حياد تركيا خلال الحرب العالمية الثانية :
كان حرص تركيا على وقوفها محايدة في الحرب العالمية الثانية واضحا ، وقد كلفها حيادها أثمانا غالية ، كما أفادها من جانب آخر ..
لقد أحس الأتراك بالخطر الضخم من المفاوضات السوفييتية الألمانية التي سبقت الحرب العالمية الثانية ، والتي نتج عنها ميثاق 23/8/1939 ، والذي لو تم تنفيذه ، وتحالف السوفييت مع الألمان ، لكان أثر ذلك ليس واضحا على تركيا فحسب بل يمكن أن يتغير معه كل أنظمة العالم !
إن هذا جعل الأتراك يفضلون الحياد ، وعدم المجاهرة فيما بعد بنصرة الحلفاء (بريطانيا وفرنسا و روسيا ) ضد دول المحور ( ألمانيا و إيطاليا و اليابان ) ..
وما أن حل حزيران (يونيو) 1941 حتى وجدت تركيا نفسها مطوقة ببلاد تحتلها ألمانيا أو تسيطر عليها سياسيا .. فقد كانت رومانيا وبلغاريا تدوران بفلك الألمان ، كما احتلت إيطاليا (حليفة ألمانيا) اليونان .. وحتى سوريا وكريت وقبرص ويوغسلافيا ، كلها كانت تحت حكم الألمان بشكل مباشر أو غير مباشر ، كما نجح سفير ألمانيا في تركيا ( فون باين) بإقناع تركيا في الدخول بمفاوضات لتطوير العلاقات ، وقد ساعده في ذلك تعاطف بعض كبار الضباط في الجيش التركي مع ألمانيا ..
كما عقدت اتفاقية مع ألمانيا في 5/10/1941 أمدها عشرة سنوات ، تتعهد الدولتان بعدم الاعتداء وعدم التدخل بشؤون الدولة الأخرى ، كما تم بموجب تلك الإتفاقية تصدير 90 ألف طن من الكروم التركي الى ألمانيا ، مقابل حصول تركيا على أسلحة ومعدات حربية ألمانية بقيمة 100 مليون ليرة تركي ..
وبعد دخول الولايات المتحدة الحرب الى جانب بريطانيا ، زار روزفلت وتشرشل ، تركيا عام 1943 وطلبا من (عصمت إينونو) الدخول الى جانبهم في الحرب وذلك في تشرين الثاني (نوفمبر) من عام 1943 ..والابتداء بخطوة استخدام القواعد التركية من قبل جيوش الحلفاء ، فاشترط الأتراك الحصول مقابل ذلك على المال والسلاح ..
وبقي الأتراك مترددين في قبولهم الإنضمام لأي طرف ، حتى بدت علامات الهزيمة لألمانيا تلوح في الأفق ، فأعلنوا أنهم الى جانب الحلفاء في الحرب ضد ألمانيا في الأول من آذار (مارس ) عام 1945 .
لم تدخل تركيا الحرب فعليا ضد ألمانيا ، ولكنها ضمنت الجلوس مع المنتصرين ، ورغم عدم دخولها الحرب فقد تكلف اقتصادها الشيء الكثير من الخسائر أثناء الحرب العالمية الثانية ، فانخفضت وارداتها عام 1942 الى ثلث ما كانت عليه قبل الحرب ، كما ارتفعت الضرائب ، وأعلنت الأحكام العرفية .. وتم مصادرة حبوب المزارعين بأثمان منخفضة .. وتكونت في تلك الفترة طبقة اقتصادية أثرت ولا تزال تؤثر على طبيعة الحياة السياسية والاقتصادية في تركيا ..
ــــ
المراجع :
• جورج لشوفسكي ، الشرق الأوسط في الشؤون العالمية ، ترجمة جعفر الخياط بغداد 1964 ص 189
عبد الجبار قادر غفور .. تاريخ تركيا المعاصر 1918ـ 1988 الموصل 1988
__________________
ابن حوران
|