السمنة تعيق الوثوب :
تصاب الكوادر الطليعية أو النخبوية ، بحالات شبيهة بالسمنة عند البشر ، وكما هي السمنة تعيق صاحبها عن السير الطويل ، وتجعله أكثر ميلا للخمول وطلبا الراحة ، وتجعله غير قادر على التكيف مع أي طارئ ، ليثب أو يقفز أو يهرول ليناور في الهرب إذا ما تعرض المكان الذي يطيل المكوث فيه ، للحريق فإن الحريق سيطوله و لا شك ، وسيكون دهنه السائح وقودا جديدا للحريق .
لكن كيف تتكون تلك السمنة في أجسام الكوادر الطليعية و النخبوية ؟ .
عندما يتعود شخص على تناول وجبات أحبها ، و أكثر من تناولها فإن مكوناتها ستتحول وفق دورة كريب (Krib Cycle) التي تحول معظم النشويات الى دهون ، تتركز في منطقة العجز و أسفل المعدة ، فيختفي جانب الرشاقة في الجسم . وتلك الصورة نجدها ( الآن ) في الأرياف العربية ، حيث يكثر استهلاك الخبز والحبوب . وعندما كانت تلك العادة يتم التغلب عليها ، من خلال أعمال الفلاحة القاسية ، فكانت تلك الشحوم تحرق أولا بأول .. ويحافظ أصحابها على رشاقتهم .
لقد استمرأت الكوادر الطليعية والنخبوية ، تناول وجباتها الأيديولوجية من صنف واحد ، ولم تستطع تصريفه وفق حركة سياسية اقتصادية شعبية ، لتحرقه أولا بأول ، فكان هذا النمط من الوجبات يملأ كروشها و يهدل أجسامها ، لكن دون أن يمدها بالقدرة على الانطلاق في تنفيذ برامجها ، التي لم تعد ( أصلا ) .
لذلك نجدها ، تتسم بالزهق و الاستخفاف بالآخر ، وعدم الاستماع لأي خطاب جديد ، وعدم الاستعداد حتى لخوض نقاش أو حوار ، نافع أو ضار ، لقد هلكتها الدهون التي تكدست في أجسامها .. وستصبح بلا شك عرضة لأمراض كثر من (سكري ) وارتفاع ضغط الدم ، وقلة الخصوبة والإنجاب .. الخ
لقد أصبح من السهل على الجمهور ، تصنيف المنتمين لتلك الفئات ، ثم بات التعود على وجودهم كظاهرة ، مثلها مثل ارتفاع الحرارة أو الرطوبة بالجو ، يتخلص الفرد منها بأخذ حمام بارد أو يمسح عرقه بمنديل ، لكنه لن يكف عن التضجر والتأفف من تلك الظواهر الطبيعية ..
إن الجمهور لا يكن ودا كبيرا لتلك الفئات ، ولن يأسف عليها إذا ما احترقت ، ولم يعد يرجو منها نفعا ، أو انطلاقة جديدة ، لأن السمنة ستمنعها من السير بخطى تؤهلها لتجعلها تقود بجدارة ..
__________________
ابن حوران
|