عرض مشاركة مفردة
  #7  
قديم 01-08-2006, 12:12 PM
الطاوس الطاوس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
المشاركات: 1,090
إفتراضي

الشبهة الحادية عشرة :
تكفيرهم بمسألة الحكم بغير ما أنزل الله بدون تفصيل !

الرد على الشبهة

الوجه الأول :
لا نسلم بكون جميع الحكام يحكمون بغير ما أنزل الله ؛ بل هناك من يحكم بما أنزل الله ويجتهد في ذلك ؛ كالحكومة السعودية - مثلاً - ولا ندّعي لها الكمال في ذلك .

الوجه الثاني :
ليس كلّ من حكم بغير ما أنزل الله يكون كافراً ؛ إذ هناك تفصيلٌ في المسألة ، فليست هذه المسألة مكفِّرةً بإطلاق .

الوجه الثالث :
لا يُنكَر أنه قد يوجد من الحكام - في هذا الزمان - من وقع في الحكم بغير ما أنزل الله على صورته المُكفِّرة . ولكن الحاكم - وإن وقع في أمرٍ مُكفِّرٍ - فإنه لا يجوز تكفيره بعينه إلا بعد إقامة الحجة عليه .

لأن اعتقاد أهل السنة والجماعة يقضي بعدم تنزيل الأحكام على الأعيان إلا بعد إقامة الحجة على ذاك المُعيَّن .
لأنه قد يكون جاهلاً . .
أو قد يكون متأوِّلاً . .
أو قد يكون عنده مِن علماء السوءٍ مَن لبَّس عليه . . .
إلى غير تلك الاحتمالات التي توجب التريُّث وعدم العجلة ؛

ولئن كانت الحدود تُدرأُ بالشبهات ؛ تالله إن الكفر لمن باب أولى .

وهنا السؤال :
هل أقيمت الحجة على كل حاكمٍ بعينه بحيث يستطيع المُكفِّر الجزم بكفر ذلك المعين ؟

فإن دُعِيَ للخروج - مطلقاً - ؛
فالوجه الرابع :
لا يُنكَر أنه قد يوجد من الحكام من وقع في الصورة المكفِّرة وقامت عليه الحجة المشروطة في المعين .

ولكن الحاكم الكافر لجواز الخروج عليه شروطٌ ؛ هي :
1. القدرة على إزاحة ذلك الكافر .
2. عدم ترتّب مفسدةٍ عُظمى .
3. إحلال مسلمٍ مكانه .

فلا يجوز الخروج على الكافر ما لم تُستجمع هذه الشروط ؛
وإلا وجب الكفّ عن الخروج والصبر وسؤال الله تعالى الفرج .

نُقولٌ على ما نَقول
ثناء العلماء على المملكة العربية السعودية وأنها تحكم بما أنزل الله ولا يجوز الخروج عليها
قال الشيخ ابن باز - رحمه الله - ردّاً على مَن أطلقَ القول بأن الدول العربية والإسلامية - بوجهٍ عام - لا تحكم بالشريعة إلا في الأحوال الشخصية ( ! ) ( فتاواه 8/243 ) :
« . . . وهذا الإطلاق غير صحيح ؛ فإن السعودية - بحمد الله - تحكّم الشريعة في شعبها ، وتقيم الحدود الشرعية ، وقد أنشأت المحاكم الشرعية في سائر أنحاء المملكة ، وليست معصومة لا هي ولا غيرها من الدول . وقد بلغني أن حكومة بروناي قد أمر سلطانها بتحكيم الشريعة في كل شيء .
وبكل حالٍ فالواجب الرجوع عن هذه العبارة وإعلان ذلك في الصحف المحلية في المملكة العربية السعودية والكويت ، ولو عبّرتَ بالأكثر لكان الموضوع مناسباً ؛ لكونه هو الواقع في الأغلب . نسأل الله لنا ولك الهداية » انتهى .

وقال - رحمه الله - ( فتاواه 9/98 ) :
« . . . فالواجب على جميع المسلمين في هذه المملكة التعاون مع هذه الدولة في كل خير ، وهكذا كل من يقوم بالدعوة إلى الله ونشر الإسلام والدعوة إلى الحق ؛ يجب التعاون معه في المشارق وفي المغارب ؛ فكل دولةٍ تدعو للحق وتدعو إلى تحكيم شريعة الله وتنصر دين الله : يجب التعاون معها أينما كانت » انتهى .

وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - جواباً على مسألةٍ عُرِضتْ عليه مُحيلاً للمحاكم السعودية ( الباب المفتوح 1/86 لقاء 3 سؤال 139 ) :
« هذه ترجع إلى المحكمة ؛ والذي تحكم به إن شاء الله فهو خير » انتهى .

وقال - رحمه الله - لما سئل : ( إذا قتل رجل رجلاً آخر ، ورُفع الأمر للدولة ، ولكن الدولة أفرجت عن هذا القاتل ؛ فهل لأهل المقتول أن يأخذوا بالثأر من ذلك القاتل ؟ ) ( الباب المفتوح 3/420 لقاء 65 سؤال 1470 ) :
« . . . أما إذا أبرأته الدولة ؛ فليس لهم الحقّ أن يقتلوه ؛ لأنه يحصل بذلك فوضى . والدولة لا تبرؤه إلا بطريق شرعيّ » انتهى .

وقال - رحمه الله - تعليقاً على الحكم الصادر ضدّ مَن فجّر في الرياض ( الفتاوى الشرعية في القضايا العصرية ط الأولى ص 84 ) :
« . . . وإنني بهذه المناسبة لأعجبُ من أقوامٍ أطلقوا ألسنتهم بشأن الحكم فيهم . مع أن الحكم صادر بأقوى طرق الحكم ؛
فقد صدر من عددٍ من قضاة المحكمة الذين يؤتمنون على دماء الناس وأموالهم وفروجهم ،
وأُيِّد الحكمُ بموافقة هيئة التمييز ،
ثم بموافقة المجلس الأعلى للقضاء ،
ثم جرى تنفيذه من قِبَل وليّ الأمر . . .
ومن المعلوم للخاصة والعامة :
أن بلادنا - ولله الحمد - أقوى بلاد العالم الآن في الحكم بما أنزل الله عز وجل . يشهد بذلك القاصي والداني . . . » انتهى .

بيان أنه لا يجوز التكفير بمسألة الحكم بغير ما أنزل الله على الإطلاق ؛ بل لا بدّ من تفصيل
إن القول بالتكفير مطلقاً بكلّ صورةٍ من صور الحكم بغير ما أنزل الله يلزم منه لوازم فاسدة ؛ وبيان هذا على النحو التالي :

المقدمة الأولى :
مسألة الحكم بغير ما أنزل الله لا تختصّ بالحاكم أو القاضي ؛ بل يدخل فيها كل من تولَّى الحكم بين اثنين ؛ لذلك قال ابن تيمية - رحمه الله - ( الفتاوى 18/170 ) :
« وكل من حكم بين اثنين فهو قاضٍ ، سواءاً كان :
صاحب حربٍ ،
أو متولِّي دِيوان ،
أو منتصِباً للاحتساب بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،
حتى الذي يحكم بين الصبيان في الخطوط ؛ فإن الصحابة كانوا يعدُّونه من الحكام » انتهى .

المقدمة الثانية :
المرء الواقع في أيّ معصيةٍ يصدُقُ عليه أنه حاكمٌ بغير ما أنزل الله ؛ فمثلاً : حالق اللحيةِ يكون كذلك ؛ لأن حُكْمَ اللهِ تعالى في اللحية ألاّ تُحلق ، فمن ثَمّ كان الحالق قد حكَّم هواه في شأنِ نفسه ولم يأخذ بحكم الله تعالى .
اللازم الفاسد ( النتيجة ) :
فيلزم من هذا تكفير كلّ مَن وقع في المعصية ! كحالق اللحية في المثال السابق !

ولأجل فساد هذا الإطلاق فقد قال العلماء عن آية « ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون » :
أن ظاهرها ليس بمرادٍ ؛
وأنه لا يجوز أخذها على إطلاقها :

قال ابن عبد البر - رحمه الله - ( التمهيد 17/16 ) :
« وقد ضلّتْ جماعة من أهل البدع من :
الخوارج ،
والمعتزلة ،
في هذا الباب فاحتجوا بآياتٍ من كتاب الله ليست على ظاهرها مثل قوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) » انتهى .

وقال أبو حيان الأندلسي - رحمه الله - ( البحر المحيط 3/493 ) :
« واحتجّت الخوارج بهذه الآية على أن كل من عصى الله تعالى فهو كافر ،
وقالوا : هي نصٌّ في كل من حكم بغير ما أنزل الله ؛ فهو كافر » انتهى .

وقال الخطيب البغدادي - رحمه الله - ( تأريخه10/183 ، ترجمة الخليفة المأمون ، ترجمة رقم : 5330 ) :
« أخبرنا أبو محمد يحيى بن الحسن بن الحسن بن المنذر المحتسب ،
أخبرنا إسماعيل بن سعيد المعدّل ،
أخبرنا أبو بكر بن دريد ،
أخبرنا الحسن بن خضر قال :
سمعت ابن أبي دؤاد يقول :
أُدخل رجلٌ من الخوارج على المأمون ،
فقال : ما حملك على خلافنا ؟
قال : آيةٌ في كتاب الله تعالى .
قال : وما هي ؟
قال : قوله : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ،
فقال له المأمون : ألكَ عِلمٌ بأنها مُنزَلة ؟
قال : نعم ،
قال : وما دليلك ؟
قال : إجماع الأمة ،
قال : فكما رضيتَ بإجماعهم في التنزيل فارضَ بإجماعهم في التأويل ،
قال : صدقتَ ، السلام عليك يا أمير المؤمنين » انتهى .

بيان أنه ليس كل من وقع في الكفر يكون كافراً
تقدم نقل كلام :
ابن تيمية ،
والألباني ،
وابن عثيمين - رحمهم الله - ،
في الأصل الثالث من الأصول الأربعة التي في مقدمة الكتاب ، فراجعه إن شئت .
بيان أن الخروج على الحاكم الكافر ليس على إطلاقه ؛ بل هو مشروطٌ
تقدم نقل كلام :
الحافظ ابن حجر ،
وابن باز ،
وابن عثيمين ، - رحمهم الله - ،
في الأصل الرابع من الأصول الأربعة التي في مقدمة الكتاب ، فراجعه إن شئت .

وأختم الكلام على هذه الشبهة بنقل جانب من فتاوى اللجنة الدائمة في مسألة الحكم بغير ما أنزل الله
السؤال الثاني من الفتوى رقم ( 5226 ) ، ( فتاوى اللجنة 2/141 ) :
س : متى يجوز التكفير ومتى لا يجوز ؟ وما نوع التكفير المذكور في قوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ؟
الجواب :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه . . وبعد :
أما قولك متى يجوز التكفير ومتى لا يجوز فنرى أن تبين لنا الأمور التي أشكلت عليك حتى نبين لك الحكم فيها .
أما نوع التكفير في قوله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) فهو كفر أكبر ، قال القرطبي في تفسيره : قال ابن عباس - رضي الله عنهما - ومجاهد رحمه الله : ومن لم يحكم بما أنزل الله رداً للقرآن وجحداً لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو كافر . انتهى .
وأما من حكم بغير ما أنزل الله وهو يعتقد أنه عاصٍ لله لكن حمله على الحكم بغير ما أنزل الله ما يُدفع إليه من الرشوة أو غير هذا أو عداوته للمحكوم عليه أو قرابته أو صداقته للمحكوم لـه ونحو ذلك ، فهذا لا يكون كفره أكبر ؛ بل يكون عاصياً وقد وقع في كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .

الرئيس : عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب رئيس اللجنة : عبد الرزاق عفيفي
عضو : عبد الله بن غديان
عضو : عبد الله بن قعود

السؤال الحادي عشر من الفتوى رقم ( 5741 ) ، ( فتاوى اللجنة 1/780 ) :
س : من لم يحكم بما أنزل الله هل هو مسلم أم كافر كفراً أكبر وتقبل منه أعماله ؟
الجواب :
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه . . وبعد :
قال الله تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) وقال تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) وقال تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) لكن إن استحل ذلك واعتقده جائزاً فهو كفر أكبر وظلم أكبر وفسق أكبر يخرج من الملة ، أما إن فعل ذلك من أجل الرشوة أو مقصد آخر وهو يعتقد تحريم ذلك فإنه آثم يعتبر كافراً كفراً أصغر وظالماً ظلماً أصغر وفاسقاً فسقاً أصغر لا يخرجه من الملة كما أوضح ذلك أهل العلم في تفسير الآيات المذكورة . وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .

الرئيس : عبد العزيز بن عبد الله بن باز
نائب رئيس اللجنة : عبد الرزاق عفيفي
عضو : عبد الله بن غديان
__________________
وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج، ونهى عن قتال الولاة الظلمةابن تيمية
واعلموا أن هذا العلم دين، فانظروا ما تصنعون، وعمن تأخذون، وبمن تقتدون، ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون، أفّاكون، آثمون. الإمام الاوزاعي
ومن كان محسنًا للظن بهم، وادعى أنه لم يعرف حالهم، عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم، ويظهر لهم الإنكار، وإلا أُلْحق بهم، وجُعل منهم. ابن تيمية