عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 16-05-2000, 06:08 AM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Post

إذا كانت (عصمة النبي) ضرورية فهي إذا فيما يعنى بجانب التبليغ. وما من مفسر قال بأن المقصود بقوله تعالى: {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى} أن الأمر يشمل كل ما يقوله /ص/ مع الإقرار بأن الجانب الإنساني الفطري الذي يتحرك به النبي /ص/ في حياته اليومية كالنوم وقضاء الحاجة والنكاح والأكل والشرب واللباس والتعبير عن الغضب والحب وسواه من الأمور، يكون فيها قدوة للمسلمين فيما ثبته الشرع، وتعليماً وتوجيهاً فيما نبه الشرع إلى غيره.
ومن قوة هذا الدين أن صاحب الشريعة /ص/ لم يغير شيئاً فيما أنزل إليه بما في ذلك آيات العتاب على اجتهاده في شؤون الدعوة وسبل التبليغ وآليات تنفيذ أمور الحرب والسلم.
كما في انصرافه عن الأعمى في قوله تعالى {عبس وتولى}، وكما في الحكم بفداء الأسرى وقد جاء الأمر الإلهي بعد ذلك يأمر بأن يثخن في الأرض {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض}، وكاختيار موقع المعركة كما في بدر وقد أشار عليه الحباب بن المنذر بموقع آخر فاستحسنه /ص/ وكان درساً مهماً في أمور القيادة والشورى وسواها من ابتلاء القيادة، والقصة بطولها في سيرة ابن هشام وغيرها من كتب السير.
إن اجتهاد الأنبياء أمر واضح في سورة الكهف، وهي تذكر موقف موسى /ع/ وكيف اجتهد فيما رأى مما لا يعلم، وبين له العبد الصالح (الذي يقول البعض إنه الخضر) لاحقاً حقيقة الأمور وخطأ اجتهاده فيها.
وأما القول بعصمة غير الأنبياء، فتفسير ذلك بحدود مدد الله وعونه لهم على شهوات النفس ووساوس الشيطان فمقبول وملموس، وفيه نصوص في الكتاب والسنة، وهي منحة إلهية لكل تقي في كل عصر من عصور النبوات والرسالات، وليس خاصاً بالأمة المحمدية.
وأما القول بأنها خاصة في آل بيت النبوة، فهذا مما يحتاج إلى دليل، والدليل إمام أن يكون عقلياً، أو نقلياً، أو هما معاً. وآية {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً} ليست خاصة بمن ذهب البعض إلى القول بأنهم المعنيين دون سواهم، بل هي في زوجات النبي /ص/ خاصة، رضوان الله عليهن، وقد تعرض بعضهن إلى قذف القاذفين (وما زال بعض السفهاء يتعرضون لأمهات المؤمنين لا سيما الصديقة بنت الصديق رضي الله عنهما). والتطهير ليس عصمة، لا بلغة العرب ولا بقواعد العقل.