عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 01-08-2006, 03:52 AM
حق وعدل حق وعدل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2006
المشاركات: 138
إفتراضي

ـــ لعبة المحاكم الشرعية والهيئات القضائية الوضعية

توجد في السعودية، إلى جانب المحاكم الشرعية، هيئات أخرى قضائية، مثل لجنة فض النزاعات المصرفية، وغيرها مما سيأتي. تقوم هذه الهيئات بعمل المحاكم المدنية الموجودة في الدول الأخرى التي تصرح بتحكيم القوانين الوضعية، فتحول إلى شتى القضايات التي عطّلوا أحكام الشريعة فيها واستبدلوها بقوانينهم ومراسيمهم، كقضايا الربا، والتزوير، والرشوة، وماحواليها، فإنها تحول إلى تلك الهيئات التي فيها خليط من المشايخ ورجال القانون وفقهائه من خريجي جامعة السربون، فتصدر أحكام القضايا طبقاً للمادة كذا والمرسوم رقم كذا، ويفض النزاع بين المتحاكمين بهذه الصورة، ومن أراد التأكيد من ذلك فليتوجه إلى لجنة فض النزاعات المصرفية، أو غيرها من الهيئات التي سيأتي ذكرها، وليتعرف على أي موظف من موظفيها يوليه ثقته ليقص عليه آلاف القصص والأحكام والقضايا التي هي في حقيقتها لا تختلف في كثير أو قليل عن أحكام المحاكم الوضعية في الدول الأخرى التي تصرح وتجاهر بتحكيم القوانين، وكذلك فليراجع من أراد التوسع أكثر كتاب «جرائم التزوير والرشوة وتطبيقاتها في المملكة» لعبد الله الطريقي فإنه مهم في هذا الباب، وأيضاً فلينظر مجموعة فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، مفتى الديار السعودية سابقاً، فإنها تحوي الكثير من الأمثلة التي أنكرها الشيخ على هذه الدولة الخبيثة وستأتي أمثلة من ذلك في المجالات التجارية والصحية والزراعية والإدارية والعمالية وغيرها.

أما في مجال المحاكمات العسكرية:

فقد جعلوا لها ديوانًا خاصاً آخر سموه (ديوان المحاكمات العسكرية) يتم فيه التحاكم إلى قانون وضعي سموه (نظام لجيش العربي السعودي) الصادر بتاريخ 1366/11/11 هـ وتحال إلى هذا الديوان قضايا ومحاكمات العسكريين بمن فيهم المتقاعدين، ونظام الجيش أو قانونه، هذا الخليط من قوانين وضعية شرعوها هم، وأحكام أخرى شرعية تردع الخارجين على عروشهم وحكوماتهم كحد الحرابة وأمثاله. وإليك أمثلة من قوانينهم الوضعية فيه:

حد السرقة الذي يزعمون اقامته وتطبيقه في دولتهم ــ ولن نتطرق إلى تفاصيل تلاعبهم في هذا الحد وإقامتهم له على الضعيف وتعطيله عن الشريف ــ فمن المعلوم في الشريعة أن السارق تقطع يده، عسكرياً كان أم مدنياً، أما في دولة إمام المسلمين فلا يصلح هذا عندهم، لذلك شرعوا قوانين خاصة للسرقة بين العسكريين، تستبدل حد السرقة بالسجن تماماً كما هو حاصل في الدول الأخرى التي تجاهر وتعلن بتحكيم القوانين الوضعية.

جاء في القانون المذكور في «الفصل الثامن» مادة رقم «112»: (ضباط الصف والجنود الذين يسرقون شيئاً من أشياء الضباط ونقودهم، ومن هم مختلطون بهم، وقاطنون معهم في محل واحد، أياً كان ذلك المحل، فإذا كان من المستهلكات يكلف بدفع قيمتها المستحقة إن سبق في عينها التلف، ويسجن من شهر ونصف إلى ثلاثة أشهر...)

ولكنه إذا سرق شيئاً من الأهالي مع استعمال العنف فإنه يحال إلى المحاكم الشرعية! كما في المادة (116) من القانون نفسه، فهناك إذًا جهتان حاكمتان: جهة تحكم القوانين الوضعية، وجهة تحكم بأحكام شرعية. وكيف يتم التوزيع، والتلاعب؟ ومن الذي يوزع الإختصاصات؟؟ يتم ذلك بالطبع عن طريقهم هم، فالمادة رقم (20) و(22) من الفصل الثالث من القانون نفسه وتحت عنوان (توزيع الإختصاص) تبين أن هناك من الجرائم ما تختص به المحاكم الشرعية، وهناك منها مايختص به (ديوان المحاكمات)، وتنص المادة (21) من القانون نفسه على أنه: «إذا ظهر لكل من جهتي الإختصاص عدم أحقيتها فيما تحال إليها من محاكمات أو المرافعات التي تكون خارج اختصاصها، فعليها إعادتها إلى الجهة التي وردت منها مع بيان أسباب ذلك، وكل حكم يصدر من الجهتين خارجاً عن حدود اختصاصها يعتبر ملغياً، ويعاد النظر فيه ثانياً من الجهات المختصة» أهـ.

وهذا يعني: أنه لو سرق جندي من الجنود أموال ضابط من الضباط، وأن المحقق استيقظ ضميره، وهداه الله وكفر بقوانين دولته الوضعية، ورفض التحاكم إلى (قانون الجيش السعودي)، وأحال إلى محكمة شرعية، وأقام البينة والشهود على السارق، وحكمت المحكمة بالحكم الشرعي وبالحد على السارق، فإن للحكومة وللجيش ولذلك الجندي أن يلغي هذا الحكم الشرعي، ويعطل حد الله سبحانه وتعالى في السرقة في ظل حماية هذه المادة الكفرية الخبيثة، ويحق له أن يعيد النظر في قضية السرقة ويحولها إلى (ديوان المحاكمات العسكرية) رغما عن أنف ذلك المحقق ورغماً عن أنوف أولئك المشايخ والقضاة الشرعيين، ويحكم له طبقاً للمادة (112) من القانون الهزيل المتقدم الذكر، وينتهى الموضوع ليعود مرة أخرى بعدها لممارسة السرقة وغيرها!! أما إذا سرق الضعيف ــ وخصوصاً إذا كان عاملاً من بنغلاديش، أو الهند، أو باكستان، أو أفغانستان ـ فهو يواجه القطع، بل لعله يواجه حد الحرابة!!

مثال آخر، وليس الأخير، نورده من هذا القانون الكفري قبل أن ننتقل إلى قوانين أخرى، وهي المادة (27): «يطبق ديوان المحاكمات الجزاءات الإرهابية المار ذكرها كل ودرجة الجرم الذي تظهره المحاكمة الأصولية ولصاحب الولاية وحده (القائد الأعلى) حق تنفيذها، أو توقيفها، أو استبدال حكم بحكم فيها، إن تخفيفاً أو تشديداً، وفاقاً لما تقتضيه غاية الشرع ومصلحة الولاية» أهـ.

ونحن نوجه للمشايخ المدافعين عن آل سعود سؤالاً واضحاً، ونريد منهم جواباً واضحاً مثله:

ماالذي يحكم به في هذا القانون: أهي أحكام الشريعة الإسلامية أم أحكام وضعية؟ لاشك في أنها أحكام وضعية قد خلطوها بأحكام شرعية تثبت عروشهم كحد الحرابة.

هذه المادة (27) دليل على ظهور الكفر البواح إذ كيف لصاحب الولاية (القائد الأعلى) توقيف، أو تعطيل، أو استبدال، حكم الشريعة بحكم آخر ــ كما نصوا هنا ــ فإن قالوا: هذا لا، هذا قانون وضعي ولهم أن يبدلوا فيه وفي أحكامه كمايشاؤون.

قلنا: هذا الذي نريد!! إذن هم يشرعون القوانين الوضعية، ويتحاكمون إليها، تلك القوانين التي تكفّرون أنتم أنفسكم أهلها ممن يشرعها أو يرضى بها إو يطبقها في محاكمه، إذا كان من غير آل سعود أو خارج السعودية لماذا؟ هل لآل سعود مزية خاصة: {أم لكم إيمان علينا بالغة إلى يوم القيامة إن لكم لما تحكمون؟!}. راجع الملحق لمزيد من التفاصيل والإطلاع على فتاوى الشيخ محمد بن ابراهيم حول التقاضي إلى غير الشريعة الإسلامية.

وعلى كل فإن نظام آل سعود ليس إسلامياً، لإظهاره الكفر البواح، كما أنه قد تبنى العلمانية الليبرالية الغربية، نعم تبناها، وتلفظ بـ«كلمتها»، وأقر بها مشافهة، وكتابة بالتوقيع على مواثيقها، التي تقوم عليها الأمم المتحدة، كما سنفصله في ما بعد، لذلك يجب أن يوصف بأنه نظام علماني. ولكن حتى علمانيته هذه علمانية مشوهة، ممسوخة مبتورة!

فأين حقوق الإنسان التي تكفلها الأنظمة العلمانية الغربية لمواطنيها وغيرهم: من حماية من الاعتقال التعسفي، والحق في إجراءات قضائية متساوية ومنضبطة، والحماية من التعذيب، ومن مطاردة أجهزة التجسس، حقوق الانتخابات، ومحاسبة الحكام ومعارضتهم، وغير ذلك من «محاسن» العلمانية الغربية؟!

كلا إنها علمانية الزنا، واللواط، والربا! إنها علمانية القمع والاضطهاد! إنها علمانية الحكم الجبروتي المطلق من «مافيا» عفنة متسلطة، لا هم لها إلا الفواحش: من الزنا، واللواط (بالمحارم وغيرهم على حد سواء)، وتعاطي المخدرات، وشرب الخمور، والملذات، ونهب المال العام!

«علمانية» آل سعود علمانية مشوهة، مبتورة ممسوخة! يقرون بالعلمانية، نفاقاً وإرضاء لأسيادهم الغربيين، ولا يلتزمون بأهم أركانها!

و«إسلام» آل سعود، و«توحيدهم»، الذين أقروا بكلمته وتلفظوا بها، نفاقا وتضليلاً للشعوب الإسلامية، ولشعب الجزيرة خاصة، للمحافظة على العرش، على أساس الشرعية الإسلامية، «إسلامهم»، هذا، و«توحيدهم» مشوه، ممسوخ، مبتور، قد نبذوا أهم أركانه!