عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 17-05-2000, 09:47 AM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Smile

الأخ الفاضل جمال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مشكلة الذين يتعصبون – من كل ملة ومذهب وحزب – تكمن بشكل أساسي في تعطيلهم عقولهم عن التفكير الحر، ويلغون شخصيتهم لتذوب في شخصية غيرهم من قادتهم وزعمائهم.
وعندما يسوق قادتهم وأحبارهم برهاناً أو حجة يلوون أعناق النصوص لتوافق أهواءهم، فالهوى المتبع هو الأصل عندهم، وكل ما عداه ينبغي أن يكون له تابعاً.
ولذلك يقول بعضهم بتحريف القرآن، وبعضهم يقول بزيادته ونقصانه، لأنهم لم يجدوا فيه نصاً قطعي الدلالة على ما ذهبوا إليه في العقائد، والإمامة، ومفردات كثيرة جاءت نتيجة الهوى لا ثمرة للإيمان بما جاء به محمد (ص).
وبعضهم – وهم أوسطهم طريقة - يؤوِّل النص بما يخالف قواعد اللغة، وقطعي الثبوت والدلالة من أحاديث النبي (ص)، وقواعد المنطق المتفق عليها في المقدمات والنتائج، وحقائق الواقع الدامغة.
ومن المغالاة التي لا مِرية فيها أن يدّعي قوم احتكار (الدين) فالدين ليس سلعة تدمغ باسم هذا أو ذاك. والله تعالى سمانا (المسلمين)، وليس في دين الله شيع وأحزاب تتفرّق وتتمزّق وتذهب ريحها، وإنما أمة الإسلام واحدة من لدن آدم (ع) وحتى عصرنا الحالي، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
والفرق التي تدعي تشيعها لآل البيت كثيرة، تربو على المائة، منها المعتدل ومنها المغالي، وبعضها باطني في تفاصيل أقوالها ما تقشعر منه الأبدان، وأكثرها يدعي حكر حب واتباع آل البيت، وأن من عداهم لا علاقة له بالدين أصلاً لأنه لم يوال آل البيت(؟)
وفي هذا ابتلاء كبير، وظلم لأنفسهم قبل ظلمهم للغير. لأن الولاء لآل البيت إما أن يكون ولاء سياسياً أو ولاء دينياً.
أما الولاء السياسي، فقد عانى الأئمة الأربعة الهادين المهديين وغيرهم من فقهاء الأمصار والأعصار الويلات بسبب ولائهم السياسي لآل البيت، وبسبب معارضتهم لمظاهر الظلم حيث كانت وحيث وقعت، ولطالما دافعوا عن ظالميهم وخصومهم، وكتب التاريخ المتداولة خير شاهد. ومنها كتب القوم بأنفسهم.
وأما الولاء الديني، فلا نعرف ديناً لآل البيت إلا الإسلام، ولا نعرف لهم منهجاً إلا منهج النبي (ص)، فأي معنى إذا أن يتهم المدعون المستمسكين بحبل الله (الكتاب والسنة) بأنهم ليسوا من موالي آل البيت في الدين، وليسوا من مواليهم في السياسة؟ وأن يعتبروا المذاهب المنتشرة (الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي) التي قبلها المسلمون بالقبول الحسن ليست مذهب آل البيت(!)
هذا في الوقت الذي تتقاذف فيه الفرق نفسها شتى الاتهامات الجارحة، وكلٌّ يدّعي أنه على الصواب ومن سواه في النار(؟) حتى أدخلوا مستمعيهم في دوامة الحيرة، لا يدرون أي هؤلاء على الصواب وأيهم على الباطل(؟)
ومما يدعو إلى الألم المشوب بالحسرة على بعض أهل القِبلة أنهم يحسنون الظن بأنفسهم، ويسيؤونها بأصحاب رسول الله (ص) الرعيل الأول الذي جاهد وضحى وواجه في ساحة المعركة وساحة الدعوة والتبليغ وواجه التحديات، وهجر الأهل والمال والولد في سبيل الله، وشهد لهم القرآن بالإيمان، وبشرهم النبي (ص) بالجنة.
وللأسف ترى أحد هؤلاء يسارع إلى رفع مقام الذين التفوا حول هذا الإمام أو ذاك إلى درجات الملائكة المقربين، في الوقت الذي لا يتورع فيه عن النيل - بجرأة الجاهل - من عِرض رسول الله (ص) وأصحابِه (رض)، لاسيما الخلفاء المهديين، أبي بكر وعمر وعثمان، فأي ابتلاء هذا(؟)
التشيع للإسلام، وللقرآن، وللنبي (ص) ولآل البيت لا يكون بالخروج عن قواعد الإسلام، ولا بتأويل القرآن على غير ما أنزل الله وبيّن رسوله (ص)، ولا بترك سنة النبي (ص)، ولا اتهام حملتها من أصحابه وإخوانه. ولا بالغلو في تقديس الأفراد ورفعهم إلى درجات (لا يبلغهم مَلَك مقرب ولا نبي مرسَل).
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.