عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 16-07-2006, 03:35 AM
ابن حوران ابن حوران غير متصل
عضو مميّز
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
الإقامة: الاردن
المشاركات: 1,588
إفتراضي

نظرة كلية :

المقصود بالنظرة الكلية هو عدم تجزئة الإنسان الى روح ومادة ،ونفس وجسد ، وفكر وعمل ، كما يفهم من المصطلح عدم فصل الدين عن الدنيا ، والحياة الروحية عن الحياة الاجتماعية ، والأخلاق عن الممارسات ، وحياة الدنيا عن حياة الآخرة .

في حين لو رأينا ماذا يقول أفلاطون ومن آمن بنهجه بأن : الروح تهبط من فوق ، لتتقمص جسدا ، هو بمثابة سجن بغيض لها ، وتود لو تفلت منه لتحلق الى الموطن الأصلي حيث عالم (المُثل ) .. وزاد أتباع أفلاطون : أن المادة رجس و الجسد دنس ، لذا فإن مهمة المرء في حالة عملية تطير نفسه ، التخلص من عالم الشقاء و الاندماج بعالم الروحيات السعيد .. وقد ذهب بعضهم الى أكثر من ذلك باعتبار المرأة هي مصدر الخطيئة ..

أما أرسطو فاعتبر المادة قوة و الروح فعل . وذهب الى نظرة غريبة حيث اعتبر أن العمل هو من مهمة العبيد في حين التفكير من مهمة الأسياد .. لقد تجاوزت حضارة الرافدين هذا التقسيم و اعتبرت أن النظرة يجب أن تكون كلية .

نظرة إنسانية :

ركزت حضارة وادي الرافدين على عالم الإنسان ، بعكس الحضارة المصرية التي ركزت على الموت والحياة التي تتبع الموت .. وهنا يشير ( كريمر ) الى ملحمة ( جلجامش ) فيعتبرها عمل أدبي راقي .. وكان الإنسان هو محور تلك الملحمة ، فيشير ( كريمر ) بأن ( جلجامش ) الذي ثلثاه إله و الثلث الثالث من البشر ، إلا أن التركيز كان على صفته البشرية * 1

وكثيرة هي النصوص التي تهتم في الإنسان ، ففي ملحمة (جلجامش ) تبكي الآلهة الإنسان الذي كان الطوفان قد أوشك أن يقضي عليه نهائيا * 2

ولنلحظ هذا النص الذي هو حديث لربة ( الحانة ) موجها الى ( جلجامش) :

إلى أين تسعى يا جلجامش
إن حياة الخلد التي تبغي لن تجدها
حينما خلقت الآلهة العظام البشر
قدرت الموت على البشرية
واستأثرت هي بالحياة الأبدية
أما أنت يا جلجامش ، فليكن كرشك مليئا على الدوام
وكن فرحا مبتهجا نهار مساء
و أقم الأفراح في كل يوم من أيامك
وارقص والعب مساء نهار
واجعل ثيابك نظيفة زاهية
واغسل رأسك و استحم في الماء
ودلل الصغير الذي يمسك بيدك
وافرح الزوجة التي بين أحضانك
وهذا هو نصيب البشرية *3

لكننا نعلم أن جلجامش لم يستجب لتلك المطالب و بقي يعاند الآلهة ويبحث عن الخلود .. وهي إشارة واضحة على ترجيح الإنسانية على الخنوع لطلب الآلهة .

فيجيب جلجامش على الطلب السابق بالتسليم بما قدر له :

عندما لم يكن للسماء اسم بعد
عندما لم يكن للأرض تحت السماء اسم بعد
لم يكن بعد ألواح قدر . ولم يكن بعد كون *4

يتبع

المراجع
ـــ
1 ـ جورج كونتينو :الحياة اليومية في بلاد بابل و آشور بغداد 1979 ص 40
2ـ صموئيل كريمر : من ألواح سومر /ترجمة طه باقر ص 305-306
3 ـ ملحمة جلجامش / طه باقر بغداد 1980 ص 9
4 ـ ملحمة جلجامش ص 135و 138
__________________
ابن حوران
الرد مع إقتباس