عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 21-08-2006, 08:44 PM
أبو إيهاب أبو إيهاب غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2004
المشاركات: 1,234
إفتراضي صراع من أجل التسليم للإيمان..جفرى لانج ( 21 ) .. يتبع

( 21 )
صراع من أجل التسليم للإيمان
Struggling to Surrender Dedication
بقلم جفرى لانج
الفصل الثالث
رسول الله
*

بغض النظر عن صحة المصادر ، فهناك مشكلة التاريخ والثقافة ، فما لا قد يكون مقبولا فى مكان ما أو زمن ما ، قد يكون مقبولا جدا فى مكان آخر أو زمن آخر .فمثلا ، حينما يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الزواج من ابنة زعيم قبيلة قتل فى معركة بين المسلمين ، فإن هذا الحدث يبدو لدينا غريبا ، ولكن كما يقول "وات" ، لو قسناه بمقياس العصر حينئذ ، والعلاقات القبلية نجده شئ مألوف جدا ومتعارف عليه بين القبائل لتوطيد الصلة والسلام بينهما وإزالة ما نتج من أحقاد سببا للقتال . ولو أن الرسول لم يفعل ذلك لكان تصرفه غير نبيل وغير مقبول من القبيلة المهزومة .
وفى أعمال "جولدزهير Goldziher" إلقاء كثير من الضوء على هذا المفهوم . ففى دراسته المتعمقة فى الشعر الجاهلى . يقول أن العرب فى القرن السابع كانوا يعتبرون أن العفو عن القبائل المعادية فى حالة النصر عليهم ، يعرضهم لعدوان مستقبلى جديد ، وأن القائد الأكثر إحتراما ، هو ذلك السريع والعنيف فى الإنتقام . وقد عاقب رسول الله اليهود فى إحدى المرات لخيانتهم العهود ، بأن أجلاهم عن المدينة ، وفى المرة الثانية ، عقب غزوة الخندق التى مالئ فيها يهود بنى قريظة ، المشركين ونقضوا العهد بينهم وبين المسلمين ، وألبوا عليهم القبائل ، وهددوا الوجود ذاته لدولة المدينة ، لم يجد الرسول بدا من أن يقتل ذكورهم البالغين نظرا للخيانة .
وفى نفس أعمال "جولدزهير" توجد قصائد مطولة من الشعر الجاهلى القبلى . يعرض فيها الروح الحيوية أثناء الحروب ، حينما كان الشعراء المهرة يثيرون القبائل بعضها على بعض ، وكان تأثيرهم يعتبر أمضى من السيف ، وهذا يفسر لماذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسو على الشعراء المناهضين للدولة الإسلامية ولقائدها عليه السلام ، فقد كانوا بشعرهم تهديدا مباشرا للمسلمين .
فى الولايات المتحدة ، تعتبر العبودية أحقر ما تقوم به المؤسسات ، بينما تعمل الشريعة الإسلامية على الحد منها ، ومعاملة العبيد المعاملة الإنسانية الكاملة ، واستنادا إلى القرآن الكريم والسنة النبوية فهناك مواقف كثيرة تحث على تحرير العبيد ، حتى أنه أنشئت المؤسسات الخاصة لتمويل تحريرهم من الرق . "مداخلة : ويعتبر تحرير الرقاب مصرفا من مصارف الزكاة ، وكما قيل ، فالإسلام قد شرع العتق ولم يشرع الرق بل تركه لأحوال المجتمعات ، فلا يعقل أن يسترق عدوى منى ولا أعامله بالمثل . كما أننا إلى الآن نرى أن العبودية ما زالت قائمة فى صور مختلفة ، فالرقيق الأبيض واستغلال النساء والأطفال فى الدعارة نوع من أنواع الرق الذى يشجبه الإسلام كلية ."
وكمثال آخر ، فإن القرآن الكريم يبيح تعدد الزوجات إلى أربعة زوجات ، وفى أيامنا الحديثة الآن ، ينظر فى الغرب إلى هذا التشريع على أنه قهر للنساء ، ولكن لو نظرنا للعرب فى القرن السابع والحروب التى كانت مستعرة بينهم ، وعدد القتلى من الرجال ، لرأينا أن التعدد كان حلا لزيادة أعداد النساء على الرجال .
"مداخلة : موضوع تعدد الزوجات قد تم بحثه فى مواقع كثيرة ، وأرى أن الكاتب قد اكتفى بنقطة واحدة ولم يتطرق إلى النقاط الأخرى الكثيرة الإيجابية التى تؤكد أن التعدد هو حل لكثير من المشاكل ، فالإسلام قد أباح التعدد ... ولم يفرضه ... وحدده فى أربعة حليلات ، بينما كثير من غير المسلمين يمارسونه بلا حدود للخليلات ."وفى النهاية ، لابد أن نتذكر بأن رسالة القرآن الكريم رسالة شاملة ، وهى أكثر من وحى : فقد كانت رسالة للتربية وتغيير المجتمع . لقد علمت المسلمين الأوائل كيفية الصبر على الشدائد ، والعفو مع القدرة على الإنتقام . ففى السنوات التى سبقت الهجرة من مكة ، لاقى المسلمون الأذى الشديد ونجحوا فى هذه الدروس عن الصبر والعفو وتحمل الشدائد .
وحتى هؤلاء الذين لم يتعاطفوا مع الإسلام ، لم يغمضوا حق المسلمين فى هذه الفترة وتعاطفوا معهم ، لأن الفطرة هى التعاطف مع المضطهدين والضعفاء . وإنه من الأيسر أن تكون الضحية بدلا من أن تكون المنتصر . غير أنه فى كثير من الأوقات يحتاج الأمر للقتال لحماية أنفسنا وآخرين من تسلط الفراعنة والقرشيين فى زمننا هذا ، الذين ينكرون علينا أبسط القواعد الإنسانية . وفى بعض الأحيان ننتصر وتكون لنا اليد العليا ، ومن ثم ، فالإسلام يهتم بهذه الفترات فيأمرنا بمراعاة الأخلاق والقيم سواء فى الحروب أو سن القوانين أو فى العدالة أو فى العقاب . ورغم أن هذه التوجهات ليست بنفس بريق أمور أخرى فى الإسلام ، إلا أنها من الأهمية بمكان . رسالة الإسلام هى للحياتين ، الدنيا والآخرة ، ولا يوجد بالنسبة للمسلمين رجل فى التاريخ طبق هذه المفاهيم ، أفضل من رسول الله صلى الله عليه وسلم .
إتباع هذه الأمور ليس ببساطة مجرد عاطفة بالنسبة لكثير من المسلمين ، ولكن هذا الإتباع هو إلتزام بالشق الثانى من الشهادة "..... وأن محمدا رسول الله" ، يقتضى اعتبار تصرفاته عليه السلام فى حياته هى الأسوة وأقواله وهديه هى التى يجب أن تتبع بغض النظر عن الزمان والمكان . ولذلك لكى يقنع المسلم الحضارة الغربية ، بأن الإسلام يقدم للبشرية طريقة أفضل للحياة ، فإما أن يخففوا من إتباع سنة الرسول ، أو يبذلون الوقت والجهد فى إقناع المخالفين بهذه الحقائق . الحالة الأولى هى فى الحقيقة انتحار ، أما فى الحالة الثانية ، فهذا يقتضى البذل المخلص والجاد لنشر الثقافة الإسلامية .

النقد الغربى للتراث الإسلامى :

حينما يتعلق الأمر من الناحية التأريخية ، فالمستشرقون وكذلك علماء المسلمين على حد سواء ، يقرون بأنُّ القرآنَ يُقدّم النطقَ الأصيلَ لمحمد عليه الصلاة والسلام وهو ما يعتبره الرسول وحيا إلهيا .
يقول "جب Gibb" : "إنه لمن المعقول أن نقرر بأنه لم تحدث أية تغييرات مادية فى القرآن الكريم ، وأن الأصل الذى نطق به محمد بقى كما هو بمنتهى الدقة" . وأكثر من ذلك ، ولسنين عدة فالمستشرقون يقبلون الأسلوب الذى استخدم فى تحقيق الأحاديث : وهو أن دراسة الحديث كانت مجالا خصبا من النشاط أثناء حياة رسول الله عليه السلام، هذا وقد بدأ وضع الأحاديث بعد وفاته بفترة قصيرة ، مما حدى بعلماء المسلمين إلى اختراع علم الإسناد وتطويره وتبنيه وتشكيله ، وذلك لعدة عقود بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك حلا لمشكلة الوضع وتوثيق ما نطق به الرسول .
ويقبل المستشرقون بهذه المنظومة التى تطورت فى السنوات التالية ، وبقيت ثابتة لم تتغير بعد ذلك . وإذا قبلنا بوجهة النظر هذه ، فإن مقولة "مويير Muire" بأن الأحاديث الموضوعة التى لم تكتشف كانت فى القرن الأول الإسلامى ، تصبح مقولة صحيحة .
ولجولدزهير ، فى كتابه المتميز بعنوان "Muhammedanishe Studien II" ، والذى ناقش فيه مواصفات هذا العلم وتطوره ، والأمانة المتناهية فى تجميع الأحاديث بما فيها أحاديث التشريع . وبغض النظر عن القليل ، فمعظم الدراسات الغربية اللاحقة دعمت وجهات نظره . أما عن النقد الذى اتبع الطرق الحديثة فى النقد الأدبى والتاريخى ، قد أدت لبعض علماء الغرب للإستنتاجات التالية :::
( 1 ) : تعتمد الأحاديث لدرجة كبيرة على النقل الشفهى لمدة أكثر من قرن ، وأن الأحاديث التى وصلتنا لا تشير إلى أية مستندات وجدت فى العصور السابقة .
( 2 ) : عدد الأحاديث فى التجميع المتأخر أكثر بكثير من الأحاديث التى جمعت فى الفترة الأولى ، أو فى الأعمال السابقة للتشريع الإسلامى ، وهذا يشكل عند المعارضين ، نوعا من الشك فى هذه الحاديث .
( 3 ) : الأحاديث التى رويت من الصحابة الصغار أكثر من تلك التى رويت من الكبار منهم ، وهذا يشكل أيضا عند المعارضين ، حجة فى عدم الإعتماد على الإسناد .
( 4 ) : نظام الإسناد طبق انتقائيا للحديث ، بعد القرن الأول الهجرى . ولهذا فهو لا يثبت أصالة الحديث المسند .
( 5 ) : هناك أحاديث كثيرة يعارض بعضها بعضا .
( 6 ) : هناك أدلة محددة على نطاق واسع بوجود تزييف فى الإسناد وكذلك فى المتون .
( 7 ) : النقاد من المسلمين يهتمون فقط بنقد الإسناد ولا يهتمون بنقد المتون .