ثم أرسلت له هذه الرسالة :
سيدي الكريم، السـلام عليكم ورحمة الله وبركـاته. جزاكم الله خيرا على التوضيح فقد استفدت منكم كثيرا ..
أرجو أن تتحملوني قليلا، وخذوا راحتكم في الجواب:
قرأت ( منهاج السنة ) و ( الموافقة ) وما كلامي معكم إلا نتاج مـا قرأتـه.
وعلى فكرة كنت أناقش هذه المسـألة وهابيا ثم ألف كتابا يدافع عن هذه العقيـدة ( أعني: قدم العـالم ) ويرد شبهات المعارضين كالكوثري وغيره، والكتاب معي كاملا أرسله إلي عن طريق البريد الإلكتروني، وطلبت مناقشـته من خلال البريد فأرسـلت ردي إلا أنه لم يجبني إلى الآن!!
أعود لابن تيمية:
فإني لم أجـد الجواب عن: هل يوجب ابن تيمية أن يكون هذا العالم حَدَث بعد (( فناءِ مُحْدَثٍ )) قَبْلَه؟!
وقد اسـتدللتم على ذلك: ( بأن الحراني يعتبـر وجود المحدث المعين أزلاً يوجب بقـاءه أبداً، ويثبت لـه وجوب الوجود ).
والذي فهمتُه من هذا الاسـتدلال: ( أن بقاء المحدث أبـداً يمنع حدوث حادث آخر ما لم ينعدم هذا الحادث )
فإن كان ما فهمته صحيحا فإن ابن تيمية في منهاجه يقول إن الشـبهة التي وقـع فيها المتكلمون هو عدم تفريقهم بين تسلسل الفاعلين وتسلسل المفعولات.
وأين قال ابن تيمية أن فنـاء الحادث شـرط لوجود حادث بعده؟ إلا إن كان هذا الحـادث مخلوق من ذلك الحادث: كسـيدنا آدم من تراب وسيدتنا حواء من ضلعه وبنيهما من نطفة؟
ثم إن العرش أبْدِيَ وقد خلق الله السـماوات والأرض بعده ولم يفن العرش!! بل يسـتدل ابن تيمية بحديث ( كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشـه على الماء ): أن العرش كـان قبـل هذا العالم المشهود، والعرش باق لم يفن!! وقد قرأت منهاج السنة والموافقة فلم أجد هذا الشرط؟!!
وأما بالنسبة ( لتعلق الصفة بأثرها )، فالذي كنت أريد أن أقوله هو: أن ابن تيمية لا يقـول بأن ( الوجود إن خـلا من مخلوق انتفى كون الله تعالى خالقاً )، هذا ما فهمته من كلامه وكلام أتباعه.
طبعـا هذا لا يمنع أن يكون ابن تيمية ممن يقول بوجوب النوع لا بجوازه، ويبدو أنه كذلك.
فإن القول بجواز ذلك أصلا غيـر منطقي ولا معقول؛ فلو تحقق هذا التسلسل كان واجبـا بالذات ـ كما قلتم ومـا اسـتدللتم به من كلامه ـ، ويمتنع أن يقـال حينئذ أن هذا التسلسل يمكن أن لا يكون حاصلا.
ولا أخفيك: أني ـ من ناحية أخرى ـ لم أسـتطع أن أجمع بين قوله أن ( نوع الأفعال واجب )، وأن ( نوع المفعولات جائز )؟! فما الذي جعل نوع الأفعـال واجبـا وليس جائزاً إذا كانت الإرادات والأفعال والحروف والأصوات وغيرها من آثار صفاته عنده تحت المشيئة؟! فعلا في كلامه غموض كثير!!
على أن المخالفين له قد بالغوا في اتهامه كالسبكي وغيره.
وعلى كل حال، فابن تيمية قائل بقدم العالم إذ إن العالم كما قال هو كل ما سوى الله تعالى.
وهل ينكـر ابن تيمية أن ذرات التـراب مخلوقة؟ فلو خلق الله تعالى من الأزل ذرة ذرة، هل يقول التراب قديم بالنوع إلا ذو اللب المعكوس؟!! ألم يسـتدل على بدعته هذه بقول الله تعالى { أكلها دائم وظلها } على بقاء النوع ودوامه؟!! وهل هذا إلا دليل على أنه يجوز أن يكون التراب قديمـا!! والألوان قديمة!! والزمان قديم لم يزل مع الله تعـالى؟!!
جزاكم الله خيرا ..
تلميذكم
|