قال: ( ولا يحقره )
يعني: لا يحتقر المسلم أخاه المسلم بأن يعتقد، أو أن يأتي في خاطره أن هذا وضيع، وأن هذا أقل قدرا منه، وأن هذا مرذول ، إما لأجل نسب، أو لأجل صناعة، أو لأجل بلد، أو لأجل معنى من المعاني، ، بل الإسلام هو الذي رفع المسلم، وجعله مكرما مخصوصا من بين المخلوقات؛ ولهذا فإن المسلم عند الله -جل وعلا- كريم عزيز، وتحقير المسلم يخالف أصل احترام المسلم لما معه من التوحيد والإيمان، فهذا البدن الذي أمامك -بدن المسلم- يحمل عقيدة التوحيد، وحسن ظن بالله، ومعرفة بالله وعلم بالله بحسب ما عنده من الإسلام والإيمان والعلم، وهذا ينبغي معه ألا يحتقر، بل يحترم لما معه من الإيمان والصلاح.
وهذه يتفاوت الناس فيها كلما كان الإيمان والصلاح والإسلام والتوحيد والطاعة، والسنة أعظم في المرء المسلم، كان أولى بأن يكرم، ويعز وأن يبتعد عن احتقاره، ويقابله المشرك، فإنه مهما كان من ذوي المال، أو ذوي الجاه، أو ذوي الرفعة، فإن جسده فيه روح خبيثة حملت الشرك بالله، والاستهزاء بالله ومسبة الله جل وعلا.
والمحب لله -جل وعلا- يكره، ويحتقر هذا الذي معه الاستهزاء بالله والنيل من الله -جل وعلا- وادعاء الشريك معه، فإذا يعظم المسلم أخاه المسلم، ويحترمه، ولا يحتقره بما معه من الإيمان والتوحيد.
قال: ( التقوى ها هنا، ويشير إلى صدره ثلاث مرات ) التقوى محلها القلب، وهذا معنى إشارة النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره ثلاث مرات.
قال: ( بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ) دم المسلم حرام أن يسفك بغير حق، وكذلك ماله حرام أن يؤخذ بغير حق، وكذلك عرضه حرام أن ينال منه بغير حق، فالنيل من الأعراض بالغيبة والنميمة، أو أن ينال من أهل الرجل، أو من أسرته، أو أن يتصرف في ماله بغير إذنه، أو أن يأخذ ماله، أو أن يعتدي على شئ من أملاكه، وكذلك أن يعتدي على دمه، وهذا أعظمه، هذا كله حرام.
والشريعة جاءت بتحقيق هذا الأمر فيما بين المسلمين، وفي مجتمع الإسلام بأن تكون الدماء حراما، والأموال حراما، والأعراض حراما، وقد ثبت في الصحيح من حديث أبي بكرة رضي الله عنه أنه -عليه الصلاة والسلام- قال في خطبته يوم عرفة: ( ألا إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا ) .
إنتهى شرح الحديث الخامس والثلاثون
تحياتي
