عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 01-08-2006, 03:57 AM
حق وعدل حق وعدل غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2006
المشاركات: 138
إفتراضي

الباب الرابع
السعودية الربوية


إذا كنت ياأخي القارئ ممن لا يحمل التابعية «السعودية» المقدسة، وأسعدك الحظ ذات يوم، بعد طول كد وعناء فحصلت على تأشيرة حج أو عمرة، وأنعم الله عليك فتجاوزت النقاط السعودية الحدودية بسلام، أي بدون ضرب أو جرح أو اعتقال، أما المعاملة المهينة، كمعاملة الحيوانات، والاحتقار الشديد من قبل سلطات الجوازات، فهذه قدر محتوم، وضريبة لا بد منها لمن «تجرأ» على الوصول إلى بلاد الحرمين، وإقلاق راحة الحكام هناك بحجه أو عمرته، إذا أنعم الله عليك وأفلتَّ من تلك النقاط الحدودية ووصلت إلى مكة أو المدينة ــ حرسهما الله من فساد آل سعود، وعهرهم ــ فإن أول ما تلحظه من بصماتهم الخبيثة على هاتين المدينتين، بل وعلى دولة التوحيد المزعومة وجزيرة العرب كلها، تلك البنوك الربوية المنتشرة في كل مكان. فسترى وأنت خارج من أبواب الحرم عن يمينك وعن يسارك وحين تتجول في شوارعه، من أمامك ومن خلفك ومن فوقك ومن تحتك، إذا أطللت من شرفات عماراتها وفنادقها، فروعاً عديدة لبنوك ربوية كثيرة، فترى البنك السعودي البريطاني، والبنك السعودي الأمريكي، طبعاً، والبنك السعودي الفرنسي، والبنك السعودي الهولندي، والبنك العربي الوطني، وبنك القاهرة السعودي، وبنك الجزيرة، وبنك الرياض، والبنك الأهلي التجاري، وغير ذلك مما لا يحضرني إحصاؤه الآن. هذه البنوك تعمل بالطبع تحت سمع وبصر وحماية ورعاية الدولة وفي ظل تشريعاتها الربوية، فلا يعقل أن تظهر هذه البنوك رغماً عن أنف الدولة، ودون رغبتها و إرادتها، أو أن تظهر وتقوم وهكذا خبط عشواء بلا تشريعات وقوانين تنظم أمور هذه البنوك وأعمالها، وتحدد المقدار الربوي المسموح به في التعاملات والحسابات والقروض، وتبين أن أوجه المعاملات وأنواعها المباحة من المحظورة، هذه كلها أمور بدهية مادامت هذه البنوك، قائمة و مصرحاً لها، وقد قدمنا فيما مضى تشريعات وقوانين هذه الدولة الداخلية: الفرع (ب) من المادة (1) من قانون مراقبة البنوك السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم(م5/) لسنة 1386هـ، والتي أعطت الشّرعية لهذه البنوك وأباحة لها القيام بجميع ما يدخل تحت لفظة أعمال البنوك مطلقاً، دونما قيد أو استثناء. فأين «حامي الحرمين»، أو بالأصح: «حرامي الحرمين»، من هذا الباطل العظيم والإفك المبين؟ لماذا لايحمي الحرمين ويطهرهما من هذا الرجس الحرام؟! أتراه مستضعف ومكره وهذه الأمور والتشريعات والبنوك تقوم رغماً عن أنفه؟! لا والله، بل برضاه وإقراره وتوقيعه وإذنه وتصريحه ومرسوماته!!

ومن الفضائح التي يعرفها أكثر المشايخ في هذا الباب أن أية قضية لها علاقة بالربا والبنوك لاتحول اليوم إلى المحاكم الشرعية بل تحول إلى (مؤسسة النقد) حيث يوجد لجان مختصة بهذه القضايا فتقوم بدراستها وإستصدار (أمر سامي!!) أو حكما طبقاً لنظام مؤسسة النقد، ووفقاً لمادة رقم كذا ومرسوم كذا، وهكذا إلى أعلى درجات التقاضي أمام لجان فض النزاعات المصرفية.

فالرّبا والمرابون لهم جهاتهم المختصة التي يتحاكمون فيها، إلى غير حكم الله ورسوله طبعاً، إذ ليس لشرع الله في دولة آل سعود دخل في هذا، الشرع عندهم ألعوبة يضعونه في أي زاوية يشاؤون للتلبيس على الخلق، أما في غير ذلك فهم أصحاب التشريع وهم المقننون.

وفي ما مضى من الأزمنة كان أحدهم إذا استدان من مؤسسة من المؤسسات أو بنك من البنوك وتحصل على ربا تأخيري، جاء إلى قاضي المحكمة الشرعية فأعطاه القاضي بموجب الشرع صكاً بأنه ليس عليه أو في ذمته إلا المبلغ الأصلي، وأن الربا باطل في الشرع. فأحدث هذا عند الدولة السعودية («المباركة، التي نصر الله بها الحق وأهله»، على حد تعبير بن باز)، بلبلة ومشاكل، إذ كيف يجمعون بين هذه المحاكم الشرعية التي لايستغنون عنهاــ على الأقل في الوقت الحالي للتّلبيس ــ وبين بنوكهم ورباهم وباطلهم هذا؟!

هل يضحّون بالبنوك ويحرمون ما حرم الله ورسوله من الربا وغيره ويدينون دين الحق؟؟ طبعاًَ: لا، وكيف يفعلون ذلك؟؟ أيعطلون مصالحهم وأموالهم وتجاراتهم؟؟ أيغضبون ويخسرون أصدقائهم الأمريكان وغيرهم؟؟

لذا فقد ألغيت حقاً هذه المعاملة الأخيرة، ومنعت المحاكم الشرعية من التدخل في أمثالها إذ لم تعد من اختصاصاتها، ولو تجرأ أحد من المشايخ أوالقضاة وكتب مثل تلك الصكوك، فليس لها عندهم أية قيمة قانونية في الحكم والنزاع. وقد تقدم في تشريعاتهم، توزيع الإختصاصات على المحاكم الشرعية وغيرها من الدواوين والهيئات الوضعية، وأن ليس لطرف أن يتدخل في اختصاصات الطرف الآخر، وإن حصل وتدخل فحكمة ملغى باطل، وإن كان هذا الحكم مما أنزله الله تبارك وتعالى.

ومن تلاعب هذه الدولة الخبيثة في هذا الباب أيضاً، مع إطلاع المشايخ ومعرفة أكثرهم به، تلك النماذج والشهادات التي كانت تفد إلى وزارة العدل من البنوك الربوية والتي تحتوي على قروض ربوية، لأشخاص يرغبون تصديق هذه النماذج من الوزارة، والبنوك طبعاً لاتصرح بالربا في نماذجها تلك، إلتزاماً بسياسة التلبيس ولكي تتمكن وزارة العدل بمشايخها من تصديق هذه الوثائق والشهادات الربوية وهم مغمضون أعينهم دون أن يسبب ذلك لهم حرجاً أو إشكالاً، لم تكن تلك الشهادات تأتي للوزارة بهذه الصورة الصريحة مثلاً:

«فلان بن فلان إستدان من البنك الفلاني مبلغاً وقدره 95 ألف ريال سعودي على أن يردها بعد سنة 100 ألف ريال سعودي، بحيث تكون قيمة الفائدة!! المستوفاة منه 5 آلاف ريال...».

لا، لم تكن النماذج لتأتي بهذه الصراحة لأن هذا يتنافى مع سياسة التلبيس التي تنتهجها هذه الدولة الخبيثة، ولأنها لو جاءت على هذه الصورة الصريحة لأحرجت أيضاً المشايخ في وزارة العدل، مما قد يضطر بعض المتحمسين منهم إلى عدم اعتمادها وتصديقها.

إذن كيف يأتي النموذج، أو الشهادة، ليناسب سياسة الدولة التلبيسية، وليوفق بين وجهها الشرعي المزيف الذي تضحك به على العباد، وبين وجهها القانوني الحقيقي الذي يرضيها ويرضي أوليائها وأصدقائها وأحبابها في كل مكان؟ إنظروا إلى المراوغة والدجل!! هكذا:

«فلان بن فلان استدان من البنك الفلاني أو في ذمته للبنك مبلغاً وقدره 100 ألف ريال سعودي على أن يسدها في نهاية السنة ــ مثلاً ــ كاملة» وهكذا لايذكرون في النموذج إلا المبلغ الكامل الذي سوف يرجعه فلان بن فلان، مع أنه في الحقيقة قد استدان 95 ألفاً فقط، فلا يذكرون المبلغ الأصلي، ولا الزيادة الربوية، وإنما المجموع النهائي الذي يرونه في ذمة فلان، تأملوا التضليل والتلبيس!! ليظهر هذا النموذج على أنه دين بدون ربا، فيصادق عليه المشايخ في وزارة العدل، ويقومون بتوثيقه.

ثم عرفت هيئة كبار العلماء بذلك فقامت بإبطال هذا النموذج وأفتت بعدم جواز الإعانة عليه أو توثيقه، لأنه معاملة ربوية صريحة، فامتنع المشايخ في وزارة العدل من توثيقه، فثارت ثائرة الملك وقام بإصدار أوامره إلى وزارة العدل مفادها: الإنكار على هيئة كبار العلماء، وأن هذه الفتوى تَّعجُّل منهم، نعم هم علماء في العلم الشرعي، ولكنّهم لايعرفون كثيراً من معاملات البنوك، فإن في معاملات البنوك ماهو شرعي لا ينافي الإسلام(!!). وأقرّ هذا التّعامل وأمضاه بمرسومه ذاك رغماً عن أنوفهم.

هذا بالنسبة للربا داخل الدولة السعودية وفي إطار بنوكها المحلية، أما عن السعودية المرابية العالمية: فإليك أمثلة من ذلك لتزداد معرفة ويقينا بأنه لافرق بين سياسات هذه الدولة الخبيثة وغيرها من أشقائها وأحبابها من طواغيت العالم.

* السعودية الربوية وأحبابها في مجلس التعاون

1- جاء في(النظام الأساسي لمجلس التعاون الخليجي)

(المادة الرّابعة): الأهداف: (تتمثّل أهداف مجلس التّعاون فيمايلي: ..... فذكروا منها ثلاثة أهداف:

ــ وضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين بما في ذلك الشؤون الآتية:

أ ــ الشؤون الاقتصادية.

ب ــ (الشؤون التجارية والجمارك..)، وهل أمور البنوك وتشريعات الرّبا إلاّ من هذا الباب ...؟؟

2- وجاء في نص (الاتّفاقية الاقتصادية الموحدة بين دول مجلس التعاون) الآتي:

(...من أجل العمل على تنسيق وتوحيد سياساتها الاقتصادية والمالية والنقدية ــ(أي دول الخليج) ـــ وكذلك التّشريعات التّجارية والصنّاعية والنّظم الجمركية المطبقة فيها)...!!

ونصت (المادة الثانية والعشرون) من هذه الاتفاقية على الآتي:

«تقوم الدّول الأعضاء بتنسيق سياساتها المالية والنقدية والمصرفية وزيادة التعاون بين مؤسسات النقد والبنوك المركزية ....إلخ)