
18-06-2006, 11:30 PM
|
من كبار الكتّاب
|
|
تاريخ التّسجيل: Oct 2005
الإقامة: فرنسا
المشاركات: 6,264
|
|
السيد الرئيس،
ما اسردناه هو جزء من الالام الراهنة التي تعانيها شعوب العالم و المنطقة و شعبكم. اما كلمتي الرئيسة و التي ستشاطرني الرأي في جزء منها- على اقل تقدير – فهي كالتالي:
للحكام فترات زمنية محددة لاتدوم، الا ان اسماءهم ستبقى و ذكراهم في التاريخ لتضحى دوماً عرضة للتقييم في المراحل المستقبلية القريبة و البعيدة.
سيتناقل الناس ما الذي جرى في عصرنا. هل وفـّّرنا الامن و الرفاهية و الرخاء لشعبنا ام جلبنا لهم اللاأمن و البطالة؟
هل اقمنا العدل ام ذهبنا فقط للدفاع عن فئات خاصة و كنا سبباً لفقر شرائح واسعة من ابنائنا لتكون الثروة و الجاه في قبضة قلة قليلة، آثرنا رضاها على رضا الله و الناس.
هل دافعنا عن حقوق الناس و عن المحرومين ام تجاهلناهم؟
هل قمنا بالذود عن حقوق ابناء البشر في اصقاع العالم ام بادرنا الى اسر لفيف منهم عبر فرض الحروب و التدخلات غير المشروعة في شؤون البلدان و انشاء السجون الرهيبة؟
هل نعمَ العالم بالامن و السلام ام ان معالم التهديد والعنف ارخت بظلالها على المعمورة في ضوء جهودنا؟
هل خاطبنا شعبنا و سائر شعوب العالم بصدق ام قمنا بقلب الحقائق؟ هل كنا من مناصري الشعب ام والينا المحتلين والظلمة. هل اولينا الاهتمام اثناء حكمنا بالمنطق و العقلانية و الاخلاق و السلام و التمسك بالالتزامات و بسط العدل و خدمة الشعب و رفاهيته و رقيّه و صون الكرامة الانسانية، ام لجأنا الى الاسلحة و التهديد و زعزعة الامن و عدم الاكثرات بابناء الشعب و كنا السبب في تخلف الشعوب عن ركب التقدم و التعالي و في طمس حقوقهم.
واخيراً سيقولون: هل تمسكنا بما اقسمنا به لنكون في خدمة شعوبنا
– و هي واجبنا و التزامنا الاساس – و هل اعتصمنا بتعاليم الانبياء ام لا؟
السيد الرئيس،
- الى متى يستطيع العالم ان يتحمل مثل هذا الوضع؟ الى اين يتجه العالم في هذا المسار؟
- الى متى يتعين على شعوب العالم دفع غرامة القرارات الخاطئة لبعض الحكام؟
- الى متى يجب ان يخيّم انعدام الامن الناجم عن تكديس اسلحة الدمار الشامل على شعوب العالم؟
- الى متى يجب ان تراق دماء الاطفال و النساء و الرجال على الشوارع و الازقة و تهدم البيوت على رؤوس اصحابها؟
هل ان فخامتكم راضون عن الوضع الراهن في العالم؟
و هل تعتقد ون ان السياسات القائمة يمكن ان تدوم؟
كيف كان العالم فيما لو ان مئات المليارات من الدولارات التي تخصص لتغطية النفقات الامنية و العسكرية و زحف الجيوش، كانت تُصرف في مجالات الاستثمار و دعم البلدان الضعيفة و تطوير المراكز الصحية و مكافحة الامراض و اشاعة التعليم و التأهيل و الارتقاء بالطاقات و القابليات الفكرية و البدنية و دعم منكوبي الكوارث الطبيعية و توفير فرص العمل و الانتاج والاعمار و ازالة الفقر و الحرمان، و ارساء دعائم السلام و نزع فتيل الخلافات بين البلدان و اخماد نيران الحروب القومية و الاثنية و ما الى ذلك ...؟ الم يكن هذا الوضع يضفي على حكومتكم و شعبكم شعوراً من الغرور و الرفعة؟
الم تكن المكانة السياسية و الاقتصادية لحكومتكم و شعبكم اكثر قوة و اصلب عوداً؟ و ببالغ الأسف اتساءل: هل كانت قلوب الشعوب في عالمنا المعاصر تعجّ بالكراهية المتزايدة للادارة الاميركية؟
السيد الرئيس، لاانوى ان اجرح شعور احد.
لو قـُدّر لانبياء الله ابراهيم و اسحاق و يعقوب و اسماعيل و يوسف او سيدنا المسيح (عليهم السلام) ان يكونوا بيننا اليوم، كيف كان يحكمون على هذه الممارسات و التصرفات؟
و هل سيكون لنا دور في العالم الموعود الذي سيمتلئ قسطاً و عدلاً و سيحضره سيدنا عيسي المسيح(ع)؟ ثم هل سيقبلونا اتباعاً لهم؟ سؤالي المفصلي: أليس هناك سبيل افضل للتعامل مع الشعوب و العالم؟
تمة مئات الملايين من المسيحيين و عدد مماثل من المسلمين و الملايين من اتباع سيدنا موسى(ع) يعيشون في عالمنا الراهن و ان كلمة التوحيد هي القاسم المشترك لجميع الاديان السماوية - اي الايمان بالله الواحد الاحد الذي لا اله الا هو-.
و قد اكد القرآن الكريم على هذا القاسم المشترك داعياً جميع اتباع اديان السماء الى كلمة سواء حيث يقول تعالى: قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا و بينكم الاّ نعبد الا الله و لا نشرك به شيئاً و لايتخذ بعضنا بعضاً ارباباً من دون الله (القرآن الكريم – آل عمران 63)
السيد الرئيس،
لقد دُعينا جميعاً – وفقاً لكلام الله – الى عبادة اله واحد و الى اتباع رسله. كلمة الله هي العليا و هو على كل شئ قدير. يعلم ما يسرون و ما يعلنون وما بذات الصدور. يُحصي ما يعملونه من صغيرة و كبيرة. له ملك السماوات و الارض. يدبر الامر. غافر الذنب قابل التوب. نصير المظلومين و عدو الظالمين. هو الرحمن الرحيم. و ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور. بصير بعباده و يدعوهم الى الايمان و العمل الصالح و يدعوهم الى الثبات على الصراط المستقيم و اطاعة رسله. اما الذين يريدون الدنيا فقط و يحادون الله و يظلمون عباده، فلهم سوء العاقبة و بئس المصير. اما من خاف مقام ربه و نهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى.
قناعتنا هي ان السبيل الوحيد للسعادة و النجاة هو العودة الى تعاليم الانبياء.
لقد سمعت ان فخامتكم لديكم توجهات لتعاليم المسيح (ع) و تؤمنون بالوعد الالهي القاضي بحكم الصالحين في الارض.
نحن ايضاً نعتبر سيدنا عيسى المسيح (ع) من انبياء الله العظام حيث اشاد القرآن الكريم به في غير موضع. و قد ورد على لسانه (ع) في قوله تعالى:
و ان الله ربي و ربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم. (سورة مريم- 36)
فعبادة الله و طاعته هي شعار الانبياء قاطبة و ان اله جميع الشعوب في اروبا و آسيا و افريقيا و اميركا و الاوقيانوس و كل بقاع العالم هو اله واحد يريد الهداية و العزة و الكرامة لعباده.
قال تعالى:
لقد ارسلنا رسلنا بالبينات و انزلنا معهم الكتاب و الميزان ليقوم الناس بالقسط.
و قد وردت جميع هذه الآيات في الكتاب المقدس بشكل او بآخر.
لقد وعد الانبياء يوماً يصدر فيه الناس اشتاتاً ليُرَوا اعمالهم. فتكون الجنة للمصلحين و العذاب للمسيئين. اعتقد بأن كلينا نؤمن بمثل هذا اليوم.
اما محاسبة الحكام فليست بالأمر الهين. ذلك لاننا يجب ان نرد على شعوبنا و كل الذين اثـّرت افعالنا على نمط حياتهم بشكل من الاشكال. هدف الانبياء يتجلى في اقرار السلام و الاستقرار على اساس التوحيد و العدل وصون الكرامة الانسانية للبشرية جمعاء. فلوا آمنا و التزمنا جميعاً بهذه الاسس – اي التوحيد و العدالة وصون الكرامة و العزة الانسانية و الايمان بيوم القيامة – الا يمكن التغلب على المشاكل المعاصرة الناجمة عن الابتعاد عن طاعة الباري و تعاليم الانبياء، و لعب دور افضل و اكثر فاعلية؟
ألا يعزز الايمان بهذه الاسس، مقومات السلام و المحبة و العدل و يشكل الضمان لها؟
الا تـُعتبر المبادئ المذكورة هي من التعاليم التي تؤمن بها غالبية شعوب العالم – سواء كانت مكتوبة ام لا-؟
هل تستجيبون فخامتكم لهذه الدعوة المتمثلة في العودة الى تعاليم الانبياء و التوحيد و العدل و صون الكرامة الانسانية و طاعة الله و رسله؟
فخامة الرئيس،
ان نظرة عابرة الى التاريخ تثبت ان الحكومات التي تنتهج سبيل الظلم و الطغيان لايمكن ان تدوم حيث ان الله تعالى لم يشأ ان يجعل مصير ابناء البشر بايديها لانه لم يترك العالم و العباد سُدى. فكم من الاحداث جرت و تجري رياحها خلافاً لما تشتهي سفن الانظمة؟ ان الاحداث تدل على ان هناك يداً غالبة تدير الامور كيفما تشاء.
السيد الرئيس،
هل لنا ان ننكر اَمارات التغيير و بوادر التطورات في عالمنا اليوم؟
و هل يمكن مقارنة الاوضاع السائدة في العالم المعاصر مع ما كانت عليه قبل عشر سنوات؟ التغييرات متسارعة و واسعة النطاق. شعوب العالم غير راضية عن الوضع القائم و قلما تثق بوعود و تصريحات بعض الحكام الفاعلين.
الشعوب في العديد من انحاء العالم تشعر بانعدام الامن و هي تعارض اتساع رقعة الفراغ الامني و اثارة الحروب و السياسات المتعددة الاشكال. و هي تحتج على الهوة القائمة بين الاثرياء و الفقراء، و الدول الغنية و الفقيرة.
الشعوب مستاءة من الفساد المتنامي يوماً بعد آخر.
الشعوب في العديد من البلدان ساخطة من استهداف مقوماتها الثقافية و انفصام عرى العوائل و انحسار المحبة و الوئام.
ما مِن تفاؤل لدى الشعوب بالمنظمات الدولية، لأن هذه الاخيرة لا تأخذ على عاتقها استيفاء حقوق الناس.
لقد اخفقت الليبرالية و الديمقراطية الغربية في تقريب ابناء البشر الى اهدافهم و غاياتهم. و فطاحل المفكرين و العقلاء في العالم يسمعون بوضوح دويّ انهيار الفكر الليبرالي الديمقراطي و انظمته.
وثمة محور رئيس اضحى اليوم محط انظار العالم. يتزايد الاهتمام به، الا و هو الله الواحد الاحد. و لاريب في ان الشعوب ستتغلب على مشاكلها ليكون النصر حليفها و ذلك بفضل اعتصامها بحبل الله و تمسكها بتعاليم الانبياء.
و سؤالي الجاد هو: الا تريدون السير في ركب هؤلاء؟
السيد الرئيس،
شئنا ام ابينا فاِنّ العالم يتجه نحو التوحيد و العدل، و الله غالب على امره.
والسلام على من اتبع الهدى
محمود احمدي نجاد
رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية
طهران - العاشر من ايار
2006
المصدر موقع الرئيس الايراني
|