عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 07-09-2006, 05:26 PM
صمت الكلام صمت الكلام غير متصل
كنتـُ هيّ ..!
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2006
الإقامة: QaTaR
المشاركات: 4,043
إفتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم


مقدمة

الحمد لله الذي جعل للعرب جمالًا تتهافت عليه سائر الأمم وخصم من كثرة القبائل بما طلع لهم به في كل افق نجم ورفع لهم بكل قطر علم وأنالهم من الشرف الباذخ ما لا تمتد إلى مثله يد ولا تتخطى إلى نظيره قدم أحمده على أن جدد معالم العلم الدارسة باظهار مختفيها وأراج أسواقها الكاسدة بزيادة الرغبة ولله تعالى الحمد فيها وأعز جانبها بأجل عزيز ما شام برق فضيلته شائم الا انتجع غيثها ليستسقيها وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تقدع المخادع وتقمع المداهن وتورد قائلها اصفى الموارد فيدعى المحسن في اخلاصها أبا المحاسن وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده وسوله أفضل شيء طابت أرومته وأفصحت عن كرم المحتد جرثومته صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين شرفت بالاعتزاء الى عنصره الشريف انسابهم وكرمت بالقرب إليه في الانتساب احسابهم صلاة تكشف بسح وابلها اللأوا وتجمع بشريف نسبتها بين شرف النسب وكرم التقوى وسلم تسليمًا كثيرًا‏.‏

وبعد‏:‏ فلما كان العلم بقبائل العرب وأنسابهم على جلالة قدره وعلو مكانه ورفعة ذكره قد درس بترك مدارسه معالمه وانقرض بانقراض علمائه من العصر الأول ملزومه ولازمه مع مسيس الحاجة إليه في كثر من المهمات ودعء الضرورة إلى معرفته في الجليل من الوقائع والملمات وكان المعز الاشرف العالي المولوي الأمير الكبيري النصيري الزعيمي النظامي المدبري المشيري الأصيلي الكفيلي العزيزي أبي المحاسن يوسف العثماني الأموي القرشي عزيز المملكة المصرية وسفيرها ومدير الممالك الاسلامية ومشيرها بلغه الله تعالى من منتهى أربه غاية الأمل ورفع قدره فوق السماكين وقد فعل قد ألقى إليه من الممالك الاسلامية مقاليدها ودانت له الاقطار المتقاعسة قريبها وبعيدها وانقادت له شم الانوف الأبية فأتوه طائعين وتليت عليهم زبر سطوته القاهرة فظلت أعناقهم لها خاضعين وغلت بكفه الاكف العادية واستؤصلت بسيفه القاضب شأفة أهل الفساد فهل ترى لهم من باقية وحمى الديار فلا يغلق بابه إلا ضعيف اليقين وأمنت بانتشار صيته المسالك فقيل سيروا فيها ليالي وأيامًا آمنين‏.‏

وعودر الليث مرتاعًا لسطوته وحاذر الذئب قرب الشاة من رهب وصرفت بتصريفه أمور الدولة فجرت على السداد ونفذت بتنفيذه أمورها فأربت مقاصدها بحمد الله على المراد‏.‏

وإن أمور الملك أضحى مدارها عليه كما دارت على قطبها الرحى وأتى من تدبيره الملك بما اطلع نجومه الأوافل وفرغ من فروض المملكة فأتى بالنوافل فأخذ في عمارة ما درس من المعزية القاهرة وباد وتجديد ما وهي من جوانبها بمر الزمان أو كاد‏.‏

حتى فاقت ببهجته الاسكندرية التي بناها الاسكندر وقالت‏:‏ ليت هذا الجمال وافاني حين قلدني عقد الترصيف جوهر وأبدل قصر الفاطميين من اللبن الخاشع جلامد الصخور وأعاضه من رث الصنعة ما يروق رونقه العيون ويشفى ببهجته الصدور وأعقبه من التشيع اكتساب السنة وكسبه رفض الرفض فكان له بذلك المنة‏:‏ فحي هلا بالملزمات وبالعلى وحي هلا بالفضل والسؤدد المحض هذا وقد اقتفى سنن الملوك الماضية في الاعتناء بمآثر المعروف الباقية والاحتفال من صالح الاعمال بما لا ينقطع ثوابه من علم ينتفع به أو صدقة جارية فابتنى المدرسة الغراء التي عز في الوجود نظيرها وراق منظرها وأبهج نضيرها فصافحت كف الثريا بكف منارها وسامت النسر الطائر في الارتفاع برفيع مطارها وحطت بالتخوم أساسها فرست وتوالت مياه السقي على قلوب حجارتها المتراكبة فقسمت واشتملت من ابداع الصنعة على ما يزرى بشداد بن عاد وفازت من أحاسن المحاسن بما لو رآه ارم لقال ليتني لم أشرع في بناء ذات العماد‏.‏

أحكام صنعتها شداد يغبطه ومن تشيدها الاهرام في خجل وحازت من نفيس الرخام ما يهزأ بالجواهر فأتت فيه من بديع الرونق بما لو عاينه السابق لقال كم ترك الأول للآخر‏:‏ فلا اللئالئ من حسنٍ تقاربه ولا اليواقيت في وصفٍ تدانيه وأودعت من نفائس الكتب ما يتنافس فيه المتنافسون وانفردت من نوادر المصنفات بما لم يشاركها فيه غيرها من المدارس فيقال فيه شركاء متشاكسون مع مساعمته أعز الله انصاره في الانساي بكريم نسبه واشتماله من محبة العلم وأهله على ما يقضي بمتين دينه ووثاقة سببه أحببت أن أخدم خزانتها العالية عمرها الله تعالى ببقاء منشيها وأدام عزها بدوام أيام بانيها بتأليف كناب معرفة العرب والعلم بأنسابها يجدد الدروس رسومها ويطلع بافق الزمان بعد الأفول نجومها ليكون باختصاصه بوضعه كالغرة في وجه كتبه وتدخر بخزانته السعيدة لتصير كلمة باقية في عقبه فشرعت في ذلك بعد أن استخرت الله تعالى ولا خيبة لمستخير واستشرت فيه أهل المشورة ولا ندم للمستشير واصلًا كل قبيل من القبائل بقبيلة وملحقًا كل فرع من الفروع الحادثة بأصوله مرتبًا له على حروف المعجم ليكون أسها للاستخراج قبائله وأقرب إليه في الاقتطاف من تناوله‏.‏

ثم إن هذا الكتاب وإن كان قد جمع فأوعى وطمع في الاستكثار فلم يكن بالقليل قنواعًا فأنه لم يأتي على قبائل العرب بأسرها ولم يتكفل على كثرة الجمع بحصرها فان ذلك يتعذر الاتيان عليه ويعز على المتطلب الوصول إليه غير أنه قد حصل من جميع القبائل ما يتعسر إليه من غير طريقة الوصول وحافظ على تمهيد أصولها أتم المحافظة والمطلوب حفظ الأصول وسميته ‏"‏نهاية الأرب في معرفة أسناب العرب‏"‏ والله يقرنه بالتوفيق ويرشد فيه إلى أوضح طريق وقد رتبته على مقدمة ومقصد وخاتمة‏.‏
__________________
الرد مع إقتباس