عرض مشاركة مفردة
  #17  
قديم 25-05-2000, 10:56 AM
صلاح الدين صلاح الدين غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: May 2000
المشاركات: 805
Post

قال تعالى في سورة [آل عمران/7]: {وما يعلم تأويله إلا الله} وهنا وقفة. وبعدها: {والراسخون في العلم يقولون آمنا به، كلٌّ من عند ربنا، وما يذّكر إلا أولو الألباب}.
فالتأويل الذي يعني معرفة معنى الآيات المتشابهات، خاص بالله تعالى، والراسخون في العلم يسلّمون بالإيمان بها تسليماً مطلقاً، فلا يقع في نفوسهم أي شك أو تردد كما يفعل الذين في قلوبهم مرض.
والراسخون في العلم يجتهدون في فهم المتشابهات بناء على الآيات المحكمات، ولذلك قد يصيبون وقد يخطؤون.
وأما القول بأن الراسخون في العلم يعرفون معنى المتشابه من الآيات التي اختص الله تعالى نفسه بعلمها، فأمر بعيد في اللغة وفي المأثور. ومن شاء التوسع فليراجع كتب التفسير وعلوم القرآن، ومنها (الإتقان) للسيوطي.
أما الإصرار على إخراج أمهات المؤمنين من (آل البيت) والصحابة (مهاجرين وأنصاراً) وبني هاشم، واقتصارهم على الأربعة أهل الكساء، فأمر يعني فرقة واحدة من المسلمين في نظرتها وتأويلها ولا يعني جمهور المسلمين. ولا يتوافق لا مع النصوص (إلا عند اجتزائها والانتقاء منها كما يفعل القوم) ولا مع ما يؤثر عن النبي (ص) في صحيح سنته القولية والعملية.
وهو أمر يترتب عليه القول بأن علم رسول الله (ص) كان خاصاً فقط ببعض آل بيته أو ببعض أصحابه، والمشكلة في ذلك أن المدعي يعتصم بالإمام علي بن أبي طالب (كرم الله وجهه) ويتم تصوير الرد على ادعائه كالرد على الإمام نفسه (رض).
وحصر خصوصية هذا العلم بأفراد بأعيانهم يسقط عند القائل بها علم مائة ألف صحابي حجوا مع رسول الله (ص)، وعلم المهاجرين الأوائل، والأنصار، وأمهات المؤمنين، ويحصر أحكام الدين ونصوص الشرع في طرق من الرواية، وسلاسل من الرواة لأهل علم الحديث فيها أقوال لا تسره، وقد كفتنا كتب الاختصاص إعادة نشرها، وللمهتم أن يصل إلى حقيقة الرواة ورواياتهم أن يعود إلى كتب الجرح والتعديل، فإنها غنية بإيضاح أحوال الرواة الذين أدخلوا على الدين ما ليس منه، واستغلوا ثقافة تقديس الأشخاص التي تبناها الفرس قبل الإسلام، فتقولوا على أئمة من بني هاشم ما لم يقولوه.
ولقد تجرأ بعض الذين درسوا المسائل والروايات بعيداً عن الهوى والعصبية على نقد كثير من المبالغات والغلو والإدراج، لاسيما التلازم ما بين (التبشير بالجنة) و(التطهير) بمعناه الجلي، و(العصمة) كما يتصورها المتحمسون. وفندوا القول باختصاص الإمام علي والأئمة (الأحد عشر) من ذريته، بعلم رسول الله (ص).
وأثارت بعض الكتابات جدلاً لم يتوقف حول (الإمامة) و(العصمة) و(الرجعة) و(المهدي) وغيرها من المفردات المختصة ببعض الفرق، ككتاب (تتطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى إلى ولاية الفقيه) لأحمد الكاتب، وهو ابن الحوزة الدينية وأحد رموز العمل الإسلامي الشيعي الاثني عشري لفترة طويلة من الزمن، وككتاب (الشيعة والتصحيح) للسيد/ موسى الموسوي وهو سليل الدوحة النبوية وابن أحد أبرز علماء الحوزة في عصره، وككتب الشيخ/ محمد الخالصي، المعروف المشعور في صحن الإمام الكاظم ببغداد، وغيرهم.
ولدي سؤال هنا: ما هو موقع المدارس الأخرى (غير الإمامية) من المنتسبين إلى الدوحة النبوية، كالزيدية، والإسماعيلية، عند (الإمامية)؟ وما هو حكم علمهم وفقههم ودولهم؟ فهل فقههم مردود، وهل دولهم دول جور وغصب؟ أم لهم حكم آخر عند القائلين بحصر آل البيت، وعلم رسول الله (ص) بعدد معين محدود؟
والله يهدي إلى الحق، وهو أحكم الحاكمين.