ألا يكفي أنه هزّ وأثبت عدم صحة المقولة: أن "إسرائيل" الدولة التي لا يمكن الاعتداء عليها أو حتى ضربها؟
هذا غير صحيح، من قال ذلك؟ دولة اليهود هزها الأطفال قبل ذلك بالحجارة، هل كنا ننتظر حتى يأتي حزب الله ليهز قناعتنا باليهود؟ أطفال الحجارة الذين لا يملكون سوى الحجارة هزوا قناعة العالم في هذه الدولة اليهودية، بل هذه الحقيقة معروفة قبل أطفال الحجارة مع شجاعتهم وبسالتهم، حيث قال الله _سبحانه وتعالى_ عنهم في كتابه "لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ" (الحشر:14) فيا سبحان الله النصوص القطعية الثابتة في الكتاب والسنة أمامنا ونحتاج إلى أن يأتينا مثل هذا الحزب ليهز القناعة؟ ثم الواقع العملي حيث نرى أطفالا لا يملكون ما يملكه حزب الله من صواريخ وقنابل وغيرها ومع ذلك هزوا قناعة العالم كله، وأثبتوا أن هذه الدولة من أجبن الدول وأضعفها تأكيدا لما ورد في القرآن والسنة وتجارب التاريخ، بل أعتقد أن القول بأن الحزب «هزّ» هذا ظلم لإخواننا الفلسطينيين، فثبات الفلسطينيين والمجاهدين في داخل فلسطين هو الذي هزّ العالم في قناعته فان اليهود جبناء وضعفاء، لكن هل أتيحت الفرصة للمسلمين أن يجاهدوا في ظل المؤامرات التي حيكت لإخواننا في فلسطين، وبعض الأنظمة العربية شريكة فيها.
ملك الأردن سبق أن حذر من هلال شيعي، وبعض المراقبين يعتبرون حزب الله امتدادا للثورة الإيرانية، في مقابل بعض آخر يراه حامي حمى الإسلام ورافع راية الجهاد؟
أخي الكريم.. لو رأيت غصنا يتدلى من شجرة فهل الغصن ينتمي إلى الشجرة؟ بكل تأكيد. ا
إذن لو سألنا من الذي أنشأ حزب الله؟ ومن الذي يموله؟ حزب الله يرفع صور قادة إيران ويفتخر بذلك، وإيران تدعم «المنار» بالملايين ولا شك في ذلك، ولا تقل هذه دعوى من عندي، بل أحد زعماء حزب الله ولعله إبراهيم الأمين قيل له: هل أنتم تبع لإيران؟ فقال: بل نحن إيران في لبنان (...)، وهذا تصريحه هو وليس تصريحي أنا.
ثم ذكرت بعض الصحف الألمانية أن السفارة الإيرانية هي غرفة العمليات لحزب الله، فلا شك أنه ينفذ استراتيجية إيرانية، ولذلك فالخطورة تأتي من هنا.
أما أن يكون حامي حمى الإسلام، أو قائداً للمجاهدين أو محرراً لفلسطين فأبرأ إلى الله من هذا القول، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ولكن يبقى حزب حسن نصر الله في ظل التخاذل والضعف والهوان الذي تعيشه الأمة هو من رفع راية الجهاد..؟
مقاطعا: ما رفع راية الجهاد ولا أوافقك على ذلك، ولكن أقول رفع راية إيران.
بمناسبة ذكر إيران، كيف ترى الحملة الغربية ضد إيران بسبب برنامجها النووي، في مقابل السكوت التام على الممارسات النووية "الإسرائيلية"؟
أولا يجب أن أنبه إلى النقاط التالية:
لاشك أن ثمة خلافا حقيقيا بين إيران والغرب، بسبب المفاعل النووي، ولكن في الوقت نفسه لا نجعل من ضعفنا مبررا لشرعية الآخرين، فكثير من الدول العربية متخاذلة ومواقفها ضبابية، فأرى بالنسبة للمفاعل النووي الإيراني أن إيران ستحقق مصالح بعيدة يخدم مشروعها الاستعماري، ولا شك عندي أن المنطقة ستشكو من آثار ذلك، وتبقى أميركا في النهاية تتخوف من هذا المفاعل وآثاره، وبخاصة إذا قامت الدول الأخرى وحذت حذو إيران، كباكستان وتركيا وغيرهما بحجة السكوت عن المفاعل الإيراني.
ومن جانب آخر، هذه الضجة حول المفاعل الإيراني تبرز الوجه الحقيقي الكالح للغرب وأميركا بالذات. فما معنى أن تثور هذه الثورة العجيبة على إيران وتدمر المفاعل العراقي قديما وتحدث ضجة حول باكستان، وإسرائيل من أبرز الدول النووية مسكوت عنها؟! هذه عدالة أميركا لمن يتكلم ويدافع عنها وديموقراطيتها وشرعيتها والغرب تبع لها.
ألا ترى أن امتلاك إيران للمفاعل النووي يشكل نوعا من توازن القوى الدولية؟
لو كان ثمة مفاعل نووي في الصين فانه يشكل توازنا دوليا، ولو وجد في كوريا فانه كذلك، ولكنه يختلف عن تحقيق التوازن مع القوى الدولية في ما يخدم المصالح الإسلامية الحقيقية، وإنما هو ذراع لتحقيق الدولة الفارسية الصفوية.
الأخبار الأخيرة تشير إلى استعادة حركة «طالبان» لشيء من عافيتها، وبدأت ببعض المناوشات والقتال مع حكومة كابول، وقوات التحالف هناك، فهل ثمة دلالة على ذلك؟
الناس الآن في أفغانستان شعروا أن الدولة التي كانت توفر لهم الأمان ليست الحكومة العميلة الحالية وإنما حكومة طالبان بغض النظر عن تحفظنا عن بعض سياساتها، ولكن هي من يتعطش الناس إليها، وأؤكد مرة أخرى أن هذه سنة لو درسناها ودرسنا منهج السنن، وهو مؤذن بسقوط أميركا لأنها ما استطاعت أن تحمي مناطق النفوذ، ويكفي العراق من أقوى الأدلة على ذلك، وأميركا اليوم في ورطة بعد ثلاث سنوات من الاحتلال للعراق، تضع يدها في يد إيران داخل العراق، وتتقاتل معهم خارج العراق، وهذه أدلة على تخبطها، وأبشر بمبشرات قادمة للأمة في كل مكان، وليس فقط في أفغانستان أو في العراق أو في فلسطين، ولكن لا نعد وعودا وهمية فالأمة تحتاج إلى عمل جاد وصادق، كما تحتاج إلى أبنائها ورجالها، والى اتفاق في كلمتها، وصدقني أخي الكريم أننا لم نغلب إلا باختلافنا وبهزيمتنا النفسية، وإلا فالأمة الثابتة الصابرة هي المنتصرة ولو هزمت ظاهرا في فترة من الفترات.
ننتقل إلى الصومال، نجد أن «المحاكم الشرعية» استولت على غالبية مناطق الصومال، فكيف ترى المحاكم الشرعية؟ والوضع الصومالي بشكل عام؟
التقيت مع بعض مشايخها عندما زاروا المملكة للعمرة، وقالوا أنهم بدؤوا عندما حدثت الفوضى في الصومال والدمار والسرقات والنهب، فأقاموا محاكم في الأحياء فكل حي فيه محكمة شرعية فتوفر للناس الأمان، حتى لما بدأت المحاكم في الجنوب نزح أهل الشمال إلى الجنوب، والعكس، حتى وصلت المحاكم إلى قرابة عشر محاكم، فشعر أهل مقديشو العاصمة بالأمان وهذا طبيعي جدا لأنهم حكموهم بالشرع على مستوى بسيط يسير، فتحالفوا في ما بينهم فجاءت بعض الأقاليم تطالب بما يحدث في مقديشو، وهذا ما حدث في شكل مبسط، ولا نستطيع أن نحكم على التجربة لأنها لا تزال في بدايتها، ولكنها تعد سقوطا وفشلا للمشاريع الغربية في الصومال ولغيرها، ويصعب الحكم النهائي على هذه التجربة وبخاصة مع ضخامة المؤامرات ضدهم وقلة المعين والناصر من المسلمين.
ألا يعد ذلك نوعا من الخروج على الحكومة ؟
أي حكومة؟ فليست هناك حكومة صومالية حقيقية، مجموعة من المنتفعين تقطن في فنادق نيروبي، وهذه ليست حكومة، فالحكومة هي التي تحكم على أرض الواقع لا توجد حكومة حقيقية في الصومال، بل مرتزقة موالون لأثيوبيا والغرب.
فضيلة الشيخ كلمة توجهها إلى كل من: حكام المسلمين؟
على الحكام أن يتقوا الله جل وعلا في شعوبهم، وهم يملكون مواطن القوة: دين الإسلام والقوة البشرية والثروة المادية، وأوصيهم بالعودة إلى الله جل وعلا، وتحكيم شرع الله تعالى في شعوبهم والاتحاد في ما بينهم، وهنا والله سيأتيهم العالم راغباً أو راهباً، أما إذا بقوا على تخلفهم وتفرقهم أقول إن سنة الله جارية "وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم".
وإلى الدعاة إلى الله؟
أوصيهم بالاتحاد وتوحيد الكلمة والمنهج وأن تصفى القلوب، وإذا وجدت مسائل اجتهادية تحل بالحوار بين الدعاة، وبهذا تكون لهم مكانتهم وثقلهم بين شعوبهم أولاً، وتأثير الكلمة عند حكوماتهم وعند شعوب العالم أجمع، ولذلك نقول لهم { تعالوا إلى كلمة سواء}.
والى الشعوب الإسلامية؟
الشعوب الإسلامية تنتظر قيادات راشدة، فإذا وجدت القيادات الراشدة على مستوى الحكام وعلى مستوى العلماء، والخير موجود في الأمة بلا شك، فهناك الكثير من العلماء الأخيار، فإذا سارت الشعوب خلف علمائها وقاداتها فستكون هي المنتصرة في النهاية بإذن الله.
الشعوب الإسلامية شعوب ضعيفة مغلوبة على أمرها مع أنها تملك مخزون القوة القادمة بإذن الله.
ولكن الشعوب أحيانا هي التي تحرك القيادات؟
تحريك نسبي، تستطيع أن تحرك إذا تضامنت ووقفت مواقف موحدة، ولكنه يبقى تحريكا نسبيا، لأن الشعوب معزولة ومغلوبة على أمرها، وان الله يزع بالسلطان ما لايزع بالقرآن.
وأشكر «الرأي العام» لاتاحة هذه الفرصة، كما أشكر أهلنا في الكويت على مالقيته وصحبي من حسن وفادة وتكريم، وأسأل الله أن يغفر لأبي بدر عبدالله بن علي المطوع وأن يعوض الأمة وأهله خيراً.
http://www.almoslim.net/figh_wagi3/s...ain.cfm?id=149
..
__________________
نراع إذا الجنائز قابلتنا *** ونلهو حين تختفي ذاهبات
كروعة قلة لظهور ذئب *** فلما غاب عادت راتعـــــات
|