآن على أن الكاف للتعليل قوله تعالى: ]واذكروه كما هداكم[ واذكروه لأنه هداكم، وعلى كل حال المسألة معروفة، والكاف للتعليل.
وإذا قلنا : إن الكاف للتعليل في قوله: "كما صليت" سلمنا من شبهة مشهورة عند العلماء وهذه الشبهة يقولون: إذا قلنا الكاف للتشبيه حصل إشكال، لأن معنى ذلك: أننا نطلب أن الله يصلي على محمد صلى الله عليه وسلم ، وآله، صلاة دون صلاة إبراهيم وآله، بناء على أن المشبه أقل من المشبه به، فإذا قلت : فلان كالبحر في كرمه، فمقتضى ذلك أنه دون البحر، فإذا جعلنا الكاف في قوله : "كما صليت" للتشبيه معناه أننا نطلب من الله صلاة تكون في الواقع دون الصلاة على إبراهيم وآله.
فإذا قلنا : إن الكاف للتعليل فالمعنى أنك تسأل الله الذي من بصلاته على إبراهيم وعلى آل إبراهيم أن يمن بصلاته على محمد وعلى آل محمد وبذلك يزول الإشكال نهائياً.
ولا حاجة إلى ما ذكره بعض الناس وتكلف فيه من أهل العلم.
ومعنى "اللهم صل على محمد"، صلاة الله على النبي صلى الله عليه وسلم معناها، اللهم أثن عليه في الملأ الأعلى، واذكره بالجميل.
وليست صلاة الله على عبده بمعنى رحمته ، وإن كان بعض العلماء قال : " إن الصلاة من الله الرحمة " لكنه قول مرجوح بالآية التي قال الله فيها : ] أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة[ والعطف يقتضي التغاير.
القسم الثالث: التوسل إلى الله تعالى بالإيمان به، أي أن يتوسل الإنسان إلى الله تعالى بالإيمان به وبرسوله فيقول: اللهم بإيماني بك وبرسولك أسألك كذا وكذا. فيصح هذا، ودليله قوله تعالى: ]إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار[ إلى أن قال: ]ربنا إننا سمعنا منادياً ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا[ أي فبسبب إيماننا برسولك فاغفر لنا، فجعلوا الإيمان به وسيلة للمغفرة.
فالتوسل بالإيمان بالله، والإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم ، والتوسل بمحبة الله، ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم جائز، لأن الإيمان بالله سبب موصل للمغفرة، ومحبة الله ورسوله سبب موصل للمغفرة فصح أن يتوسل إلى الله تعالى به.
القسم الرابع: التوسل إلى الله تعالى بحال الداعي أي أن يتوسل الداعي إلى الله بحاله ولا يذكر شيئاً مثل أن يقول: "اللهم إني أنا الفقير إليك، اللهم إني أنا الأسير بين يديك" وما أشبه ذلك، والدليل على ذلك قول موسى عليه الصلاة والسلام حين سقى للمرأتين ثم تولى إلى الظل فقال: ]رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير[ ولم يذكر شيئاً.
ووجه هذه الآية أن حال الداعي إذا وصفها الإنسان فإنها تقتضي الرحمة واللطف والإحسان لا سيما إذا كانت بين يدي أرحم الراحمين جل وعلا.
أرأيت لو أن رجلاً مشى معك وقال: أنا فقير أبو عائلة لا أستطيع التكسب غريب الدار، فيسأل ويتوسل إليك بحاله، فأنت إذاً تعرف الأمر وتعطيه إذا كنت كريماً.
والقسم الخامس: التوسل بدعاء من ترجى إجابة دعائه، ودليل ذلك ما ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان يخطب الناس يوم الجمعة فدخل رجل فاستقبل النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال: يا رسول الله هلكت الأموال، وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم ، يديه ثم قال: "اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا" ـ ثلاث مرات ـ. قال أنس بن مالك: "والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة" ـ والقزعة هي القطعة الصغيرة من الغيم ـ، وما بيننا وما بين سلع من بيت ولا دار ـ وسلع جبل بالمدينة تأتي من نحوه السحب ـ قال : فخرجت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت فما نزل النبي صلى الله عليه وسلم ، من منبره إلا والمطر يتحادر من لحيته.
وفي هذا آيتان: آية من آيات الله، وآية من آيات رسوله صلى الله عليه وسلم ، أما من آيات الله فالقدرة العظيمة بهذه السرعة نشأ السحاب ورعد وبرق وأمطر، فما أن نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من منبره إلا والمطر يتحادر من لحيته، والمعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان لا يطيل الخطبة، وهذا أتى في أثناء الخطبة.
وأما كونه آية من آيات النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن الله أجاب دعاءه بهذه السرعة، وآيات النبي، صلى الله عليه وسلم ، في جلب الماء من السماء أو من الأرض معلومة، فبقي المطر ينزل أسبوعاً كاملاً حتى سال الوادي المعروف بالمدينة باسم قناة، سال شهراً كاملاً، فجاء الرجل أو رجل آخر من الجمعة الثانية والنبي، صلى الله عليه وسلم ، يخطب فقال : يا رسول الله تهدم البناء وغرق المال فادع الله يمسكها فرفع النبي، صلى الله عليه وسلم ، يديه وقال: "اللهم حوالينا ولا علينا" وجعل يشير بيده فما يشير إلى ناحية إلا انفرجت، ليس بقدرة الرسول، صلى الله عليه وسلم ، ولكن بقدرة الله عز وجل، "اللهم حوالينا ولا علينا" فجعل السحاب يتفرق، يمطر حول المدينة، ولا يمطر في المدينة فخرجوا من الصلاة وهم يمشون في الشمس.