عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 03-03-2001, 01:58 PM
المؤيد الأشعري المؤيد الأشعري غير متصل
عضو فعّال
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2000
المشاركات: 226
Post

بسم الله وبه نستعين

نكمل ما انتهينا عنده:
ففي (( سير أعلام النبلاء )) (2/606) والبداية والنهاية (8/109) عن بسر بن سعيد ( وهو من كبار التابعين ومن رجال الستة ) قال : (( اتقوا الله وتحفظوا من الحديث ، فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدِّث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، ويحدِّثنا عن كعب ، ثمَّ يقوم ، فأسمع بعض مَنْ كان معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب ، ويجعل حديث كعب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .

أنَّ أولئك الصحابة ما كانوا يعتقدون صحة ما رووه عن أولئك ويظهر أيضاً أنهم ذكروا تلك الأقوال عنهم ليعلم أصحابهم أنها من الأفكار اليهودية التي شاعت وذاعت في ذلك العصر .

وقد اعترف بذلك المتمسلفون في عصرنا هذا ومن ذلك ما قاله رضاء الله المباركفوري في مقدّمة تحقيقه لكتاب العظمة لأبي الشيخ الأصبهاني (1/140) حيث صرَّح بذلك فقال :
(( وتسرّبُ الإسرائيليات إلى المسلمين ومبدأ دخولها في علومهم أمر يرجع تاريخه إلى عهد الصحابة ، وذلك لأنَّ القرآن يتفق مع التوراة والإنجيل في ذكر بعض المسائل والحوادث التاريخية ، وإن كان بينه وبين التوراة والإنجيل فرق كبير وهو الإيجاز الذي يتميَّز به القرآن ويجعله معجزة ، والإطناب والتفصيل اللذان يتصف بهما التوراة والإنجيل ، إضافة إلى تحريفهما وتغييرهما كما نصَّ القرآن على ذلك )) .

وأقرَّ بهذا الاحتمال الألباني !!!
حيث قال أثناء تخريج حديث في سنة ابن أبي عاصم ص 249 حديث (568) : (( إسنــــــاده ضعيف والمتن منكر كأنه من وضع اليهود )) !! وهذا اعتراف صريح بأن الفكر الإسرائيلي أو اليهودي له يد في وضع بعض الأحاديث التي تنبثق فيما بعد عنها الأفكار والمفاهيم !!

وروى الطحاوي في شرح معاني الآثار (2/361) بإسناد جيد أنه قيل
للحسن البصري : قد كان يُكره أن يضع الرجل إحدى رجليه على الأخرى ؟ فقال : ما أخذوا ذلك إلا عن اليهود .

وأما سيدنا سلمان رضي الله تعالى عنه فكان يقرأ في الكتب القديمة كتب أهل الكتاب قبل إسلامه وأما بعد إسلامه فلم يقرأ شيئاً من ذلك كما ظهر لنا بالتتبع ، وقد حاول مروّجو الفكر الإسرائيلي أن يضعوا بعض ذلك على لسان أمثال سيدنا عبدالله بن مسعود وأبي موسى وأبي مالك الأشعريين ومعاذ بن جبل !!

وأما عبدالله بن عمرو بن العاص خاصة فلم يقتصر على ما سمعه من مثل كعب أو ابن سلام بل كان عنده حمل زاملتين ( أي ناقتين ) كما تقدَّم من كتب أهل الكتاب جاء بهما من بلاد الشام لـمَّا رجعوا من معركة اليرموك فكان يعتني بتلك الكتب فيقرأها ويروي للناس ما فيها !! كما قال الحافظ ابن حجر في كتاب (( النكت على كتاب ابــن الصلاح )) (2/532) شارحاً قول الحافظ ابن الصلاح ( إذا كان الصحابي ينظر في الإسرائيليات فلا يُعطى تفسيره حكم الرفع ) ما نصه :
(( وكعبدالله بن عمرو بن العاص ، فإنه كان حصل له في وقعة اليرموك كتب كثيرة من كتب أهل الكتاب فكان يخبر بما فيها من الأمور المغيبة ، حتى كان بعض أصحابه ربما قال له : حدّثنا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلّم ولا تحدّثنا عــن الصحيفـة، فمثل هذا لا يكون حكم ما يخبر به من الأمور التي قدَّمنا ذكرهـا الرفـع لقوَّة الاحتمال )) انتهى كلام الحافظ وهو كلام حسن نفيس جداً .

ومن هذا الأمر تبيَّنت لي قاعدة واضحة جلية ، وهي أنَّ الذين جالسوا كعباً ونحوه من الصحابة كأبي هريرة وأبي سعيد وابن عباس وأنس بن مالك وعبدالله بن عمر وعبدالله بن عمرو بن العاص لا يُسلَّم لما هو مروي عنهم من الأحاديث المرفوعة على أنه حقاً من المرفوعات ومن كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، بل لا بدَّ من سبر ما في الحديث من أفكار فإن لمسنا أن فيه ما يخالف القرآن أو الأصول والقواعد أو فيه شبه بمنطق الحكايات والأوصاف الإسرائيلية وإن كان في كتب الصحاح رددناه وحكمنا بأنه من الإسرائيليات ، ولا أقول بأنَّ أولئك الصحابة هم الذين رفعوا هذه الأخبار وإنما أجزم بخطأ من روى ذلك عنهم فظنَّه من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرفعه !!

وتقدّم عن بسر بن سعيد ( وهو من كبار التابعين ومن رجال الستة ) قال : (( اتقوا الله وتحفظـــوا من الحديث ، فوالله لقد رأيتنا نجالس أبا هريرة فيحدِّث عن ....)) إلى آخر الكلام .
[ انظر (( سير أعلام النبلاء )) (2/606) و (( البداية والنهاية )) (8/109) ] .

والمقصود أننا جــازمون وقاطعون بأنَّ ذلك ليس من كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم !! كحديــث الصورة الطويل المروي في الصحيحين من رواية أبي سعيد وأبي هريرة ، فإننا جازمون وقاطعون بأنَّ هذا الحديث ليس من مشكاة النبوَّة وإنما هو منقول عن ابن سلام أو كعب الأحبار !! وهـو شـاذ بمـرة .

ومما يستدلُّ به على هذه القاعدة حديث التربة المروي في صحيح مسلم والذي سيق هناك على أنه من رواية أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم !!

قال ابن كثير في تفسيره (1/99طبعة الشعب) : (( هذا الحديث من غرائب صحيح مسلم ، وقد تكلَّم عليه ابن المديني وغير واحد من الحفاظ وجعلوه من كلام كعب الأحبار ، وأنَّ أبا هريرة إنما سمعه من كلام كعب الأحبار ، وقد اشتبه على بعض الرواة فجعله مرفوعاً ))
والذي يهمنّا هنا الآن من هذا الحديث هو صيغة السماع المروية فيه بين أبي هريرة وبين سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهي كما جاء في صحيح

أكتفي هنا ونكمل إن شاء الله