السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا أعلم ما تعني بالحديث عن الأولويات ، فأنا ذكرت الآية "وهذا قرآن" وأسباب نزولها "الحديث" ، فكيف تقول بعد هذا (لم يصح) ؟؟
لا تحيرني ، فأنا اذا جئت بآية قلتم إنك تتأول ،وإذا ذكرت تفسيرها -وهو هنا سبب النزول- قلتم أن هذا من الأحاديث المختلف عليها!
ولا أعلم هل قلت هذا عن علم بهذا الأمر أم لأنها لم ترق لك فلم "تثبت" عندك؟
أما أنا ، فإني أعلم يقيناً أن هذه الرواية ذكرت بسبعة وعشرين طريقة كلها صحيحة ،صححها كل من:
صحيح مسلم ،باب الفضائل
صحيح الترمذي،باب فضائل فاطمة
مسند أحمد بن حنبل
السنن الكبرى للبيهقي ،باب بيان أهل بيته والذين هم آله
تفسير الطبري
تفسير ابن كثير
تقفسير الدر المنثور
مستدرك الحاكم
ففي الدر المنثور :عن أم سلمه:.... قلت:يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ قال:انك على خير انك من أزواج النبي.
وفي رواية الحاكم: قال:انك على خير وهؤلاء هم أهل بيتي ،اللهم أهل بيتي أحق.
وفي رواية أحمد: فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي وقال انك على خير.
قال الحاكم: هذا صحيح على شرط البخاري، ورواه عن واثلة وقال: صحيح على شرطيهما.
أما استدلالك بما قبلها وما بعدها ، فهذا باطل من عدة وجوه ، أولاً أن صيغة الخطاب بما قبلها وما بعدها كان بصيغة المؤنث وهذه بصيغة المذكر ، ثانياً أن الآيات التي بعدها وقبلها كانت تفيد التهديد والوعيد والأمر:
قال تعالى" يا أيها النبي قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحاً جميلا* وان كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجراً عظيما*يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا" ثم قال "وقرن في بيوتكن " "واذكرن ما يتلى في بيوتكن "
أما آية التطهير فتختلف في مضمونها عن ذلك.
اضافة الى هذا ، فإن القرآن لم يطلق صفة الأهل على النساء بل على الرجال : قال تعالى " ونادى نوح ربه فقال ان ابني من أهلي"
وقال" واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي"
وإمعاناً في اثبات هذا ، هذه الآية التي جاءت على لسان لوط عليه السلام " رب نجني وأهلي مما يعملون"
ومعلوم للكل أن لوط وأهله نجوا من العذاب ماعدا زوجته ، فهذا يعني أنها ليست منهم ،الا اذا أردت القول أن لوط غير مستجاب الدعوة أو أنا الله لا يعبأ بدعائه فهذا أمر آخر.
ثم ، لو أن الآية تفسر على ما قبلها وبعدها ، اذن لكان لنا رأي في الآية التالية:
حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع الا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق ،اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا" ثم يقول بعد ذلك " يسئلونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيباب وما علمتم من الجوارج مكبلين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما امسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه "
فعلى قياسك ، يمكننا القول أن الله جل جلاله أكمل لنا الدين وأتمه علينا بتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وبتحليل ما أمسكن الجوارح وما أحل من الطيبات ؟
أي أن الدين إنما اكتمل بذكر الطعام حلاله وحرامه؟
اذا قلت نعم فراجع كل التفاسير حول هذه الآية -وقد ذكرت سبب نزولها والمصادر التي تقول ذلك في مقال آخر- ستجد أن هذا الأمر لا يمت بصلة لما قبله وما بعده ، أما اذا "لم يثبت" هذا عندك
فإنه لن يثبت شيء في دين الله بطريقتك هذه ، واعلم أنه أنني لن أقبل منك كلاماً لا دليل عليه .
أما الحوار الذي ذكرته لك فإن فيه آية قرآنية -دع عنك الأشخاص- واستعمل عقلك ،ألم يلحق الله عيسى -عليه السلام- بابراهيم عن طريق أمه مريم؟
اذن هكذا ألحق الحسنان وأبناءهما برسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم -عن طريق أمهما فاطمة ، أما أنك تقول أننا لا نعتمد على الاخباريين فهلا اعتمدت على عقلك في هذا أم اعتمدت على اخبار من نقلت عنهم من "لم يصح و "لم يثبت " و "لم يحدث" ؟؟
أما قول الأخ صلاح الدين أني لا أجتهد في فهم النص ، فهذا مالا أنكره ،فليس لأحد أن يجتهد بمقابل النص الصريح الواضح، فإذا قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم -أن هؤلاء هم أهل بيتي فمن أنا أو غيري حتى نأتي ونجتهد في دين الله من أنفسنا ونقول بخلافه؟ وقد قال الله جل جلاله "ما أتاكم الرسول فخدوه وما نهاكم عنه فانتهوا""وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم".
أما أن يصر القائل أن"آية التطهير نزلت في نساء النبي (ص) خاصة" ويعتبر هذا اجتهاد في فهم النص وبعد أن ذكرنا المصادر التي تقول خلافه فهذا والله المصيبة ،لأنه جاء بخلاف الروايات الموجودة بالتفاسير ، فهل هو أعلم برسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم -في كتاب الله؟ أم أن هؤلاء ليسوا الا مقلدين فيبقى حكمهم حكم علم العامة فلا تقوم لهم به حجة؟
ثم كيف يمكن أن يكون في اجتهاد شخص ما في "فهم النص" حجة على غيره من "علم الخاصة" في حين أن الاحتجاج بالأحاديث النبوية الصحيحة وكبار علماء الأمة من الفريقين مما لا تقوم به حجة؟
وهل يجب على كل مسلم أن يكون مجتهداً في فهم النص حتى يكون على علم ودراية بدينه؟وهل الابتداع في الدين هو الذي يجعل المسلم عالماً؟ وهل الأخذ عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- وكبار الصحابة والعلماء يدل على التقليد وعلم العامة؟
لقد رزق الله كل منا -بتفاوت- عقلاً يميز به بين الحق والباطل ،وآتانا بكتابه الكريم فيه تبيان لكل شي ، وبعث فينا نبيه محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- ليعلمنا دين الله ، فنحن انما نقرأ ونقنع بالصالح ونتمسك به راجين بذلك رضا الله ورسوله ، فإن كان تقليداً فلا عيب في اتباع الحق مع تصديق العقل وحصول اليقين .واذا كان الذين أقلدهم وأتبعهم قد أتوا بأدلة على كلامهم فهم أحق بالاتباع ممن يقول من عنده على أساس أنه اجتهاد في فهم النص .وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
|