الحياة السياسية و الجيش في تركيا ..
( 2 )
أدركت القيادة العسكرية التي نذرت نفسها لحراسة المبادئ الأتاتوركية ، أن حزبا واحدا أو اثنين لم يعودا قادرين على ضبط الارتباك في تسيير أمور البلاد ، لذا فقد ارتأت صناعة صيغة من خلال تعددية حزبية تلتزم بالمبادئ تلك ، ستساعد على تداول السلطة ومراقبة الفساد ، فوسعت سقف الحريات قليلا ، وكان يقود هذا الرأي جمال كورسيل الذي انتخبه الشعب فيما بعد ليصبح رئيسا للجمهورية .. وقد كان يقف ضده في هذا التوجه ألب أرسلان توركيش المتطرف الذي يريد إلغاء الديمقراطية وإبقاء الجيش في إدارة الحكم .
فتشكلت بموجب هذا التوجه الذي انتصر في النهاية ، عدة أحزاب منها :
1ـ حزب العدالة : تأسس في شباط/فبراير 1961 ، وتزعمه المهندس المعماري المنحدر من أسرة ثرية ( سليمان ديميريل ) .
2ـ حزب تركيا الحديثة وتأسس بنفس التاريخ ، وهو منافس لحزب العدالة .
3ـ حزب العمال التركي : وتأسس بنفس التاريخ ، وتزعمه الماركسي محمد علي قيدار .. وكان يضم قيادات العمال والصناعيين و المثقفين .
4 ـ الحزب الفلاحي : وتأسس بنفس الفترة و تزعمه المتطرف ألب أرسلان توركيش .. الذي لجأ فيما بعد الى تشكيل ميليشيا تجهز على خصومه .
دستور 1961
وقد صاغت لجنة دستورية ، برئاسة رئيس جامعة استانبول الدكتور صادق عمر ، دستورا منفتحا بعض الشيء ، يسمح بالإضرابات و تشكيل الأحزاب ، إلا أنه يحافظ على مبادئ أتاتورك ، وقد طرح للاستفتاء عام 1961 ، فقاطع الاستفتاء حوالي ثلث الأتراك .. وفاز الدستور ب 61% من المصوتين .
انتخابات 1961
جرت انتخابات في أكتوبر/تشرين الأول 1961 ، حصل بها حزب الشعب الجمهوري على 36.7% وحزب العدالة على 34.7% وحزب تركيا الجديدة على 13.7% والحزب الفلاحي على 13.9% .. ونظرا الى اعتبار أن الأحزاب الثلاثة ( عدا الجمهوري) تعتبر وريثة الحزب الديمقراطي المنحل ، اعتبرت نفسها منتصرة ..
لكن الإرادة العسكرية أجبرت حزب العدالة على القبول في الدخول بوزارة مشتركة مع الحزب الجمهوري تحت رئاسة ( عصمت إينونو) .. لكن ذلك وضع البلاد في أزمات أدت الى محاولة انقلاب فاشلة ، قوي من بعدها حزب العدالة ، الذي استطاع كسب الأصوات الداعية لعودة الدين في إدارة الدولة .. وتراجع الحزب الجمهوري الى أن يصبح أقلية .
ظهرت في الستينات ظاهرة الأحزاب الدينية ، وبرز معها ازدياد نفوذ (سليمان ديميريل )[حزب العدالة] .. الذي فاز ب 240 مقعد من مجلس النواب الذي يضم 450 نائبا ، مما جعله يشكل الوزارة بمفرده .. ولم يستطع الحزب الجمهوري بعد ذلك من العودة للصدارة نهائيا إلا عام 1969 ..
• استطاع حزب الشعب الجمهوري برئاسة زعيمه الجديد (بولند أجويد) ذا الماضي اليساري المعتدل ، من كسب المؤيدين من الفلاحين و صغار الكسبة ، بإدخاله تعديلات ذات صبغة اشتراكية .. رغم أن الناس لم ينسوا ماضي الحزب الذي أسهم بانقلاب 1960 .
• حدث خلل في حزب العدالة وتراجعت أسهمه ، بعد أن تعرض الحزب لانتقاد نجم الدين أربكان رئيس اتحاد غرف الصناعة والتجارة حيث قال : ( إن تركيا أصبحت سوقا علنية لأوروبا والولايات المتحدة بفعل هذا الحزب ) .. وهذا الرأي جعله يخسر الانتخابات عام 1969 ، وحدثت انشقاقات في صفوفه وأنشئ حزب جديد بمباركة ( جلال بايار) رئيس الجمهورية الأسبق ، ضم هذا الحزب كبار الملاكين من حزب العدالة وأخذ اسم ( الحزب الديمقراطي ) وكان ذلك في 18/12/1970 .
__________________
ابن حوران
|