والقسم الثاني:
الهجر لغرض دنيوي أن يهجر المسلم أخاه لغرض له للدنيا؛ لإيذاء… أذاه، أو لشيء وقع في قلبه عليه
فالهجر إذا كان للدنيا فللمسلم أن يهجر أخاه للدنيا إلى ثلاثة أيام وما بعدها، فحرام عليه أن يهجره، وقد ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: ( لا يهجر مسلم أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا، ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) .
قال العلماء: الهجران إلى ثلاث مأذون به في أمر الدنيا، يعني: إذا كان لك هذا لحظ نفسك ، أما… هذا لحظ نفسك إلى ثلاثة أيام وما بعدها، فحرام أن تهجر أخاك فوقها، وخير الرجلين الذي يبدأ بالسلام، أما أمور الدين فهذه بحسب المصلحة -كما ذكرنا في القسم الأول-، قد يكون هجرانا إلى أسبوع، أو إلى شهر، أو يوم بحسب ما تقضي به مصلحة المهجور.
قال : ( ولا يبع بعضكم على بيع بعض ) وهو -مثلا- أن يقول… لمن أراد أن يشتري سلعة بعشرة أن يعطيك مثلها بتسعة، أو لمن أراد أن يبيع سلعة بعشرة: أنا آخذها منك بإحدى عشر، وأشباه ذلك يعني: أنه يغريه بألا يشتري من أخيه، أو أن يبيع عليه، ففي هاتين الصورتين حصل بيع على بيع المسلم، وهنا حرم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله: ( ولا يبع بعضكم على بيع بعض ) وهذا مشروط بأن الذي يعرض الشراء من هذا الذي يريد أن يبيع شيئا، أو يعرض البيع لهذا الذي يريد أن يشتري شيئا بأكثر في الأول، وأقل في الثاني، هذا مشروط بأنه حصل بين الأول، ومن يريد أن يبيعه، أو أن يشتري منه انفصال وتراض.
مثلا: يأتي إلى صاحب دكان ويقول: أنا أريد أن أشتري هذه، فيتفاصلان على أنه سيشتريها بكذا، وهذا راض، سيشتريها فيأتي أحد ويقول: تعال، أنا أعطيك مثلها بكذا وكذا بأنقص، أو أشباه ذلك، فإذا كان هناك رضا من البائع للسلعة على من يبيع عليه، أو رضا ممن يشتري، وتفاصل بينه وبين من أراد الشراء منه، أو البيع عليه، فإنه هنا يحرم أن يدخل أحد، فيتدخل في هذا المبيع إذا تفاصلا وتراضيا، وهنا يعني: تمت مقدمات العقد بالاتفاق على الثمن، والعزم على الشراء، فإنه لا يجوز لأحد أن يدخل، ونفهم من هذا أنه لو تدخل قبل أن يعقد هذا، وهذا يعني: ما دام أنه بفترة النظر انتقل من دكان إلى دكان وأشباه ذلك، فهذا لا بأس به.
فيشترط لتحريم البيع على بيع أخيه بما كان فيه تفارق بالقول، أو انفصال في القول بالعزم على الشراء، أو العزم على البيع إذا حصل العزم وأجابه البائع، أو المشتري، فإنه لا يجوز التدخل في ذلك، في أمثالها، مثل: ( لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه ) فإن المرء إذا تقدم إلى أحد خاطبا، وسمع به فلان من الناس، سمع أن فلانا خطب، فإن ردوا عليه بالرضا، فإنه لا يجوز لأحد أن يأتي ويقول: أنا أريد ابنتكم، ممن علم أنهم أجابوه ورضوا به، لكن قبل أن يجيبوه بالرضا له أن يدخل كخاطب من الخطاب، وهكذا في هذه المسألة في قوله : ( لا يبع بعضكم على بيع بعض ) .
.. يتبع ..