ما الذي تغير بعد 5 سنوات من الحرب الأمريكية المجنونة؟
تقارير رئيسية :عام :الاثنين 18 شعبان 1427هـ – 11 سبتمبر 2006م
د. علي عبد الباقي
مفكرة الإسلام: نحن الآن في الذكرى الخامسة لأحداث 11 سبتمبر عام 2001، التي زلزلت الوجدان الأمريكي، وعلى إثرها دخلت إدارة بوش في حرب مجنونة ضد العرب والمسلمين تحت غطاء ما سمي بـ'الحرب على الإرهاب'. فهل حققت هذه الحرب أهدافها، وهل تغير العالم بعدها؟ وفي أي اتجاه تغير؟.
آخر استطلاع للرأي تم إجراؤه في أمريكا أكد أنّ واحداً من كلّ ثلاثة أمريكيين يؤمن بضلوع السلطات الأمريكية، علي نحو أو آخر، في ما جري يوم 11 سبتمبر عام 2001م. وهناك اتجاه شعبي أمريكي يتزايد يوماً بعد يوم، يعتمد التظاهر والاعتصام وحملات التوعية، ويتحالف معه عشرات المعلّقين في صحف وإذاعات محلية، فضلاً عن أساتذة جامعات وأخصائيين في الهندسة المعمارية وتفجير المباني العملاقة والتصوير السينمائي. هذا الاتجاه وهذا التيار الشعبي، يتبنى فكرة المؤامرة، وينطلق من فرضية أن أحداث سبتمبر 2001م هي من تخطيط الإدارة الأمريكية، أو أن هناك أناساً في هذه الإدارة علموا بالمخطط قبل وقوعه، ولكنهم لم يتصدوا له، وتركوا الكارثة تقع حتى يمكنهم استغلالها لتحقيق أهدافهم.
وإذا كان هذا التيار الصاعد يتهم الأبيض بالتآمر، فليس غائباً أن الإدارة الأمريكية الحالية تستخدم التآمر كطريقة للعمل وإدارة شؤون العالم، وليست كاستثناء لحل مشكلة أو الوصول إلى غاية لا تدرك بالطرق الأخلاقية. والإدارة الأمريكية الحالية لا تملك الحد الأدنى من القيم أو الأخلاق الذي يجب أن يتوافر لكي يمتنع المرء عن التآمر. نعم، ربما يكون نفر من الإدارة الأمريكية قد علموا بما سيحدث، وتم اتخاذ قرار ما على المستوى القيادي بترك الأمر يحدث، وعدم المبادرة بمحاولة إيقافه، أو الحد من نتائجه المباشرة، هذا أمر ممكن ومتوقع، لاستفزاز الوجدان الأمريكي للتعاطف، وتأييد القيام بأعمال عسكرية بشعة بدعوى الرد على العدوان.
هذا التيار، أجبر الحكومة الأمريكية علي إصدار سلسلة تقارير تدحض نظرية المؤامرة وتدعم الرواية الرسمية للأحداث، وتدعم أيضاً النظرية الثابتة اليقينية الراسخة للرئيس الأمريكي جورج بوش والتي تؤكد أن أحداث 11 سبتمبر كانت جولة للشرّ الإسلامي ضدّ الخير الذي يخرج من واشنطن ليضيء العالم ويهديه إلى دليل القِيَم الأمريكية، وطرائق الأمريكان في العيش والديمقراطية والفلسفة والسياسة والاجتماع والاقتصاد، ولا وسيلة لانتصار الخير علي الشرّ إلا بما يفعله هو في أفغانستان والعراق ثمّ فلسطين ولبنان.
ففي خطاب له مؤخراً أمام المحاربين القدماء، اعتبر بوش أنّ الحرب علي الإرهاب أكثر من نزاع عسكري، إنها الصراع الأيديولوجي الذي سيحدّد وجهة القرن الواحد والعشرين.
وفي رأي بوش فإن هذه المجموعات الإسلامية [الإرهابية، في نظره] تشكّل خطوطاً لحركة واحدة هي عبارة عن شبكة عالمية من المتشددين الذين يستخدمون الإرهاب لقتل مَن يعترض إيديولوجيتهم الشمولية الاستبدادية.
ويتناغم مع هذا كله صدور تقرير عن البيت الأبيض مؤخراً بعنوان 'الإستراتيجية القومية في محاربة الإرهاب' يصف الحرب الإرهاب بأنها حرب عقائد وإيديولوجيات، ونتيجة لهذا التنميط الأيديولوجي المتعصب، تعتبر الإدارة الأمريكية أن الإرهاب لا ينشأ بتأثير عوامل الفقر والفاقة والبؤس، والعداء لسياسات الولايات المتحدة في العالم، والنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، أو ردّ الفعل علي حرب أمريكا ضدّ الإرهاب، وإنما نشأ لظرف أيديولوجي مبعثه كراهية إسلامية لقيم أمريكا الحضارية.
إستراتيجية خاطئة
وبرغم التركيز الأمريكي الشديد على ظاهرة الإرهاب ومكافحته بمختلف الوسائل، وإعلان الرئيس الأمريكي المتكرر عن مواصلته الحرب ضد الإرهاب، لا تبدو تلك الحرب قد حققت أهدافها بعد، بل على العكس من ذلك حيث تبدو الإستراتيجية الخاطئة التي اعتمدتها إدارة الرئيس بوش في الحرب على الإرهاب قد ساهمت وعززت في اتساع نطاق عمليات تنظيمات العنف، وعلى رأسها تنظيم القاعدة الذي تضاعفت قوته واتسع نشاطه، وهو الآن يشن حرب استنزاف واسعة ضد الولايات المتحدة بعد أن أثبت قدرته في احتواء الهجمات الأمريكية, فعلى سبيل المثال، أثبتت الهجمات التي نفذها تنظيم 'القاعدة' بعد 11 سبتمبر 2001 واستهدفت مدريد ولندن وشرم الشيخ أن التنظيم ما زال نشطاً في الساحة الدولية، وأن العنف بات أقوى مما كان عليه، وأقدر على تنفيذ خططه بعد أن أعاد تنظيم القاعدة تجميع صفوفه وتحول إلى حركة عالمية، حيث يعتقد الكثيرون أن الحرب الضروس التي شنتها الولايات المتحدة على أفغانستان ضد تنظيم القاعدة شكلت تحولاً استراتيجياً في تنظيم الحركة التي تحولت من تنظيم هرمي متسلسل إلى تنظيم مفتوح يضم كل من يؤمن بفكر ونهج القاعدة القائم على استهداف المصالح الأمريكية في أي بقعة من العالم.
المقال
http://www.islammemo.cc/Taqrer/one_news.asp?IDNews=985