الباب العاشر :
في اختيار شريكة حياتك
اعلم يا بني أن الله قد خلق الإنسان و ألهمه ( وضع فيه قدرة تمييز الحق عن الباطل ) فقال ( ونفس و ما سواها فألهمها فجورها و تقواها ) .. كما جعل الإنسان يتنوع من واحد لآخر في الرغبات تجاه كثير من المسائل الدنيوية ، فهناك من يكره حاجة فيبعها ، فيجد من أحبها ليشتريها ، وهناك من يطلق امرأة لتجد من كان يتمناها .. وهكذا فالحكمة عند رب العالمين لتسير الحياة وفق ترتيبه ..
قد تكون في جامعة أو سوق أو عرس ، ويكون في المكان من الإناث كما هو من الذكور ، وقد تتساوى كل الإناث في عينك إلا واحدة ، كما قد يتساوى الذكور في عين فتاة إلا واحدا .. لم يستطع أحد الإجابة الواضحة عن تلك الحالة ، إنما هي هكذا ..
في الماضي كان الأهل هم من يتكفلون في اختيار شريكة حياة ابنهم ، فتجد فرق التفتيش قد بدأت بالعمل منذ ظهور فكرة زواج ابنهم ، فتزور تلك الفرق والتي تكون عادة من نساء ، هذا البيت وذاك البيت ، حتى يهتدوا في بحثهم الى عروس لابنهم وفق معايير يضعونها هم ، تراعي الحالة المادية للطرفين ، والأخلاق و احتمالية القبول أو الرفض من الطرف الثاني الخ .. ولا زال البعض يتبع نفس الأسلوب ليومنا هذا ..
لن أعلق على تلك الحالة ، رغم أن معظم الزيجات الأكثر ديمومة وثباتا ، تنتمي لهذا النوع من الطرق في اختيار العروس ..
اليوم الأكثرية من الشباب يختارون شريكات حياتهم بمعرفتهم هم ، والكثير منها يوفق و ينتهي على خير ، لكن لا بد من ذكر بعض الملاحظات التي قد تعينك في هذا الشأن :
1 ـ قد يلفت انتباهك جمال وحسن مظهر من ترنو الى أن تكون شريكة حياتك ، فلا بأس ، لكن لا يكفي ذلك النوع من نقاط الاحتكام لتأخذ قرارك به .. فقد حذرنا رسول الله صلوات الله وتسليمه عليه ، عندما قال : إياكم وخضراء الدمن .
2 ـ قد يلفت انتباهك منطق و طريقة تفكير فتاة وانتقالها بحديثها برشاقة من موضوع لآخر ، فتهيم بنفسك متخيلا تلك الفتاة أنها لن تجعل حياتك مملة فيما لو اقترنت بها ، وستساعدك في بحث أي مأزق قد تمر فيه .. لكن لا تعتمد على تلك النقطة وحدها ، فكم من محترف قتال ، قد سخر احترافه لقتل أبرياء !
3 ـ قد يلفت انتباهك نعيم ما تعيش فيه فتاة مع أسرتها ، فتحلم بمشاركتها هذا النعيم ، فإن كان وضعك أقل من وضعها في الحياة ، فحذار من ذلك التوجه غير المتكافئ في تلك الناحية ، لأنه سيكلفك كثيرا من كرامتك مستقبلا ..
4 ـ قد يلفت انتباهك احتشام فتاة و تمسكها بدينها ، و هذه خصلة طيبة و أساسية ، لكنها قد تكون أسلوبا تسويقيا للفتاة نفسها ، فلا يكفي ذلك منها ، حتى تفكر بها دون اعتبارات أخرى ..
5 ـ لا تحاول اختيار فتاة بعيدة جغرافيا عن منطقتك ، فالفتاة كالزهرة ، رونقها في بيئتها أكثر من رونقها في ( مزهرية ) .. ستحن لأهلها ، وتحن لصديقاتها ووسطها التي عاشت فيه ..
6 ـ إن وقع اختيارك على فتاة ، فقبل إعلان رغبتك ، لا بأس أن تتحرى عمن تصادق من فتيات ، بعد أن تكون قد عرفت عن أهلها ما يكفي لتأصيل فكرة الاقتران بها ..
7 ـ لا تطيل فترات التعارف ، ففي الإطالة ابتذال ، قد يغير من طبائعك أنت أكثر مما يغير بطبائع الفتاة .. و لا تستعجل ، فوازن بين الفترتين ..
8 ـ كن محتشما و عاقلا في فترات التعارف ، فسوء الخلق سيحفز الفتاة للتساهل في مسايرتك في الابتذال ، وهذا نذير بسوء مستقبل لكليكما ..
9 ـ لا بأس أن تستشر أحدا ، دون التعرض و المساس بسمعة من تستشير من أجلها ، حتى لو ظهر لك مالا يسرك من أخبارها ..
10 ـ حذار من استشارة من يتصفوا برداءة الرأي ، أو من تعتقد من أنهم يطمعون في كسبك لصالح فتاة دون غيرها ..
__________________
ابن حوران
|