عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 21-06-2006, 06:58 PM
بايعها بحوريه بايعها بحوريه غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2006
الإقامة: جزيرة العرب
المشاركات: 98
إفتراضي

الحذر والسياسة قد ينفعان لبعض الوقت ، ولكن أمر الإسلام أعظم من أن يمر بلا اختبار وامتحان {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} (آل عمران : 142) ، فعلى الإخوة في المحاكم أن يوطنوا أنفسهم على هذا وأن يعدوا العدة لحرب طويلة خاضوا بدايتها ضد طلائع الجيوش الصليبية المتمثلة في " التحالف من أجل تسليم الصومال ومحاربة الإسلام " ، وأعضاء هذه الطلائع إن لم يتوبوا إلى الله ويرجعوا إلى دينهم فإنهم يكونون مرتدين لموالاتهم الصليبيين ومعاداتهم المسلمين ، فأمريكا وزعماء الحرب والصحف العربية والأجنبية كلهم يؤكدون أن هذا التحالف مدعوم عسكريا وماديا وسياسيا من قبل الأمريكان لمحاربة الإسلام في الصومال ، وإن كان بعض أفراد هذا التحالف دخل تحت رايتهم حمية أو عصبية أو قبلية فلا يسعه اليوم إلا البراءة منهم والدخول تحت راية الإسلام ، أو يخسر دينه فيصبح مرتدا كافرا لموالاته الكفار ، قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (المائدة : 51) ، فلا يظلمن المرء نفسه ويظلم المسلمين ليتولى الكافرين ويصبح منهم فيخسر دنياه ويخسر بعده يوم الدين {يَوْمَ لاَ يَنْفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ * إِلاَّ مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} (الشعراء : 88-89) ..

أغلب الظن أن أمريكا لن تدخل الصومال في الوقت الحالي بنفسها نظرا لما أصابها ويصيبها في العراق وأفغانستان ، والشعب الأمريكي لن يتحمل حربا أخرى من حكومته الغبية ، والظاهر – والله أعلم – بأن الحكومة الأمريكية ستزج بالأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي (والحبشة ربما تكون ورقة ضغط أو آخر ورقة لأمريكا) ، ولا ننسى دور الحكومات العربية في التشويش والتضليل على الرأي العام العربي والإسلامي ، فالمؤتمرات والمحاورات والمشاورات ربما تكثر في الأيام القادمة لتخدير المسلمين وصرفهم عن القضية ، فعلى المسلمين في الأرض أن يعلموا ويوقنوا بأنه ليس هناك حاكم عربي واحد يهمه أمر المسلمين ، فالكل مشغول بكرسيه وشهواته وملذاته وسرقاته أموال المسلمين ، فهؤلاء الدمى ليس لهم في الأمر ناقة ولا جمل ، إنما هم عبيد مسيّرون من قبل أمريكا ، وهذه هي الحقيقة التي يجب أن يقيس عليها كل إنسان حساباته السياسية .. والدور الوحيد الذي قد يلعبه الحكام العرب هو : إرسال المساعدات "الإنسانية" للحكومة الإنتقالية ، على غرار المساعدات "الإنسانية" للسلطة الفلسطينية ، وكلنا يعرف المغزى من هذه المساعدات "الإنسانية" التي لم تخرج إلا بعد ظهور التيار الإسلامي ..

المطلوب أن لا يعول أحد على هذه المؤتمرات شيئا ، وأن يتوكل الناسُ على الله ويستعدوا للجهاد في سبيل الله في الثغر الصومالي المحتمل .. وعلى الصوماليين أن يعدوا العدة وأسباب القوة ويُكثروا هذه الأيام من حفر الخنادق ويرسموا الخطط العسكرية ويكثروا من الترتيبات الأمنية ويركزوا على الدعوة إلى الله وكسب عوام الناس في صفوفهم فإنما يُنصر المسلمون بضعفائهم ، كل ذلك تحقيقا لقول ربنا سبحانه وتعالى {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ} (الأنفال : 60) ، وإن هم تهاونوا في الإعداد وتركوا أمر الله فلا يترقبوا النصر الموعود ، فإن النصر لا يأتي إلا بطاعة الناصر سبحانه ..

لقد كانت الحرب الصومالية الداخلية نتيجة طبيعية لحقبة زمنية غلبت عليها الإشتراكية والعلمانية ، وغاب عنها الحكم بالشريعة الإسلامية ، وهذه سنة إلهية حتمية فيمن ترك التحاكم لشرعه واستبدله بغيره ، قال النبي صلى الله عليه وسلم "يا معشر المهاجرين ، خصال خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا ، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم ، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا ، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم من غيرهم فأخذوا بعض ما كان في أيديهم ، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله عز وجل ويتحروا فيما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم". ‌(صححه الألباني في صحيح الجامع) .‏‌

فعندما ترك القوم التحاكم لشرع الله وتحكمت الأهواء في الأنفس : غاب العدل وظهر الظلم والقهر والقتل ، وسلبت الأموال وهُتكت الأعراض ، وكل هذا أحدثه الصوماليون أنفسهم ، ومن لطف الله وقدره أن جعل ظهور الإسلام على يد "المحاكم الشرعية" التي إن استتب لها الأمر غاب التناحر بين الإخوة ، فحُكم الله هو العدل المحض وغيره الظلم المحض ، فلا يستقيم حال الناس إلا بحكم الله ..

لا بد لأبناء الصومال أن يدركوا حجم الموقف ، وأن يعودوا إلى الله ، فسنة الله مضت فيهم لتنحيتهم شرع الله ، وإن هم لم يرجعوا إلى الله الآن فهناك سنة ثانية ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في نفس الحديث تكاد تدركهم ، وهي قوله عليه الصلاة والسلام "ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم من غيرهم فأخذوا بعض ما كان في أيديهم" ، فإن لم يرجعوا إلى الدين ويتداركوا الأمر فإن الله يسلط عليهم أوباش الحبشة أو نصارى الغرب أو كفار أفريقيا الوثنيون فيأخذون بعض ما كان في أيديهم ، وقد أخذ الكفار من الصومال الكثير ، فهل يتعض الغافلون ..

على أبناء القبائل والعشائر الصومالية أن يتقوا الله في أنفسهم وفي دينهم ، ولا يركنوا إلى الدنيا ولا إلى عصبيات جاهلية ما أنزل الله بها من سلطان ، وكم من إنسان غرته حمية وعصبية فقاتل من أجلها وقُتل فخسر دنياه وآخرته لدنيا غيره ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قـتل تحت راية عمية ، يدعو عصبـية أو ينصر عصبـية ، فقتلته جاهليـة" (رواه مسلم) ..

على أمراء الحرب وزعماء القبائل والعشائر أن يتقوا الله في أنفسهم وأهليهم ولا يوردوهم مهلكة الكفر والصد عن دين الله ، فإن كل متبوع مسؤول عمن تبعه ، ولا يكونوا في قتالهم الداخلي أشداء على إخوانهم ، وإن أتاهم التهديد الخارجي الصليبي خنسوا وركنوا وباعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل ، فيكونوا على خلاف ما وصف الله به عباده اللمؤمنين {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} ، فيكونوا أشداء على المؤمنين أذلاء للكافرين ، وهذه ليست سمات المؤمنين الذي قال الله عنهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (المائدة : 54) ، فالذين يحبهم الله ويحبونه ، لهم صفات ذكرها الله هنا :

1- {أذلة على المؤمنين} ، يتواضعون ويخفضون لهم الجناح ويحبونهم ويقدمونهم على أنفسهم ويتجاوزون عن مسيئهم ويُكرمون محسنهم ، يوقرون كبيرهم ويعرفون حق صغيرهم ، الغريب والقريب المسلم عندهم سواء .
2- {أعزة على الكافرين} يكفهرون في وجوههم ويغلظون لهم القول والفعل ولا يبدأونهم بالسلام ويضطرونهم لأضيق الطريق ، وإن حاربوهم ضربوا فوق أعناقهم وضربوا منهم كل بنان وحزوا رقابهم وشدوا وثاقهم وأرهبوهم وخلعوا قلوبهم من صدورهم ، القريب والبعيد الكافر عندهم سواء ..
3- {يجاهدون في سبيل الله} وليس في سبيل قبلية أو قومية أو عرقية أو قطرية أو لون أو جنس ، بل في سبيل الله ولإعلاء كلمة الله وحده سبحانه ، فالصحابة قتل بعضهم أباه وقتل بعضهم أخاه وعادوا أهليهم في سبيل دينهم فرضي الله عنهم.
4- {ولا يخافون لومة لائم} لا يأبهون لقول عشيرة ولا قبيلة ولا صحافة ولا إعلام ولا شرق ولا غرب ، بل همهم الأوحد : رضى الله وحده .

إذا حققوا هذا : تحققت فيهم الصفة القرآنية التي ذكرها الله في كتابه {تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (الفتح : 29) ، فصاروا بين مغفرة وأجر عظيم ..

اللهم ابرم في الصومال أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك ويمكَّن به دينك وتعلوا به رايتك ، إنك على كل شيء قدير ..

والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..


كتبه
حسين بن محمود
25 جمادى الأولى 1427هـ

__________________
الله أكبر
__________________