الموضوع: لغتنا العربية
عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 04-10-2006, 04:56 PM
maher maher غير متصل
رب اغفر لي و لوالدي
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2004
الإقامة: tunisia
المشاركات: 2,978
إرسال رسالة عبر MSN إلى maher إرسال رسالة عبر بريد الياهو إلى maher
إفتراضي

فضل اللغة العربية


من آيات الله البينات على عظيم قدرته ، وحسن إبداعه ، وإتقان خلقه ، اختلاف البشر في أشكالهم ، وألوانهم ولغاتهم ، فرغم أن أصلهم واحد ، فأبوهم آدم وأمهم حواء إلا أنهم انقسموا إلى أجناس وقبائل وألسن وألوان مختلفة لا يعلم عددها إلا الله تعالى ، كما قال سبحانه وتعالى : ] وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ [ ( الروم : 22 ) .
إن اختلاف لغات البشر آية عظيمة ، فهم مع اتحادهم في النوع كان اختلاف لغاتهم آية دالة على ما كَوَّنَه الله تعالى في غريزة البشر من اختلاف التفكير ، وتنويع التصرف في وضع اللغات ، وتبدل كيفياتها باللهجات والتخفيف ، والحذف، والزيادة ، بحيث تتغير الأصول المتحدة إلى لغات كثيرة .

وامتن الله تعالى على الإنسان بأن خلقه ، ثم أتبع ذلك بذكر نعمة قدرته على التعبير عما في نفسه إما بالنطق وهو أكمل ، وإما بالإشارة إذا عجز عن النطق ، وذلك في قوله تعالى : ] الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ القُرْآنَ * خَلَقَ الإِنسَانَ * عَلَّمَهُ البَيَانَ [
( الرحمن : 1-4 ) ، فقدَّم جل ثناؤه ذكر البيان على جميع ما توحَّد بخلقه ، وتفرَّد بإنشائه من شمس ، وقمر ، ونجم ، وشجر ، وغير ذلك ، ولمَّا خصَّ الله جل ثناؤه اللسانَ العربي بالبيان علم أن سائر اللغات قاصرة وواقعة دونه .

إرسال الرسل بلغات أقوامهم :

ما ترك الله المكلفين حتى بيَّن لهم السبيل إليه ، فأرسل لهم الرسل ، وأنزل عليهم الكتب ، وعلَّمهم ما يحتاجون العلم به ، كما قال سبحانه : ] رُسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً [ ( النساء : 165 ) وكل رسول بعثه الله تعالى إنما بعثه من نفس قومه ، لا من غيرهم، يعرفونه ويعرفهم ، ويتكلم بلغتهم ، كما في قوله سبحانه : ] وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الَعَزِيزُ الحَكِيمُ [ ( إبراهيم : 4 ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لم يبعث الله نبيًّا إلا بلغة قومه ) .
ومحمد صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل وأفضلهم ، أُرْسِلَ إلى الناس كافة ، وخُوطِبَ بدعوته العرب والعجم ، بعثه الله تعالى من قريش أوسط العرب وأفصحهم وخوطب الناس بالعربية ؛ لأن أمة العرب أفصح الأمم لسانًا ، وأسرعهم أفهامًا ، وأقدرهم بيانًا ، وألمعهم ذكاءً ، وأحسنهم استعدادًا لقبول الهدى والرشاد .

العربية محفوظة :

أنزل القرآن بلغة العرب ؛ لأنها أصلح اللغات ، جمع معان ، وإيجاز عبارة ، وسهولة جري على اللسان ، وجمال وقع في الأسماع ، وسرعة حفظ قال الله تعالى : ] وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ [ ( الشعراء : 192-195 ) فوصفه الله تعالى بأبلغ ما يُوصف به الكلام وهو البيان .
وارتبطت اللغة العربية بهذا الكتاب المُنَزَّل المحفوظ ، فهي محفوظة ما دام محفوظًا ، فارتباط اللغة العربية بالقرآن الكريم كان سببًا في بقائها وانتشارها حتى قيل : لولا القرآن ما كانت عربية .

سعة اللغة العربية :

اللغة العربية أوسع اللغات ، وأكثرها بيانًا وإفهامًا بحاجة الإنسان ، قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : ( لسان العرب أوسع الألسنة مذهبًا ، وأكثرهم ألفاظًا ، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي ) .
إن اللغة العربية غنية بثروة لغوية لا قدرة لأحد على أن يحصيها ، لأن هذه الثروة من الضخامة والسعة بحيث لا تسلس قيادها لمن يريد حصرها أو إحصاءها وإن أكثر مواد اللغة العربية غير مستعملة ، وكثير منه غير معروف قال الكسائي : ( قد دَرَس من كلام العرب كثير ) .
وقال أبو عمرو : ( ما انتهى إليكم مما قالت العرب إلا أقله ، ولو جاءكم وافرًا لجاءكم علم وشعر كثير ) وذكر الزبيدي في مختصر العين أن عدة مستعمل الكلام كله ومهمله ستة آلاف ألف وتسعة وخمسون ألفا وأربعمائة ( 6059400 ) والمستعمل منها خمسة آلاف وستمائة وعشرون ( 5620 ) والمهمل ستة آلاف ألف وستمائة ألف وثلاثة وتسعون ( 6600093 ) ، وذكر عبد الغفور عطار أن المستعمل في العربية في عصرنا الحاضر لا يكاد يزيد على عشرة آلاف مادة مع أن الصحاح للجوهري يضم أربعين ألف مادة ، والقاموس ستين ألف مادة ، والتكملة ستين ألف مادة ، واللسان ثمانين ألف وأربعمائة ، والتاج عشرين ومائة ألف مادة، حتى قال ابن فارس فأين لسائر الأمم ما للعرب .
ومع أن المستعمل من مواد اللغة العربية ليس إلا أقل القليل منها فإنها لم تضق عن حاجة الإنسان ، وتجاربه ، وخواطره وعلومه ، وفنونه ، وآدابه ، بل وسعت روافد الحضارة والعلوم غير المعروففة عند العرب في أزهى العصور الإسلامية .

انتشار اللغة العربية :

لقد كان المسلمون في القرون الأولى يفتتحون الدول ، ويُمَصِّرُونَ الأمصار ، وينشرون الإسلام ، والداخلون في الإسلام من غير العرب يتعلمون العربية حتى يعقلوا كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، ويتعلموا أحكام الإسلام ، فعمت اللغة العربية أقطار الأرض ، وصارت لسان أكثر البشر ولغة التخاطب والعلم الرسمية فيما بين الأمم ، حتى التي لم تدخل في الإسلام ، ولقد عجب مؤرخو أوربة من انتشار هذه اللغة في الأرض ، وغزوها للشعوب الغربية ، قال المؤرخ الغربي رنان : من أغرب ما وقع في تاريخ البشر وصعب حل سره : انتشار اللغة العربية ، فقد كانت هذه اللغة غير معروفة بادئ بدء ، فبدت فجأة على غاية الكمال سلسة أية سلاسة غنية أي غنًى ، كاملة بحيث لم يدخل عليها منذ ذلك العهد إلى يومنا هذا أدنى تعديل مهم ، فليس لها طفولة ولا شيخوخة ، ظهرت لأول أمرها تامة مستحكمة ، إلى أن قال : فإن العربية ولا جدال قد عمت أجزاء كبرى من العالم ولم ينازعها الشرف في كونها لغة عامة أو لسان فكر ديني أو سياسي أسمى من اختلاف العناصر إلا لغتان : اللاتينية واليوناينة ، وأين مجال هاتين اللغتين في السعة من الأقطار التي عم انتشار اللغة العربية فيها اهـ [14] ، ويقول جورج سرطون : وأصبحت العربية في النصف الثاني من القرن الثامن للميلاد لغة العلم عند الخواص في العالم المتمدن ، وصارت حاملة علم التقدم الصحيح وحافظت على تفوقها وتصدُّرها في المرتبة الأولى بين جميع الألسن الأخرى إلى القرن الحادي عشر على أقل تقدير .

مفاخرة شباب أوربة بالعربية :

لقد مضى على العربية زمان كان شباب أوربا يفاخرون بتعلمها وينافسون أقرانهم في إتقانها ، حتى أصدرت الكنيسة قرارًا قالت فيه : إن هؤلاء الشبان الرقعاء الذين يبدؤون كلامهم بلغات بلادهم ، ثم يكملون كلامهم باللغة العربية لنعلم أنهم تعلموا في مدارس المسلمين ، هؤلاء إن لم يكفوا عن ذلك فستصدر الكنيسة ضدهم قرارات حرمان . ولم يمض على فتح الأندلس أكثر من خمسين سنة حتى اضطر رجال الكنيسة أن يترجموا صلواتهم بالعربية ليفهمها النصارى ؛ لأنهم زهدوا في اللغة اللاتينية ، ونشأ لهم غرام بالعربية ، فأخذوا يتقنون آدابها ، ويتغنون بأشعارها ، ويكتبون بها كأبنائها ، ويعجبون ببلاغتها إعجاب أهلها بها .
قارن أيها القارئ ، هذا بحال كثير من أبناء المسلمين اليوم الذين زهدوا في لغتهم لغة القرآن ، وولوا شطرهم إلى الغرب بلغاته المختلفة يلوون ألسنتهم بلغات أجنبية يخلطون بها عربيتهم ؛ ليبرهنوا على أنهم مثقفون ومتحضرون ، في عصر كثر فيه المنهزمون مع أنفسهم ، وقل الواثقون بتراثهم وحضارتهم ، فإلى الله المشتكى ، ونسأله تعالى أن يعصمنا من الزيغ ومن التقليد الأعمى .

المؤامرات على العربية :

اللغة العربية ظلت قوية ثابتة ، وستظل كذلك إلى أن يشاء الله تعالى ، لقد تآمر عليها أعداء كُثُر من الشعوبيين القدماء ، والمستشرقين أيام الاستعمار الأجنبي للبلاد الإسلامية ، حيث حاولوا إلغاء اللغة العربية ، واستبدالها بلغات أجنبية إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل ، ثم ظهر أفراخ الغرب وعملاؤه في بلاد المسلمين ليقوموا بذات المهمة عن طريق إحياء اللغات البائدة من الفرعونية ، والكردية ، والأمازيغية وغيرها ، وتمجيد اللهجات العامية ، والشعر العامي ، وإفساد الذوق العربي بهدم أوزان الشعر ، والولوغ في الطلاسم والرمزية باسم الحداثة والتجديد ، والدعوة إلى إلغاء الإعراب والحركات ، وتسكين أواخر الكلمات ، وكل محاولة منها تفشل بعد الأخرى ، ويُقَيِّضُ الله تعالى رجالاً يُنَافِحُون عن لغة القرآن ، ويَرُدُّونَ كَيْدَ الأعداء .
يقول الكاتب الغربي ميليه : إن اللغة العربية لم تتراجع من أرض دخلتها ، لتأثيرها الناشئ من كونها لغة دين ، ولغة مدنية ، وعلى الرغم من الجهود التي بذلها المبشرون ، ولمكانة الحضارة التي جاءت بها الشعوب النصرانية ، لم يخرج أحد من الإسلام إلى النصرانية.

وجوب تعلم العربية :

إن لغتنا جزء من ديننا ، بل لا يمكن أن يقوم الإسلام إلا بها ، ولا يصح أن يقرأ المسلم القرآن إلا بالعربية ، وقراءة القرآن ركن من أركان الصلاة التي هي ركن من أركان الإسلام ، ولذا فإن العناية بتعلمها وإتقانها مطلوبة مرغوب فيها من أجل إقامة شعائر الإسلام وفهم نصوص الكتاب والسنة ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى : ( ومعلوم أن تَعَلُّمَ العربية وتعليم العربية فرضٌ على الكفاية وكأن السلف يؤدبون أولادهم على اللحن ، فنحن مأمورون أمر إيجاب أو أمر استحباب أن نحفظ القانون العربي ، ونصلح الألسن المائلة عنه ، فيحفظ لنا طريقة فهم الكتاب والسنة ، والاقتداء بالعرب في خطابها ، فلو تُرِكَ الناس على لحنهم كان نقصًا وعيبًا ، فكيف إذا جاء قوم إلى الألسنة العربية المستقيمة ، والأوزان القويمة فأفسدوها بمثل هذه المفردات والأوزان المفسدة للسان ، الناقلة عن العربية العرباء إلى أنواع الهذيان الذي لا يَهْذِي به الأقوام من الأعاجم الطماطم العميان ) .
وينبغي لمن دخل الإسلام من الأعاجم أن يتعلم العربية فقد سمع عمر رضي الله عنه رجلاً يتكلم في الطواف بالفارسية فأخذ بِعَضُدِهِ وقال : ابتغ إلى العربية سبيلا قال عطاء : رأى عمر بن الخطاب رجلين وهما يَتَرَاطَنَان في الطواف فعلاهما بالدِّرَّةِ وقال : لا أُمَّ لكما ، ابتغيا إلى العربية سبيلا .

وعلي رضي الله عنه ضرب الحسن و الحسين على اللحن .
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يضرب أولاده على اللحن ولا يضربهم على الخطأ .