عرض مشاركة مفردة
  #27  
قديم 01-08-2006, 12:13 PM
الطاوس الطاوس غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Feb 2006
المشاركات: 1,090
إفتراضي

الشبهة الثانية عشرة :
تكفيرهم الحكام بدعوى إعانتهم الكفار على المسلمين !

الوجه الأول :
لا ينبغي تصديق كلّ ما يُقال عن كل حكام المسلمين ؛ لاسيما إن أريد بهذا إيقاع الإثم على المسلم ؛ فضلاً عن إيقاع الكفر .
وقد أمرنا اللهُ تعالى بالتثبُّت في خبر الفاسق .
لا سيما أن الاعتماد في مثل هذه الأمور إما على :
خبر إعلاميٍّ كافرٍ .
أو مثله فاسق .
أو على توقّعات المُتسيِّسين ! من القرائن التي تحتمل الصواب والخطأ .

الوجه الثاني :
أن مِن الحكام - المراد تكفيرهم بهذا - مَن ينفي عن نفسه إعانة الكفار على المسلمين ؛ كمثل نفي حكام الحرمين - وفقهم الله - أَيّ معاونةٍ لأمريكا ضدّ طالبان .
وحيث كان المتكلم هو أعرف الناس بشأنِ نفسه ؛ وجب تصديقه حتى يثبت لدينا ما يقطع بكذبه .

الوجه الثالث :
أنه ليست كلّ إعانة للكفار مُكفِّرةً ؛ بل في الأمر تفصيلٌ .
فمع الاعتراف بكونه معصيةً لله تعالى إلا أنه لا يكون كفراً مطلقاً ؛ فإنه إن أعانهم رغبةً في دينهم كفر ، وأما إن أعانهم لغيره - كدنيا مثلاً - فإنه لا يكفر .
وهذا التفصيل هو ما دلّت عليه الأدلة ونصّ عليه العلماء .

الوجه الرابع :
أنه - وعلى سبيل التسليم - لو قيل بتكفير كلّ مُعِيْن مطلقاً ! أو جرى لأحدهم أن أعان الكفار على الوجه المُكفِّر ؛ فليس كلّ واقعٍ في الكفر يكون كافراً .
فكما أن التأثيم قد يتخلف ؛ فكذلك الكفرُ .

نُقولٌ على ما نَقول
بيان الأمر بالتثبُّت في خبر الفاسق ؛ والتثبت في خبر الكافر أولى
قال الله تعالى :
« . . . إن جاءكم فاسق بنبإٍ فتبيَّنوا أن تصيبوا قوماً بجهالةٍ فتصبحوا على ما فعلتم نادمين » .

وتقدم نقل كلام :
ابن تيمية ،
وابن كثير ،
والسعدي - رحمهم الله - ،
في الأصل الأول من الأصول الأربعة التي في مقدمة الكتاب ، فراجعه إن شئت .

بيان أنه ليست كل إعانة مكفِّرة
من الأدلة حديثُ حاطب بن أبي بلتعة - رضي الله عنه - في الصحيحين ؛ حيث(22) :
أعان - رضي الله عنه - كفارَ قريش حين كاتبهم بخبر غزوِ النبي - صلى الله عليه وسلم - لهم .
ولم يحكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بكفره .
ولم يوافق النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عُمَرَ بنَ الخطاب - رضي الله
عنه - في تكفيره لحاطب .
ورجع عمرُ عن تكفيره وبكى وقال : ( اللهُ ورسولهُ أعلم ) .
ولم يكن تركُ تكفير النبي - صلى الله عليه وسلم - لحاطب إلا لعذر أنه قصد الدنيا بإعانته ؛ حيث اعتذر بأنه يريد أن تكون لـه يدٌ على قريش ليحمي أهله الذين في مكة .
ولا يمكن اعتبار حاطب متأوِّلاً ؛ لأنه لو كان كذلك :
• لقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بتعليمه وإزالة الشبهة عنه ؛
ولكنه - صلى الله عليه وسلم - لم يقُم بذلك .
• ولَمَا لحِقه - رضي الله عنه - إثم لوجود التأويل ؛ ومن ثَمّ فليس مُحتاجاً لفضيلةِ شهوده بدراً حتى يُكفَّر عنه ذلك الإثمُ ! .
• ثم إنه - رضي الله عنه - كان يعلم بخطورةِ عمله وخطإه ، مما يؤيّد علمَهُ ونفيَ التأويلِ عنه .
كما لا يمكن اعتبار حاطب - رضي الله عنه - معفياً من التكفير على اعتبار أنه من أهل بدر ؛ لأنه لو صدر منه الكفرُ لكان الكفر قاضياً على بدريَّتِهِ بالحبوط ؛ ومن ثَمّ فلا يمكن أن يشفع لـه عملٌ حابط ؛ كيف وقد أخبر اللهُ تعالى بأن الشركَ محبط للنبوّة والرسالة - وهما أعظم من بدريّةِ حاطب - حين قال :
( لئن أشركتَ ليحبطنّ عملك ولتكونن من الخاسرين ) .

قال الإمام الشافعي - رحمه الله - ( الأم 4/249 ) :
« وليس الدلالة على عورة مسلم ولا تأييد كافر بأن يُحذِّر أن المسلمين يريدون منه غِرَّةً ليحذرها أو يتقدم في نكاية المسلمين بكفرٍ بَـيـِّنٍ » انتهى .

وقال ابن تيمية - رحمه الله - ( فتاواه 7/522 ) :
« وقد تحصل للرجل موادتهم لرحم أو حاجة فتكون ذنباً ينقص به إيمانه ولا يكون به كافراً : كما حصل لحاطب بن أبي بلتعة لما كاتب المشركين ببعض أخبار النبي صلى الله عليه وسلم . . . » انتهى .

بل إن التفصيل - وعدمُ الإطلاق - هو مذهب :
أبي حنيفة ،
وأحمد ، وغيرهما .
وقد قال به الشيخ ابن عثيمين - رحم الله الجميع - .

بيان ضابط الإعانة المكفِّرة
لمّا سأل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حاطباً بقوله :« ما حملك » ؟ ، كان الواجب على مَن أراد الحكمَ في المسألة أن يسأل عن الحامِل ( الباعث ) ، وبناء على معرفة الباعث يكون الحكمُ ؛
فيُنظر إلى الباعث للإعانة ما هو ؟
فيكفر إن قد أعانهم لأجل دينهم ؛
قال البغوي - رحمه الله - ( تفسيره 3/68 ) :
« ( ومن يتولهم منكم ) فيوافقهم ويعينهم » انتهى .

وقال الآلوسي - رحمه الله - ( تفسيره 3/157 ) :
« وقيل : المراد من قوله تعالى ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) ؛
كافر مثلهم حقيقة ، وحكي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، ولعل ذلك إذا كان توليهم من حيث كونهم يهوداً ونصارى » انتهى .

وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن - رحمه الله - ( الرسائل والمسائل النجدية 3/10 ، الدرر السنية 1/474 ) :
« وأما قوله ( ومن يتولهم منكم ) وقوله ( لا تجد قوماً . . . ) وقوله ( . . . لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً ) فقد :
فسّرته السنة ،
وقيّدته ،
وخصّته بالموالاة المطلقة العامة .
وأصل الموالاة هو الحب والنُّصرة والصداقة ،
ودون ذلك مراتب متعدّدة ولكل ذنبٍ حظُّه وقِسطُه من الوعيد والذم ، وهذا عند السلف الراسخين في العلم من الصحابة والتابعين معروفٌ في هذا الباب وغيره » انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - ( عند تفسير الآية 51 من سورة المائدة « ومن يتولَّهم منكم فإنه منهم » من أشرطة تسجيلات الاستقامة ) :
« . . . هو منهم في الظاهر بلا شك بسبب المعاونة والمناصرة .
لكن :
هل يكون منهم في الباطن ؟
نقول : يمكن .
قد تكون هذه المناصرة والمعاونة تؤدِّي إلى المحبَّة ثم إلى اتِّباع المِلَّة . . .
إذاً : من يتولّهم منكم فإنه منهم في الظاهر . وربما يؤدِّي ذلك إلى الباطن ومُشاركتهم في عقائدهم وفي أعمالهم وأخلاقهم » انتهى .

أما إن كان لأجل الدنيا فإنه لا يكفر به - مع كونه إثماً عظيماً - ؛
وهذا يستفاد من عذر حاطب الذي قبله النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛

قال ابن كثير - رحمه الله - ( تفسيره 4/410 ) :
« قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عذر حاطب لَمّا ذكر أنه إنما فعل ذلك مصانعةً لقريش لأجل ما كان له عندهم من الأموال والأولاد » انتهى .
بيان أنه ليس كل من وقع في الكفر يكون كافراً
تقدم نقل كلام :
ابن تيمية ،
والألباني ،
وابن عثيمين - رحمهم الله - ،
في الأصل الثالث من الأصول الأربعة التي في مقدمة الكتاب ، فراجعه إن شئت .
__________________
وأئمة أهل البدع أضر على الأمة من أهل الذنوب، ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الخوارج، ونهى عن قتال الولاة الظلمةابن تيمية
واعلموا أن هذا العلم دين، فانظروا ما تصنعون، وعمن تأخذون، وبمن تقتدون، ومن على دينكم تأمنون؛ فإن أهل البدع كلهم مبطلون، أفّاكون، آثمون. الإمام الاوزاعي
ومن كان محسنًا للظن بهم، وادعى أنه لم يعرف حالهم، عُرِّف حالهم، فإن لم يباينهم، ويظهر لهم الإنكار، وإلا أُلْحق بهم، وجُعل منهم. ابن تيمية