عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 20-01-2001, 11:25 PM
طارق طارق غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2001
المشاركات: 20
Post

بسم الله الرحمن الرحيم
آسف لم يظهر لي اجابتكم في البداية ولكن ردي كما ردتت على الفاروق
في كتاب التوسل حكمه وأقسامه لفضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله والعلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني
قالوا فيها:
الشبهة الثانية
حديث ضرير

بعد أن فرغنا من تحقيق الكلام في حديث توسل عمر بالعباس رضي الله عنهم، وبينا أنه ليس حجة للمخالفين بل هو عليهم، نشعر الان في تحقيق القول في حديث الضرير، والنظر في معناه: هل هو حجة لهم(أي أنتم)أم عليهم؟ فنقول: أخرج أحمد وغيره بسند صحيح عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالادع الله أن يعافيني. قال: ((إن شئت دعوت لك، وإن شئت أخرت ذاك، فهو خير)) وفي رواية: ((وإن شئت صبرت فهو خير لك))، فقال : ادعه. فأمر أن يتوضأ، فيحسن وضوءه، فيصلي ركعتين، ويدعوا بها هذا الدعاء: ((اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنيبك نبي الرحمة، يا محمد إني توجهت بك إلى ربك في حاجتي هذه، فتقضي لي، اللهم فشفعه في وشفعني فيه.)) قال:ففعل الرجل، فبرأ.
يرى المخالفون(أي أنتم):
أن الحديث يدل على جواز التوسل في الدعاء بجاه النبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الصالحين، إذ فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم علَّمَ الأعمى أن يتوسل به في دعائه، وقد فعل الأعمى ذلك فعاد بصيراً.
وأما نحن فنرى أن هذا الحديث لا حجة لهم فيه على التوسل المختلف فيه،وهو التوسل بذات، بل هو دليل آخر على النوع الثالث من أنواع التوسل المشروع الذي أسلفناه؛ لأن توسل الأعمى إنما كان بدعائه، والأدلة على ما نقول من الحديث نفسه كثيرة، وأهمها:
أولاً: أن الأعمى إنما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليدعوا له، وذلك قوله: ((ادع الله أن يعافيني))، فهو قد توسل إلى الله تعالى بدعائه صلى الله عليه وسلم؛لأنه يعلم أن دعائه صلى الله عليه وسلم أرجى للقبول عند الله بخلاف دعاء غيره، ولو كان قصد الأعمى التوسل بذات الرسول صلى الله عليه وسلم أو جاهه أو حقه لما كان ثمة حاجة به إلى أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم، ويطلب منه الدعاء له، بل كان يقعد في بيته، ويدعو ربه بأن يقول: ((اللهم إني أسئلك بجاه نبيك ومنزلته عنك أن تشفيني، وتجعلني بصيرا)). ولكنه لم يفعل، لماذا؟لأنه عربي يفهم معنى التوسل في لغة العرب حق الفهم، ويعرف أنه ليس كلمة يقولها صاحب الحاجة يذكر فيها اسم المتوسل، بل لا بد أن يشتمل على المجيء إلى من يعتقد فيه الصلاح والعلم بالكتاب والسنة، وطلب الدعاء منه.
ثانياً: أن النبي صلى الله عليه وسلم وعده بالدعاء مع نصحه له ببيان ماهو الأفضل له، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك)). وهذ الأمر الثاني هو ما أشار إليه صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه عن ربه تعالى أنه قال: ((إذا ابتليت عبدي بحبيبتية – أي عينيه- فصبر، عوضته منهما ىالجنة))<رواه البخاري>.
ثالثاً: إصرار الأعمى على الدعاء وهو قوله: ((فادع)) فهذا يقتضي أن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا له، لأنه صلى الله عليه وسلم خير من وفى بما وعد، وقد وعده بالدعاء له إنشاء كما سبق، فقد شاء الدعاء وأصر عليه، فإذن لابد أنه صلى الله عليه وسلم دعا له،
فثبت المراد ، وقد وجه النبي صلى الله عليه وسلم الأعمى بدافع من رحمته، وبحرص منه على أن يستجيب الله تعالى دعائه فيه، وجهه إلى النوع الثاني من التوسل المشروع وهو التوسل بالعمل الصالح، ليجمع له الخير من أطرافه، فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين ثم يدعو لنفسه، وهذه الأعمال طاعة الله سبحانه وتعالى يقدمها بين يدي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له، وهي تدخل في قوله تعالى: ((وابتغوا إليه الوسيلة)) كما سبق.
وهكذا لم يكتف الرسول صلى الله عليه وسلم بدعائه للأعمى الذي وعده به، بل شغله بأعمال فيها طاعة لله سبحانه وتعالى وقربة إليه؛ ليكون الأمر مكتملاً من جميع نواحيه، وأقرب إلى القبول و الرضا من الله سبحان وتعالى، وعلى هذا فالحادثة كلها تدور حول الدعاء _ كما هو ظاهر _ وليس فيها شيء مما يزعمون.
وقد غفل عن هذا الشيخ الغامري أو تغافل، فقال في (المصباح-24) : ( ((وإن شئت دعوت: أي وإن شئت علمتك دعاء تدعو به، ولقنتك إياه، وهذا التأويل واجب ليتفق أول الحديث مع آخره)).
قلت: هذا التأويل باطل لوجوه كثيرة منها: أن الأعمى إنما طلب منه صلى الله عليه وسلم أن يدعو له، لا أن يعلمه الدعاء، فإذا كان قوله صلى الله عليه وسلم له: ((وإن شئت دعوت)) جواباً على طلبه تعين أنه الدعاء له، ولا بد، وهذا المعنى هو الذي يتفق مع آخر الحديث، ولذلك رأينا الغامري لم يتعرض لتفسير قوله في آخره: ((اللهم فشفعه في، وشفعني فيه))؛ لأنه صريح في أن التوسل كان بدعائه صلى الله عليه وسلم كما بيناه فيما سلف.
ثم قال: ((لو سلمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للضري فذلك لا يمنع من تعميم الحديث في غيره))، قلت: وهذه مغالطة مكشوفة؛ لأنه لا أحد ينكر تعميم الحديث في غير الأعمى في حالة دعائه صلى الله عليه وسلم لغيره، ولكن لما كان الدعاء منه صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى غير معلوم بالنسبة للمتوسلين في شتى حوائج والرغبات، وكانوا هم أنفسهم لا يتوسلون بدعائه صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، لذلك اختلف الحكم، وكان هذا التسليم من الغامري حجة عليه.
رابعاً:إن في الدعاء الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه أن يقول: ((اللهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِي)) <هذه الكلمة عند أحمد والحاكم وغيرهما،و إسناده صحيح>، وهذا يستحيل حمله على التوسل بذاته صلى الله عليه وسلم، أو جاهه، أو حقه، إذ المعنى: اللهم اقبل شفاعته صلى الله عليه وسلم في، أي اقبل دعائه في أن ترد علي بصري، والشفاعة لغةً الدعاء، وهو المراد بالشفاعة الثابتة له صلى الله عليه وسلم ولغيره من الأنبياء والصالحين يوم القيامة، وهذا يبين أن الشفاعة أخص من الدعاء، إذ لا تكون إلا إذا كان هناك اثنان يطلبان أمراً، فيكون أحدهما شفيعاً للآخر، بخلاف الطالب الواحد الذي لم يشفع غيره. قل في ((لسان العرب))<8 : 184> : ((والشفاعة كلام الشفيع للملك في حاجة يسألها لغيره، والشافع الطالب لغيره، يتشفع به إلى المطلوب، يقال تشفعت بفلان إلى فلان، فشفعني فيه)). فثبت بهذا الوجه أيضاً أن توسل الأعمى إنما كان بدعائه صلى الله عليه وسلم لا بذاته.
خامساً: إن مم عَلَّم النبي صلى الله عليه وسلم الأعمى أن يقوله: ((وشفعني فيه))<هذه الجملة صحت في الحديث، أخرجها أحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي> أي اقبل شفاعتي، أي دعائي في أن تقبل شفاعته صلى الله عليه وسلم، أي دعائه في أن ترد علي بصري، هذا المعنى لا يمكن أن يُفهم من هذه الجملة سواه.
ولهذا ترى المخالفين يتجاهلونها ولا يتعرضون لها من قريب أو من بعيد؛ لأنها تنسف بنيانهم من القواعد، وتجتثه من الجذور، وإذا سمعوها رأيتهم ينظرون إليك نظر المغشي عليه. ذلك أن شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم كيف تكون؟ لا جواب لذلك عندهم البتة. ومما يدل على شعورهم بأن الجملة تبطل تأويلاتهم أنك لا ترى واحداً منهم يستعملها، فيقول في دعائه مثلا: اللهم شفع فيَّ نبيك، وشفعني فيه.
سادساً: إن هذا الحديث ذكره العلماء في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه المستجاب، وما أظهر الله ببركة دعائه من الخوارق والإبراء من العاهات، فإنه بدعائه صلى الله عليه وسلم لهذا الأعمى أعاد الله عليه بصره، ولذلك رواه المصنفون في ((دلائل النبوة)) كالبيهقي وغيره، فهذا يدل على أن السر في شفاء الأعمى إنما هو دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ويؤيده أنه لو كان السر في دعاء الأعمى وحده دون دعائه صلى الله عليه وسلم لكان كل من دعا به من العميان مخلصاً إليه تعالى، منيباً إليه قد عُوفِيَ، بل على الأقل لعوفي واحد منهم، وهذا ما لم يكن فعله ولعله لا يكون أبداً.
كما أنه لو كان السر في شفاء الأعمى أنه توسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم وقدره وحقه، كما يفهم عامة المتأخرين، لكان من المفروض أن يحصل هذا الشفاء لغيره من العميان الذين يتوسلون بجاهه صلى الله عليه وسلم، بل ويضمون إليه أحياناً جاه جميع الأنبياء المرسلين، وكل الأولياء والشهداء والصالحين، وجاه كل من له جاه عند الله من الملائكة، والإنس والجن أجمعين! ولم نعلم ولا نظن أحداً قد علم حصول مثل هذا خلال هذه القرون الطويلة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم إلى اليوم.
إذا تبين للقارئ الكريم ما أوردناه من الوجوه الدالة على أن حديث الأعمى يدور حول التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم، وأنه لا علاقة له بالتوسل بالذات، حينئذ يتبين له أن قول الأعمى في دعائه: ((اللهم إني أسألك، وأتوسل إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم))إنما المراد به: أتوسل إليك بدعاء نبيك، أي على حذف المضاف، وهذا أمر معروف في اللغة، كقوله تعالى: ((واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون))<يوسف-82> أي أهل القرية وأصحاب العير. ونحن و المخالفون متفقون على ذلك، أي على تقدير مضاف محذوف، وهو مثل ما رأينا في دعاء عمر وتوسله بالعباس، فإما أن يكون التقدير: إني أتوجه إليك بـ(ـجاه) نبيك، ويا محمد إني توجهت بـ(ـذاتـ)ـك أو (مكانتـ)ـك إلى ربي كما يزعمون، وإما أن يكون التقدير: إني أتوجه إليك بـ(ـدعاء) نبيك، ويا محمد إني توجهت بـ(ـدعائـ)ـك إلى ربي كما هو قولنا. ولا بد لترجيح أحد التقديرين من دليل يدل عليه. فأما تقديرهم بـ(ـجاهه) فليس لهم عليه دليل لا من هذا الحديث ولا من غير، إذ ليس في سياق الكلام ولا سياقه تصريح أو إشارة لذكر جاه أو ما يدل عليه إطلاقاً، كما أنه ليس عندهم شيء من القرآن أو السنة أو من فعل الصحابة يدل على التوسل بالجاه، فبقي تقديرهم من غير مرجح، فسقط من الاعتبار، والحمد لله.
أما تقديرنا فيقوم عليه أدلة كثيرة، تقدمت في الوجوه السابقة.)) انتهوا كلامهم رحمهم الله.
شارك في هذا الكتاب وهو كتاب(التوسل حكمه وأقسامه) شارك فيها (الشيخ محمد بن صالح العثمين) (والشيخ محمد ناصر الدين الألباني) وشيخ الإسلام بن تيمية والإمام بن القيم والشيخ عبد العزيز بن عبد الله الباز (رحمهم الله جميعا و غفر لهم وأنعم عليهم في قبورهم وجعله روضة من رياض جناته)والشيخ بن جبرين وجمعه وعدده أبو أنس علي حسين أبو لوز (حفظهما الله وأنفعنا وإياهما بعلمهما وغفر لنا لهما).
يأشعري أنت تستدل بأقوال علماء بغير دليل على جواز قولهم.
والحمد الله رب العالمين، وصلى الله على سيد المرسلين، محمد وعلى آله وصحبه والتابعين، وسلم إلى يوم الدين.