عرض مشاركة مفردة
  #8  
قديم 11-06-2006, 04:13 PM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

النخب العربية .. أسماك أحواض زينة

عندما كانت النخب في الماضي تصعد من أسفل طبقات الشعب مع النسغ الذي يصعد حاملا آلامه و آماله ، ويمد أوراق شجرة الشعب بما تحتاج من خصوبة الأرض ، فتطبخ مع شمس البلاد و تعيد ما تصنع الى جذور شجرتها . عند ذلك فقط كانت أشجارنا ظلالها وارفة ، و ثمارها يانعة ، ومن يستظل بها ويحتمي يأمن من كل شر ..

وعندما أصبحت نخب اليوم ، نتاج للفساد و اختلال توزيع الثروات ، فأصبح من يقدر أن يبعث ابنه للخارج نتيجة لقربه من نظام حكم ، أو نتيجة لثروة طارئة ، فإن النخب العائدة ، تحترف العلم احتراف كالقتل ، أو اللعب ، فلا تعود نخبا تفيد شعبها و أمتها ، بل نخب تقع جغرافيا وسط الشعب ، ولكنها خارجه .

تماما كما هو الدجاج مصنف مع الطيور ، ولكنه لا يطير ، يحصر نظره بين قدميه ليبحث عن حبة قمح ، أو حشرة ، ويخمد عندما يركض وراءه من يخيفه ، بعكس الصقر يمتد نظره الثاقب الى الأفق ، يطير حرا ، ويغير حرا .. فلذلك يعلو ثمنه رغم أنه لا يؤكل ، و يتباهى من يستطيع امتلاكه و ترويضه ..

تنال تلك النخب شهاداتها العليا ، و في أبواب تبقى عناوينها مجهولة ، حتى لمن نال بها الشهادة .. فالمعلومة كالعضلة إن لم تتحرك تضمر .. وقد توقفت حركة تلك الأبواب في البحوث ، عندما نال أصحابها الشهادات ، فقد كانت الشهادة ، غاية بحد ذاتها ، أو وسيلة لغاية أكثر حقارة .. فكم من بحث بقي على رفوف الجامعات ، أو نشر بلغة أجنبية ، ولم تستفد منه أمتنا ؟

إن النخب التي بليت بها الأمة ، وسجل أصحابها أرقاما إضافية في عدد حملة الشهادات ، لا أظن أن فائدتهم تزيد عن فائدة وجود عبوات من دم في بنك الدم ، ولكن عندما تحتاج اليها ، ستكون زمرتها و مواصفاتها لا تتطابق مع زمرة دم الأمة .. أو كمخزن لقطع غيار للسيارات ممتلئ بكل الأصناف إلا صنف سيارة الأمة ..

نعم إن العمل بلا علم أعمى ، و أن العلم بلا عمل فراغ ( كفراغ الطبل ) .. وإن كان صوته عالي .. لكن عندما تتناغم حركات العلم مع حركات تطور المجتمع مع إرادته التي تتولد وفق حركات ما حوله .. عند ذلك فقط تكون النخب قد بعثت دورها من جديد ، و أصبح انتمائها لتربتها و أمتها يعطيها شهادات إضافية ، أكثر وفرة بالمجد و أكثر فائدة خالدة ..

وبعكسه فإن النخب ستبقى محبوسة في انتماءاتها اللامنتمية ، تظن أنها نتاج حضارة عالمية ، و أصحاب الحضارة لا يقرون بفعلها لا في ساحات جامعاتهم التي تخرجوا منها ، و المجتمع المحلي ينظر الى تلك النخب كنظرته لأسماك أحواض الزينة ..
__________________
ابن حوران