مما يؤسف له أن يرى بعض المكثرين في الكتابة، المندفعين دون روية، أن من يخالفهم الرأي، ليس إلا (بعض المتعصبين دأبوا على لي الحقائق وتحويل الفضائل لغاية في نفوسهم) لا سيما في معرض التعريف بمن هم (آل البيت)، بحيث تضيق الدائرة عند (البعض) حتى يحصرهم في أربعة لا خامس لهم وهم: الزهراء البتول بنت الرسول، والإمام أسد الله الغالب علي بن أبي طالب، والإمام أبي محمد الحسن بن علي، والإمام أبي عبد الله الحسين بن علي، رضي الله عنهم وعن الصحابة أجمعين)، وأن يعتبر معرفة ذلك، والإيمان به بديهة(!)
ولست أدري أي تعصب هذا الذي يستنكره في غيره ولا يراه في نفسه، وهو متوتر لمجرد أن دائرة آل البيت أوسع مما يظن، ولست أعرف سر هذا الحكر الذي اخترعه لنفسه، أو اخترعه له غيره، أهو التزام منه بالنص، كالتزامه بالعقيدة يخشى الخروج منها قيد أنملة؟ أم هناك مآرب أخرى وراء التفريق ما بين رسول الله (ص) وأمته، بكل جماعاتها وقطاعاتها وشرائحها؟ وأي (ليّ) هذا الذي يراه في غيره ولا يراه في قوله؟ وهل الأدلة التي ساقها تؤيد مذهبه؟
ولو كان هناك من ينكر أن الأربعة المذكورين (أهل الكساء) من آل البيت، لكان لجوابه موضعاً في المسألة برمتها، ولكن أحداً ما لا ينكر أن أهل الكساء هم من آل البيت، إنما المسألة المختلف عليها إنكاره أن آخرين أيضا هم من آل البيت، وهم الذين حرم النبي (ص) عليهم الصدقة، وهم زوجاته الأطهار، وبناته الثلاث الأخريات، وذرياتهم، وآل أبي طالب (بنو علي وبنو جعفر وبنو عقيل)، وآل العباس. وهذا هو المعلوم بداهة، لا ما قال.
وهل من جماعة أبعد عن علي وبنيه، رضي الله عنهم أجمعين، وعن حبهم والاقتداء بهم، ممن ناصب إخوانهم وأهلهم وعشيرتهم من المسلمين العداء(؟) وفي قول أبي الحسن، كرم الله وجهه، مندوحة لهؤلاء: (هلك في اثنان: مبغض قال، ومحب غال)(؟)
والغلو في ادعاء حب علي وبنيه، رضوان الله عليهم، ليكون مدخلاً للبدعة والضلالة والتلاعب بدين الله والنيل من أمهات المؤمنين، والصحابة الكرام، وإنكار جهادهم ومكانتهم من رسول الله (ص) ودين الله، ودورهم في حفظ بيضة الدين، ونشر كتاب رب العالمين ودينه في العالمين، هو الشطر المكمل للغلو في بغض علي وبنيه، والانحراف عما أنزل الله على رسوله الأمين، سواء بسواء.
ولعل الاخوة لا يفوتهم أن اعتماد المراجع والمصادر يعني التسليم بمنهجيتها، فهل صاحبنا كذلك؟ أم أنه اجتزأ ما رآه مناصراً لفكرته، واطّرح ما يخالفها؟
|