الموضوع: لله ثم للتاريخ
عرض مشاركة مفردة
  #86  
قديم 04-09-2006, 03:32 PM
زومبي زومبي غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2005
المشاركات: 664
إفتراضي

-395-


الفصل الثالث
ماذا وراء تقارب الرافضة مع النصيريين ؟!





-397-

بداية التقارب :
في بداية السبعينات غدر حافظ الأسد بشركائه في الحكم من الذين تبقوا في وقيادة حزب البعث السوري فوضعهم في المعتقلات إثر انقلاب عسكري قاده وأسماه ( الحركة التصحيحية ) .

انفرد النصيري حافظ الأسد بحكم سورية ، ولا بد له من استبدال الرتبة العسكرية برئاسة الجمهورية ، وما سبق أن تقلد هذا المنصب أحد من غير المسلمين السنة ، فكيف يقبل مسلمو بلاد الشام برئيس نصيري أجمع علماء السنة على اعتبار طائفته طائفة كافرة ومارقة عن الدين ؟! .

وهل ينفعه نفاق بضعة من الذين يسمون أنفسهم علماء من علماء المسلمين ؟! .
في هذه الفترة بالذات قام ما يسمى بسماحة العلامة السيد حسن مهدي الشيرازي على رأس وفد من علماء الشيعة الايرانيين بزيارة لمناطق النصيرية في جبلهم والساحل المنكوب الذي تسلطوا على بعض أحيائه ، ومنطقة طرابلس الشام حيث هاجر إليها بعضهم من الجبل .

وخلال هذه الزيارة التقى الشيرازي بعلماء النصيرية ووجهائهم وأهل الرأي فيهم ، وتبادل معهم الخطب والأحاديث وتوصلوا الى النتائج التالية :

1_ أن العلويين"1" هم شيعة ينتمون الى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بالولاية
(1) أول من أطلق على النصيريين اسم العلويين هم الفرنسيون عند احتلالهم لبلاد الشام قبل أكثر من نصف قرن ، ويحرصون اليوم على عدم ذكر اسمهم الصحيح .

-398-

وبعضهم ينتمي إليه بالولاية والنسب ، كسائر الشيعة الذين يرتفع انتماؤهم العقيدي الى الامام علي وبعضهم يرتفع إليه انتماؤه النسبي أيضا .

2_ أن ( العلويين ) و ( الشيعة ) كلمتان مترادفتان مثل كلمتي ( الامامية ) و ( الجعفرية) فكل شيعي هو علوي العقيدة ، وكل علوي هو شيعي المذهب .

هذا هو خلاصة البيان الذي وقع عليه أكثر من سبعين شخصا ووجيها ومثقفا يمثلون مختلف قبائلهم وتكتلاتهم ، وصدر هذا البيان تحت عنوان ( العلويون شيعة أهل البيت ) عن دار الصادق في بيروت ، وذكر حسن مهدي الشيرازي أنه كلف بهذه الزيارة بناء على أوامر وردته من قم من سماحة الامام المجدد المرجع الديني السيد محمد الشيرازي .

أما حسن الشيرازي هذا ! فهو ايراني الجنسية قدم الى لبنان من أجل الدور نفسه الذي قدم من أجله موسى الصدر ، وهو يشغل اليوم رئيس جماعة العلماء الشيعة في لبنان ، وقيل بأنه قدم من ايران الى لبنان عن طريق الولايات المتحدة الأمريكية _ على ذمة صحيفة الأنباء الكويتية الصادرة بتاريخ 29/9/78 _ كمنافس لموسى الصدر .

وما كان لقاء الشيرازي بعلماء النصيرية لقاء عابرا بل مضى الطرفان _ الجعفري والنصيري _ في التعاون ، ففي عام 1974 استصدر موسى الصدر قانونا في لبنان أصبح النصيريون الذين يقطنون في شمال لبنان بموجبه شيعة جعفريين ، وأقام لهم مفتيا خاصا بهم _ الأنباء 29/9/78 .

ومما يجدر ذكره أن حسن الشيرازي خصم لموسى الصدر ومع ذلك لم يخالف الأخير الأول في التعاون مع النصيريين والاندماج معهم .

-399-

ونصيريو اليوم هم نصيريو الأمس عقيدة وعبادة وسلوكا ومنهجا ، فمن عقيدتهم : تناسخ الأرواح ، وقدم العالم ، وانكار البعث والنشور ، والجنة والنار ، والصلوات عندهم عبارة عن خمسة أسماء ( علي ، والحسن ، والحسين ، ومحسن ، وفاطمة ) ، وذكر هذه الأسماء يجزئهم عن الغسل من الجنابة والوضوء والصلاة ، ويؤمنون بأن عليا هو الإله .

وأفتى علماء المسلمين ومنهم ( أبو حامد الغزالي ، ابن الجوزي ، ابن تيمية ، ابن عابدين ) بكفرهم ، وأنه لا يجوز للمسلم أن يزوجهم أو يتزوج منهم ، ولا يحل أكل ذبائحهم ، ولا يصلى على موتاهم ، ولا يدفنون في مقابر المسلمين ، ولا يجوز استخدامهم في الجيش والوظائف العامة .

ولا نعرف عالما مسلما ثقة عدلا قد خالف هذه الفتوى بهم فكيف صاروا ما بين طرفة عين والتفاتتها من الشيعة الأمامية ؟! .
يألنا بعض المطلعين من الشيعة عن هذا السر فقالوا : ( ان موسى الصدر ومحمد وحسن الشيرازي ليس شيئا في مذهبنا ، ونحن انا مراجع معتمدة لا نثق الا بها ، ومن هذه المراجع من يقول بكفر النصيرية كالخميني ، ثم أضافوا قائلين : ان الذين يتعاملون مع النصيرية سياسيون مشبوهون ، وزاد المسؤولون عن جمعية الثقافة الأجتماعية الكويتية فقالوا ان محمد وأخاه حسن الشيرازي منافقون عملاء ) .

وهذا الكلام لا قيمة له حيث تبين لنا أن هناك خصومة شديدة بين الجمعية المذكورة ومحمد الشيرازي ، ومن جهة أخرى فتصريحات الرافضة وأقوالهم ليست ثقة ، لأن التقية دينهم ، والنفاق ركن أصيل في عقيدتهم .
والشيرازي أولا والصدر ثانيا كانا ممثلين للقيادة الدينية والسياسية عند الرافضة ،


-400-

واتصالهما مع النصيرية جزء من خطة طويلة الأمد سنفصلها في الصفحات القادمة من هذا الكتاب .

وفي نهاية شهر رجب عام 1399 عاد محمد الشيرازي من الكويت الى منزله في قم فكان الخميني قائد الثورة أول من زاره وهنأه على سلامة الوصول ، وشكره على الجهد الذي بذله من أجل الثورة الايرانية .

والسؤالان المطروحان :
_ كيف جهل الناس عقيدة النصيرية خلال عدة قرون ثم جاء شيخ ايراني ليحقق ما عجز عنه الأوائل ، وعجز عنه علماء السنة والشيعة الذين يعايشون النصيرية في ديارهم ؟! .

_ لماذا جاء هذا الاكتشاف في ظروف عصيبة : اعتلاء حافظ الأسد كرسي رئاسة الجمهورية لأول مرة في تاريخ بلاد الشام ، واقدامه على اذاعة بيان سقوط القنيطرة المشهور ؟! .
والحق يقال إن شقة الخلاق بين الشيعة الامامية والنصيرية ليست واسعة ، وأن الثانية امتداد للأولى ، وفي التاريخ أدلة كثيرة على أن التحالفات السياسية تطغى عند الشيعة على المواقف العقيدية فالمهم أن يحققوا انتصارا على خصومهم ، ومن هذه الأدلة ان نصر الدين الطوسي كان اسماعيليا ملحدا ، وعندما تعاون مع الشيعة وجند نفسه تحت إمرة التتار اعتبره الشيعة من أعلامهم وصاروا يقرنون اسمه مع الحسين .
وخلاصة القول : كان الاتصال الأول بين الشيعة والنصيرية عن طريق القيادة الدينية في قم والنجف ، وتكلل هذا الاتصال ببيان صدر عنهم أشرنا اليه قبل قليل ، ولا ندري إن كان هناك اتصالات سرية بعيدة المدى ، غير أننا ندري أن هناك اتصالات سبقت زيارة الشيرازي .


-401-

المبحث الأول
صفحة جديدة في العلاقات الايرانية والسورية
العلاقات السورية الايرانية كانت تمر بمرحلة جمود منذ ثلاثين عاما للأسباب التالية :

1_ اعتراف شاه ايران بالكيان الصهيوني ، وتبادل مع اسرائيل التمثيل الدبلوماسي ، وتمكن اليهود من التسلل الى معظم المؤسسات الاعلامية والتجارية والعسكرية في ايران .

2_ ابتلع الشاه منطقة ( الأحواز ) العربية واضطهد شعبها ، ومنع اللغة العربية في مدارسها ، ثم أخذ ينادي بشط العرب وبتعديل الحدود العراقية الايرانية .

3_ حول الشاه بلاده الى ترسانة أسلحة ، وقال الخبراء العسكريون أن معظم الأسلحة التي يبتاعها لا تفيد إلا في الحروب الصحراوية أي في منطقة الخليج ، ولهذا كان ينادي بالبحرين ، واحتل ثلاث جزر عربية في الخليج ، وأرسل قوات عسكرية الى عمان ، تضافرت الأدلة على أنه كان يبيت نوايا عدوانية للخليج كله والسعودية والعراق .

وبعد مجيء حافظ الأسد الى الحكم في سورية وصدور البيان الذي ينم عن اندماج النصيرية مع الشيعة في 3/7/1392 تحسنت العلاقات السورية الايرانية تحسنا لم تعهده سورية من قبل ، وهذه بعض الشواهد :


-402-

_ قام محمد العمادي وزير الاقتصاد والتجارة السوري بزيارة لإيران في 9/5/1394 وأسفرت زيارته عن تشكيل لجنة مشتركة تعقد اجتماعا سنويا لها في كل من طهران ودمشق ، ومهمة هذه اللجنة الاشراف على المشاريع الاقتصادية والسياحية في البلدين ، وقال الوزير السوري أثناء توقيع الاتفاق :
إن الاتفاق يعكس اتفاق وجهات النظر بين سورية وايران ، وإن الروابط التي تربط بين الشعبين روابط عريقة .

_ قام ( هوشنك أنصاري ) وزير المالية والاقتصاد الايراني بزيارة لسورية بعد أشهر قليلة من زيارة العمادي في 9/5/1394 ، ودرس امكانية تحقيق بعض المشاريع الاقتصادية المقترحة بين البلدين .

_ بعد حرب العاشر من رمضان 1393 استقبلت ايران كثيرا من المرضى السوريين الذين عولجوا في مستشفى ( شفا يحيا ثيان ) .
_ بعد العاشر من رمضان 1393 قام تعاون اعلامي بين البلدين ، وقامت صحيفة الاخاء الايرانية بأكثر من زيارة لسورية ، وأجرت مقابلات مع عدد من قادة النظام السوري ومنهم :
أحمد اسكندر رئيس تحرير جريدة الثورة السورية .
وزير الاعلام الحالي ، محمد حيدر نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ، عطيه جودة مدير المكتب الثقافي وعضو مركز الاعلام الحزبي وغيرهم .. وجميعهم كان يشيد بالعلاقات الايرانية السورية ويرحبون بالتعاون الثقافي والاقتصادي بين البلدين .

_ وفي 7/10/1975 قام محمد العمادي وزير الاقتصاد والتجارة السوري بزيارة لايران ، وأسفرت الزيارة عن قرض قدمته ايران لسورية قيمته ( 150 مليون دولار ).

-403-

وقد اتفق الطرفان على تنفيذ مشروع مشترك لانتاج اللحوم في منطقة سد الفرات على أن يصدر القسم الأعظم من هذه اللحوم لايران ، كما تقرر بناء معمل كبير لانتاج الأسمدة الكيماوية في سورية .

من أغرب ما اتفقوا عليه انشاء خط حديدي يمتد بين القامشلي وطهران .
فلماذا هذا الحرص على أن تكون معظم مشاريعهم قرب الحدود السورية العراقية ؟! .

ولماذا يكون الخط الحديدي بين القامشلي السورية التي تقع قرب العراق وتركيا وبين طهران ؟! علما بأن الخطوط الحديدية ما كانت تبني إلا لأغراض سياسية ، وعندما حرص أعداء الاسلام على هدم الخلافة الاسلامية كان أول ما فعلوه هدم الخط الحديدي الذي يمتد ما بين المدينة المنورة واستانبول .

_ وفي 16/8/1975 قام عباس علي خلعتبري وزير خارجية ايران بزيارة سورية تلبية لدعوة عبد الحليم خدام الذي زار ايران أكثر من مرة ، وقابل الوزير الايراني رئيس الوزراء السوري فرئيس الجمهورية حافظ الأسد وسلمه رسالة من شاه ايران .

_ وتتوجت هذه الاتصالات بزيارة قام بها الرئيس النصيري حافظ الأسد لايران في أوائل كانون الثاني من عام 1976 ، وعقد الأسد مع الشاه اجتماعا مغلقا لم يحضره الوفدان السوري والايراني ، وبالتأكيد فإن الأحاديث التي جرت بين الرئيسين على درجة من السرية حتى على رئيسي حكومتي البلدين ، وأثار هذا اللقاء المغلق استغراب الدبلوماسيين


-404-

والصحفيين ، ولهذا أجرت صحيفة السياسة الكويتية لقاء مع الشاه في 20/1/1976 ووجهت إليه السؤال التالي :
جلالة الشاه علمت هنا أنك عقدت اجتماعا مطولا ومغلقا مع الرئيس السوري الأسد ، وإن هذا الاجتماع لم يحضره سوى مترجم فهل بالامكان معرفة ما دار ؟! .

جواب الشاه : لا أخفي عليك بأننا تحدثنا عن أشياء كثيرة وان اللقاء كان شخصيا ولم يحضره الوفد السوري ولا الوفد الايراني ، لقد تحدثنا عن قضايا عدة سواء فيما يتعلق بقضايا منطقة الخليج أو الشرق الأوسط ، إنه اجتماع مفيد ومهم .

ثم ذكر الشاه أنه تدارس مع الأسد الحرب الدائرة في لبنان ، وأن الرئيس السوري عرض عليه خطة لحل الأزمة وأن الشاه وافق على هذه الخطة وبعد عودة حافظ الأسد من طهران زاره في دمشق سليمان فرنجيه ، وعقد معه اجتماعا مغلقا لم يحضره رئيسا الحكومتين السورية واللبنانية ، وتم بموجب هذا اللقاء وقف القتال في لبنان ، وأول من نقلت عنه وكالات الأنباء سر الاتفاقية التي تمت بين الأسد وفرنجيه هو موسى الصدر بتاريخ 19/1/1976 .. وتبين أن هذه الاتفاقية هي التي عرضها الأسد على الشاه ووافق عليها .

وقال الأسد خلال اقامته في طهران في كلمة رد بها على الشاه :
( لقد كنا نتابع من بعيد وبإعجاب شديد التقدم الكبير الذي حققته ايران تحت القيادة الحكيمة للشاهنشاه آريامهر .. ثم وصف زيارته لايران بأنها نقطة تحول ايجابية في تاريخ العلاقات بين البلدين ) .