عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 15-06-2006, 09:19 AM
كونزيت كونزيت غير متصل
مشرفة
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الحجاز
المشاركات: 1,156
إفتراضي

بمناسبة حرب البلقان في التسعينات، ازداد عدد الليبراليين الغربيين المؤيدين لمبدأ "التدخّل الانساني". فبينما كان نشر الحضارة المسيحية والتجارة ما برّر الامبريالية الليبرالية، حتى نهاية القرن التاسع عشر، باتت الشعارات المرفوعة اليوم تتعلّق بحقوق الانسان والأسواق وحسن ادارة الشأن العام.

في ذروة حرب كوسوفو، اطلق السيد بلير ما يجب تسميته نداء من اجل موجة جديدة من عمليات التدخل العالمي، المرتكزة على "مزيج دقيق" من المصالح الشخصية والأهداف الأخلاقية. وبعد أقلّ من عام، طبّق "نظرية المجتمع الدولي" هذه على مستعمرة سيراليون السابقة، حيث أُرسِلت القوات البريطانية على جناح السرعة، بعد غياب دام 39 عاما، للتدخّل في حرب اهلية دموية لا نهاية لها.

ان اعتداءات ايلول/سبتمبر 2001 في نيويورك وواشنطن، ومن بعدها اجتياح افغانستان، المستعمرة البريطانية السابقة، بقيادة الولايات المتحدة، أظهرت الطبيعة الحقيقية لسياسة كان يُسكَت حياءً عن اسمها في دوائر السلطة. وفي الربيع التالي، نشر السيد روبرت كوبر، مستشار السيد بلير للشؤون الخارجية والمبعوث الى افغانستان (يعمل حاليا للسيد خافيير سولانا في مجلس الاتحاد الاوروبي)، اعلاناً يدافع "عن نمط جديد من الامبريالية مقبول في عالم حقوق الانسان والرأي العام الكوسموبوليتي [4]". في الوقت نفسه تقريباً، كان رئيس الوزراء البريطاني يقول، في جلساته الخاصة، أنه مؤيّد للتدخل العسكري في المستعمرات البريطانية السابقة كزيمبابوي وبورما.


شكّلت الكارثة السياسية والانسانية، التي تسبّبت بها حرب العراق واحتلاله، كابحاً ولو مؤقّتا لنزعة المغامرة السياسية هذه. بيد أنّ عمليات التدخّل العسكرية الغربية أشاعت موضة "الرجعي الأنيق على الطراز االقديم"، ووفّرت فرصة لمعلّقين، أمثال المؤرّخين البريطانيين المحافظين نيال فرغوسن واندروز روبرت، ليدافعا عن الامبريالية الجديدة ويعيدا كتابة الماضي الاستعماري. فرغسون النصير المعلن لامبراطورية عالمية تقودها الولايات المتحدة، ومؤلّف كتاب "الامبراطورية او كيف صنعت بريطانيا العظمى العالم الحديث" ، يدافع عن الاستعمار البريطاني، الرائد في نظره للعولمة التجارية في القرن الواحد والعشرين. كما يجد امتداداً بديهياً له في المديح الموجّه من السيد براون الى "التجّار والمغامرين والمبشّرين" من بُناة الامبراطورية. وروبرتس،المؤرّخ التاتشريّ الآخر، الاختصاصي في الصحافة الاميركية، يدعو جهارا الى اعادة استعمار افريقيا بحجّة أنّ هذه القارة "لم تشهد حقبة أجمل من التي عاشتها تحت الادارة البريطانية". وفي ردّه على تصريح حديث العهد للرئيس الافريقي الجنوبي، مُنتقداًتشرشل و"التركة الرهيبة" للامبراطورية البريطانية، أكّد روبرتس بكلّ هدوء، من على أثير الـ"بي بي سي"، أنّ الامبراطورية المذكورة جلبت معها "الحرية والعدالة" الى عالم كان غارقاً في "الجهل المظلم
__________________