عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 03-08-2006, 02:30 PM
طالب عوض الله طالب عوض الله غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2006
المشاركات: 12
إفتراضي نظرات في الحملات الصليبية المعلنة على المسلمين

نظرات في الحملات الصليبية المعلنة على المسلمين
الحلقة الأولى
مقدمة



مع أننا قد عاصرنا تلك الحروب واكتوينا بنارها وما جرّت علينا من البلاوي والويلات التي عانينا منها كثيراً ولا نزال، إلا أنه يصعب علينا حصرها، فقد تشابكت خيوطها من حملاتٍ أعلِن عنها وحملات لم يعلن عنها بل تمت بخفاء وسرية مع أنها كانت أشد خطراً وأبلغ أثراً، ولتداخل بعضها في خفايا وخبايا البعض الآخر.

والمقصود بالبحث الحملات الصليبية الحديثة من نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين التي استهدفت القضاء على دولة الخلافة، والحملات المسعورة التي أعقبتها بهدف استعمار العالم الإسلامي والحيلولة دون عودة الخلافة من جديد، ولغاية ما قبل تاريخ 11 أيلول 2001.

ولكي يتم الربط الصحيح لواقع الحروب الصليبية المتوالية على بلاد المسلمين، فبعد ثمانية غزوات ( 1099هـ – 1270 م. ) قادها باباوات وحكام ورهبان نصارى أوروبا على بلاد المسلمين بجيوش جرارة عَبأ وأشعَل قادتها الجنود المحاربين بكل طاقات الحقد والغل بحيث كان يتغنى جنودها حملة الصليب بأغنية الحقد التي تفسر الهدف والغاية من تلك الغزوات الحقودة ومكنونات قلوب أصحابها: لا تبكِ علي يا أمي، أنا ذاهب لقتال الأمة الملعونة، أنا ذاهب لقتل المسلمين.... كسب فيها الصليبيون جولات وجولات، احتلوا في بعضها معظم بلاد الشام، وأقاموا بها الممالك والإمارات، وتعرض ملك الكرك للقوافل في البر والبحر خاصة قوافل الحجاج المتوجه لمكة نهبا وتقتيلا، ووصل قطاع الطرق من جنوده إلى ميناء جدة في الحجاز قاصدين حجيج بيت الله الحرام وبيت الله الحرام نفسه، وأمعنوا في المسلمين تقتيلا وتشريدا، وأهلكوا الحرث والنسل، خاصة في بيت المقدس، ودنسوا أولى القبلتين وثالث ألحرمين الشريفين "المسجد الأقصى" بتحويله إلى إسطبل لخيولهم.توجهوا في نهايتها وبعد فشلهم الذريع في السيطرة على بلاد الإسلام وأمة الإسلام التي قاتلتهم بقيادة المخلصين من حكامها الذين أعلنوا الجهاد لقتال الكفار الغازين، وكان أشهر المعارك معهم معركة حطين في شمال فلسطين بتاريخ: 25 ربيع ثاني سنة 583 هـ، ومعركة تحرير القدس بقيادة صلاح الدين الأيوبي في 22.10.1187 م.، وسقوط أخر معاقل الصليبيين وهو " حصن عكا " سنة 1291 م. على يد " السلطان الأشرف خليل بن قلاوون "، توجهوا في معاركهم توجها آخر بالإضافة للحروب العسكرية.

وبتوجيه من قادتهم السياسيين خاصة أسافين الحقد والمكر الإنجليز ووزير خارجيتهم غلادستون بالذات. توجهوا إلى الحملة الصليبية للقضاء على دين المسلمين ودولة الخلافة حتى يستطيعوا النصر على المسلمين، بواسطة الدسائس والمؤامرات والغزو الفكري. يقول " لورنس براون ": ( إن الإسلام هو الجدار الوحيد في وجه الاستعمار الأوروبي. ) أما " غلادستون " رئيس وزراء بريطانيا سابقاَ، وأحد أشهر المنبهين للقضاء على الإسلام عن طريق الغزو الفكري فيقول: ( ما دام القرآن موجوداَ في أيدي المسلمين، فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق، ولا أن تكون هي نفسها في أمان.)

جاء في تعقيب " الدكتور أحمد عبد الرحمن " على كتاب الشيخ " سِفر بن عبد الرحمن الحوالي " المسمى " وعد كيسنجر والأهداف الأمريكية في الخليج " المطبوع سنة 1991م.: ( كانت أول المحاولات الجدية لسحق الإسلام في مهده العربي عقب صيحة أطلقها البابا في فرنسا حين دعا لوقف الحروب الداخلية بين نصارى أوروبا، وتوجيه طاقات الحقد كلها إلى مسلمي المشرق العربي تحت دعوى تحرير بيت المقدس من أيدي الكفار المسلمين !! وكان الاتفاق الاقتصادي بين البابا وملوك أوروبا هو تقاسم أراضي المشرق والسيطرة على الطرق التجارية التي تعبر بلاد المسلمين لتصل أوروبا بالهند والصين. استمرت الحروب الصليبية حوالي قرنين من الزمن وانتهت بهزيمة الغرب عسكريا. ولكن اقتبس الغرب علوم المسلمين وبدأ بها عصر النهضة في أوروبا التي تعتبر الركيزة العلمية لنهضة الغرب الحالية. وأيقن الغرب أن الأمة الإسلامية ما زالت على درجة عالية من الصلابة بسبب شدة حماسها لدينها وقرآنها وأن دولها رغم ما يعتريها من وهن قادرة على ردع أوروبا بل تهديدها. من هنا جاءت مخططات صليبية تدور حول غزو الأمة الإسلامية فكريا للفصل بينها وبين دينها.

في محاولتهم لاكتشاف طريق بحري للهند اكتشف الصليبيون أهمية الخليج الإسلامي وبدأوا عملية احتلاله لتأمين خطوطهم البحرية إلى الهند. ثم آلت السيطرة عليه إلى بريطانيا العظمى وفي عهد سيطرتها تم اكتشاف النفط وخططت بريطانيا الحدود السياسية لمشيخات الخليج. وحددت بشكل دقيق العائلات المنتقاة للحكم. ثم آلت المنطقة بأكملها إلى الولايات المتحدة في أعقاب الحرب العالمية الثانية.

مرة أخرى يمتزج الهدف الديني الاعتقادي مع الهدف الاقتصادي. وتصبح الحملة الصليبية الحالية ضد الخليج وجزيرة العرب تحركا صليبيا دوليا تحت شعار الاستيلاء على البترول " لتعديل خطأ صنعه الله ( سبحانه وتعالى عما يصفون ) لأنه في زعمهم وضع تلك الثروة الضخمة في مكان لا يستحقه."والهدف الاعتقادي الصليبي هو توجيه الضربة النهائية والقاضية للإسلام في القلب مباشرة " مكة والمدينة " على يد البحرية الأمريكية تساندها جيوش صليبية. )

يقول " باترسون سميث " في كتابه " حياة المسيح الشعبية " ( باءت الحروب الصليبية بالفشل، لكن حادثاَ خطيراَ وقع بعد ذلك، حينما بعثت إنكلترا بحملتها الصليبية الثامنة، ففازت هذه المرة. إن حملة أللنبي على القدس أثناء الحرب العالمية ألأولى هي الحملة الصليبية الثامنة والأخيرة.) لذلك فإن هذا القائد الصليبي الحاقد يتبجح عند دخوله القدس الشريف يرفع صوته قائلاَ: اليوم انتهت الحروب الصليبية. وينتهزها " لويد جورج " وزير خارجية بريطانيا فرصة سانحة حين هنأ الجنرال أللنبي بانتصاره على المسلمين، ليصف تلك الحرب::الحرب الصليبية الثامنة. لذا فلم يكن غريباَ ولا مُستهجناَ على الجنرال الفرنسي " غورو " حين تغلب على جيش ميسلون خارج دمشق، التوجه فوراَ إلى قبر قاهر الصليبيين " صلاح الدين الأيوبي" ويركله بقدمه قائلاَ: ها قد عُدنا يا صلاح الدين.

وقد تحقق لهم النصر الكامل على المسلمين بعد زوال دولة الخلافة الإسلامية ( العثمانية ) في اسطنبول ( القسطنطينية / الآستانة ) بمساعدة ودسائس ومؤامرات عملائهم المجرمين من العرب والأتراك دعاة القوميتين العربية والطورانية ويهود الدونمة وعملاء الفكر الغربي والمضبوعين بحضارته وتقدم علومه، سنة 1343 هـ / 1924 م.، فتم لهم السيطرة التامة على بلاد المسلمين واستعمارها. فقاموا بتقطيع أوصال الدولة الواحدة إلى دويلات هزيلة أقاموا عليها عملاء ونواطير لهم من أبناء المسلمين، أعطوهم ما يسمى بالاستقلال وألقاب الملوك والرؤساء والأمراء والمشايخ وغيرها............ التي وصفها شوقي بقصيدة "نكبة دمشق"


بني سورية اطرحوا الأماني = وألقوا عنكم الأحــلام ألقوا
فمن خدع السياسة أن تغروا= بألقاب الإمــارة وهي رقُ
وللمســتعمرين وان ألانوا = قلوب كالحــجارة لا ترقٌ
رَماكِ بطيشهِ ورما فرنســا = أخو حرب به صلف وحمقٌ
دم الثوار تعرفه فرنســـا = وتعلم أنه نور وحــــقٌ


ويستمر الدكتور أحمد عبد الرحمن قائلا: ( بعد الحرب العالمية ألأولى سقطت دولة الخلافة (العثمانية) على يد القوى الصليبية العظمى ( بريطانيا وفرنسا ) – ذلك السقوط الذي قاد إلى نتائج مدمرة في قلب العالم الإسلامي – وأهم النتائج : تجزئة المنطقة العربية إلى دويلات مصطنعة تحكمها أنظمة حكم من اختيار وإعداد وتربية إمبراطورية الصليب الدولية. تلك الأنظمة قامت بتهيئة الأجواء العربية لتقبل الضربة الصليبية النهائية ضد القلب الإسلامية " مكة والمدينة". وضربة القلب سبقتها ضربة قوية جدا من منطقة القلب فلسطين – حيث سيطر اليهود على أرض فلسطين – في خطوتهم قبل النهائية للسيطرة على المقدسات الإسلامية جميعا. وفي حديثه عن الحشود لغزو العراق 1991م.: ( بلغت القوات الأميركية في السعودية والخليج حوالي نصف مليون جندي، أكثر من ثلاثين ألف منهم نساء مقاتلات وعدد كبير لم يُعلن عنه من اليهود الذين أدوا احتفالاتهم الدينية بإشراف حاخامات من إسرائيل في مدينة خيبر وفي كل المدن السعودية والخليجية التي تواجدوا بها. بل يتحدث الآن مفكرون صليبيون في أمريكا وغيرها في إجلاء المسلمين من مناطق النفط في الجزيرة والخليج. )

وجعلوا من خريطة " سايكس بيكو " ( 16.05.1916 م. ) التي رسمها لهم الفرنسيين والإنجليز أعتا وألد أعدائنا، جعلوا من تلك الخريطة دستورا ومرجعا يرجعون إليه ويحافظون عليه ويتحاكمون إليه في محاكم الكفار، لحل خلافاتهم و لفض نزاعاتهم حول حدود حاراتهم ومشيخاتهم وإماراتهم، ولسد الثغرات المقصودة به والتي قصد منها راسمها إبقاء الشقاق والنزاع والخلاف بينهم، بهدف الإبقاء عليهم كنواطير لمصالح المستعمرين، وللحيلولة دون عودة دولة الخلافة وتوحد المسلمين كافة في كنفها. وكمثال على ذلك تحاكُم دولة الإمارات وقطر حول الحدود أمام محاكم الكفار بموجب قانون خارطة سيكس بيكو، وتحاكم دولة الإمارات ودولة السعوديين حول الحدود بينهم إلى خريطة سايكس بيكو، والمنطقة المحايدة المتنازع عليها بين السعوديين والكويت والعراق، والحارة المتنازع عليها بين أمارتي الشارقة وعجمان العضوين في دولة الإمارات الخليجية، وتحاكم دولة مصر ودولة يهود بصفتهم جيرانه أصحاب فلسطين، حول منطقة طابا المتنازع عليها بينهم، هل هي من حدود مصر أم من حدود فلسطين التي ورثها اليهود، وذلك أمام محاكم الكفار بقانون سايكس بيكو.

كما جعلوا من ميثاق الأمم المتحدة قانوناَ ملزماَ لكل الدول في العالم، تلك القوانين التي وصفوها بالشرعة الدولية والقانون الدولي، وجعلوا من " مجلس الأمن " شرطيا يتدخل في سيادة الدول وفي شؤونها الداخلية، ومن المفروغ منه أن جميع قرارات الأمم المتحدة " ألأسرة الدولية " يتم فرضها والتحكم بها من قبل الدول الخمسة أصحاب النفوذ جميعهم أو بعضهم لتأمين مصالحهم على حساب مصالح باقي الدول.




منقول عن:
واقع العالم الإسلامي في مواجهة تحديات الكفر
نظرات في الحملات الصليبية المعلنة على المسلمين
الجزء الأول - تحت الطبع -
من تأليف:
طالب عوض الله


يتبع إن شاء الله على حلقات >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>