عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 28-06-2006, 07:18 AM
الرد الرد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2006
المشاركات: 93
إفتراضي

و أخرجه أبو داود في (الكتاب والباب السابقين)(3/رقم 3031/425) والترمذي كذلك (4/رقم 1606/156) والنسائي في (الكبرى)(كتاب السير/ إجلاء أهل الكتاب) (8/ رقم 8633/58) من طريق سفيان- وهو الثوري- عن أبي الزبير عن جابر به.
ولم يذكر أبو داود لفظه وإنما قال:" بمعناهُ، والأول أتم".
وأما لفظ الترمذي ففيه:" لئن عشتُ إن شاء الله لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب"، وأمَّا لفظ النسائي فهو بمثل لفظ ابن جريج الأول، وفيه لفظة (حتى لا يبقى) بدل (حتى لا أدع) والمعنى واحدٌ.
الحديث الثالث: عن ابن عمر t: أنَّ يهود بني النضير و قريظة حاربوا رسول الله r؛ فأجلى رسول الله بني النضير، وأقرَّ بني قريظة ومنَّ عليهم، حتى حاربت قريظة بعد ذلك، فقتل رجالهم وقسم نساءهم و أولادهم و أموالهم بين المسلمين، إلا أنَّ بعضهم لحقوا برسول الله r فآمنهم و أسلموا، وأجلى رسول الله r يهود المدينة كلهم؛ بني قينقاع –وهم قوم عبدالله بن سلام-، ويهود بني حارثة، وكل يهوديٍّ كان بالمدينة).
أخرجه مسلم في (كتاب الجهاد والسير/ باب إجلاء اليهود من الحجاز)(3/ رقم 62(1766)/ 1387).
الحديث الرابع: عن أبي عبيدة بن الجرَّاح رضي الله عنه قال: آخرُ ما تكلَّم به النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ( أخرجوا يهودَ أهل الحجاز، و أهل نجران من جزيرة العرب، و اعلموا أن شرار الناس الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد).
أخرجه الإمام أحمد في (المسند)(3/ رقم 1691/221) والبخاري في (التاريخ الكبير)(4/57) و الدارمي في (السنن)(2/233) و أبو يعلى الموصلي في (المسند)(2/رقم 872/177) والبيهقي في (الكبرى)(9/208) من طرقٍ عن يحيى بن سعيد عن إبراهيم ابن ميمون ثنا سعد بن سمرة بن جندب عن أبيه به.
وإسناده صحيحٌ، وصححه الإمام ابن عبدالبر في (التمهيد)(1/169) و العلامة الألباني في (الصحيحة)(رقم 1132).
التعليق:
دلَّت هَذهِ الأَحَادِيْثُ - وما جَاءَ فِي مَعْنَاها- فِي ظَاهِرِهَا عَلَى وجُوب إِخْراجِ اليَهُودِ وَ النَّصَارى أو المشْرِكِيْنَ مِنْ جَزِيْرَةِ العَرَبِ؛ لَكَنْ تَبْقَى عِدَّة أُمُورٍ لاَ بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا كَيْ يَنْجَلي مَعْنَى هَذهِ الأَحَاديث، مِنْ ذَلك:
1/ مَا الْمُرادُ بِجَزيْرَةِ العَرَبِ؟ هَلْ هِيَ كُلُّ مَا يُطْلَقُ عَليهِ مُسَمَّى جَزِيرة العَربِ؟ أَمْ هُو عَامٌ مَخْصُوصٌ؟.
2/ هَلْ سَلِمَتْ هَذهِ الأَحَادِيْث مِنْ مُعَارضٍ لَهَا مِنْ أَحَادِيْثِ رَسُولِ الله صَلَّىَ الله عَليْهِ وَسَلَّمَ؟.
3/ هَل الإِذْنُ بِدُخُولِهم هُو لِكُلِّ أَحَدٍ أَمْ هُو مُخْتَصٌّ بِالإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ؟ وَ عَلَيْهِ فَهل يُخْرِجُهم كل أحدٍ أَمْ هو للوالي؟.
4/ هَل هُناكَ مَعْنَىً آخَر لِلإخْرَاجِ سِوَى الإِبْعَادِ وعدمِ الاسْتِيْطَان!؟ أَيْ هَلْ مِنْ مَعَانِي الإِخْرَاجِ الْمُرَادِ فِي هذهِ الأَحَاديث هُو قَتْلهم وَ ذَبْحهم!؟.
5/ لِمَاذَا أَجْلَى عُمُر رَضِي الله عنْهُ يَهُودَ خَيْبَر؟
6/ وَ هَل الْمَنْع الوَاردِ فِي الأَحَادِيْثِ يَشْمَلُ مُرُورَهُم عَلَيْهَا أَيْضَاً أَمْ لاَ يَشْمَلُهُ؟.
7/ هَلْ يَدْخُل فِي الْمَنْعِ البَحْر أيضَاً أَمْ هَذَا خَاصٌّ بِالبرِّ؟.
8/ مَا العَمَلُ فِيْمَا إِذَا كَانُوا تُجَّارَاً يَمُرُّونَ بِتِجَارَاتِهم عَلَى الْحِجَازِ؟.
كل هذا وغيره مما قد يرد حول هذه الأحاديث تجدُ إجابته فيما أنقله لك عن بعض أهل العلم، في هذا المقام، فمن ذلك:
1/ ذكر الإمام البخاري في (الجامع الصحيح)(كتاب الجهاد/ باب جوائز الوفد) (6/ص170-فتح) عقب حديث ابن عباس المتقدم :" قال يعقوب بن محمد: سألت المغيرة ابن عبدالرحمن عن جزيرة العرب؟ فقال: مكة والمدينة واليمامة واليمن".
و أسند أبو داود في (السنن)(كتاب الخراج)(باب في إخراج اليهود من جزيرة العرب)(3/رقم 3033/425) عن سعيد بن عبدالعزيز أنَّه قال:" جزيرة العرب: ما بين الوادي إلى أقصى اليمن إلى تُخوم العراق إلى البحر".
وقال أبو داود-عقبه- قرئ على الحارث بن مسكين و أنا شاهدٌ: أخبرك أشهب بن عبدالعزيز قال: قال مالك: عمرُ أجلى أهل نجران ولم يُجلوا من تيماء؛ لأنها ليست من بلاد العرب، فأما الوادي فإني أرى إنما لم يُجل من فيها من اليهود أنهم لم يروها من أرض العرب".
وبوَّب الإمام الحافظ أبو محمد البغوي (ت516هـ) في (شرح السنة) (11/180) لحديث ابن عباس (باب إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب) ثم قال:" قال يعقوب ابن محمد..-ثم نقل قوله المتقدم وقول سعيد بن عبدالعزيز السابق، وزاد- و قال أبو عبيد: جزيرة العرب: ما بين حفر أبي موسى إلى أقصى اليمن في الطول، وأما العرض فما بين رمل بيرين إلى منقطع السماوة..- ونقل قول مالك السابق أيضاً".
وذكر الإمام أبو عمر بن عبدالبر (ت463هـ) في (التمهيد)(1/169-173) رواية عمر وإجلاءه يهود خيبر إلى تيماء وأريحاء، وأسند حديث أبي عبيدة المتقدم و صححه، ثم ذكر قول مالك و أبي عبيد المتقدم.
2/ قال الإمام الحافظ أبو جعفر الطحاوي (ت321هـ) في (مشكل الآثار)(5/669) :" فتأملنا هذا الحديث، فاحتجنا إلى العلم بجزيرة العرب ما هي؟ فوجدنا محمد بن الحسن فيما قاله لنا محمد بن العباس الرازي- ثم أسنده إلى محمد بن الحسن- أنَّه قال: فأما أرض العرب يعنى التي لا يترك فيها اليهود والنصارى يقيمون فيها إلا مقدار ما يقضون حوائجهم من بيع تجاراتهم التي قدموا بها فمثل مكة والمدينة والطائف والربذة، ووادى القُرى،هذا كلُّه من أرض العرب.
ثم نقل قول أبي عبيد المتقدم ونحوه قول الأصمعي وغيرهما، ثم أسند إجلاء النبي r لبعض اليهود- وهو حديث ابن عمر المتقدم- ثم بين سبب الإجلاء من خيبر؛ بأن النبي r صالحهم على شطر ما يخرج منها ، فلما كانوا زمن عمر بن الخطاب غالوا في المسلمين و غشوهم، ورموا ابن عمر من فوق بيت، ففدعوا يديه، فقال عمر: من كان له سهم من خيبر فليخرص حتى نقسمها بينهم...فهذا الذي روي مما تناهى إلينا في السبب الذي به أجلى عمر من أجلى من يهود خيبر".
3/ قال العلاَّمة الفقيه يحيى بن أبي الخير العمراني الشافعي (ت558هـ) في كتابه (البيان) وهو شرح لكتاب (المهذب) للشيرازي (12/289)(كتاب السير/ باب صفة عقد الذمة):" و لا يجوز لأحدٍ من الكفار الإقامة في الحجاز، و لا يجوز للإمام أن يصالحهم على ذلك؛ فإن فعل..كان الصلحُ فاسداً، لما روى ابن عباس..-فذكر حديثه المتقدم- و روى عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لأخرجن اليهود من جزيرة العرب)، وروت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يجتمع دينان في جزيرة العرب).
والمراد بجزيرة العرب في هذه الأخبار: الحجازُ، وهي: مكة والمدينة واليمامة ومخالفيها -ثم ذكر سبب التسمية بذلك، وقال- والحجاز بعض جزيرة العرب؛ فإن جزيرة العرب في قول الأصمعي..- ثم نقل بعض الأقوال المتقدمة في ذلك ثم قال- والدليل على أن المراد بهذه الأخبار الحجاز لا غير: ما روى أبو عبيدة بن الجراح: إن آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم أن قال: ( أخرجوا اليهود من الحجاز، وأهل نجران من جزيرة العرب) لـ (أنَّه صالحهم على ترك الربا، فنقضوا العهد)، وروي أن عمر رضي الله عنه أجلى أهل الذمة من الحجاز فلحق بعضهم بالشام، وبعضهم بالكوفة)، وأجلى أبو بكر رضي الله عنه قوماً من اليهود من الحجاز، فلحقوا بخيبر، وأجلى عمر رضي الله عنه قوماً فلحقوا بخيبر أيضاً، وأُقروا فيها، وهي من جزيرة العرب.
وما روي أنَّ أحداً من الخلفاء الراشدين أجلى مَن في اليمن من أهل الذمة و إن كانت من جزيرة العرب، فدل على ما ذكرناه، وروي أيضا أن نصارى نجران أتوا علياً رضي الله عنه فقالوا له: إن الكتاب بيدك والشفاعة على لسانك، وإن عمر أخرجنا من أرضنا، فرُدَّنا إليها، فقال علي رضي الله عنه: إن عمر كان رشيداً في فعله، وإن لا أُغيِّرُ شيئاً فعله عمر. ونجران ليست من الحجاز، وإنما لنقضهم الصُّلح الذي صالحهم النبي صلى الله عليه و سلم على ترك الربا.
فإن دخل داخلٌ منهم الحجاز بغير إذن الإمام، أخرجه وعزره إن كان عالماً أن دخوله لا يجوز، و إن استأذن الإمام بعضهم في الدخول، نظر الإمام: فإن كان في دخوله مصلحة للمسلمين، إمَّا لأداء رسالةٍ أو عقد ذمَّة أو هدنةٍ أو حمل ميرةٍ، أو متاع فيه منفعة للمسلمين، جاز له أن يأذن له في الدخول؛ لقول تعالى{و إن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه}، فأجاز: أن يُسمع المسلمون المشركَ القرآن، وذلك يتضمن الدخول...
ولا يجوز لمن دخل منه الحجاز بإذن الإمام أن يُقيم في موضعٍ أكثر من ثلاثة أيام، لما روى أن عمر رضي الله عنه أجلى اليهود والنصارى من الحجاز، وأذن لمن دخل منهم تاجراً أن يقيم ثلاثاً) و لأنه لا يصير مقيماً بالثلاث، ويصير مقيماً بما زاد. فإن أقام في موضع ثلاثة أيام ثم انتقل منه إلى موضع و أقام فيه ثلاثة أيام، ثم كذلك يقيم في كل موضعٍ ثلاثاً فما دون؛ جازَ؛ لأنه لم يصر مقيماً في موضعٍ.

يتبع