عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 06-12-2000, 01:06 PM
أشعري أشعري غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jul 2000
المشاركات: 498
Post

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله،

السلام على من اتبع الهدى،

إلى مريم 73،

لو كنت قد قرأت موضوعنا كاملاً لما سطّرت ما سطرتيه من تشبيه محض لله تعالى، ولكن يبدو أنك قرأت العنوان فقط فأفرغت ما عندك من غير تحقيق ولا تدقيق، فكلامك فيه تشبيه الله بخلقه لا يعضده نقل ولا عقل، أما الآيات التي ذكرتها فنعرفها ونعرف تفسيرها حسب ما فسرها أعلام علماء أهل السنة والجماعة، وتفسيراتهم على خلاف ما كتبتيه تماماً.

أما حديث الجارية وإن كان ورد في صحيح مسلم فقد ورد بعدة روايات في كتب حديثية أخرى، كرواية "أتشهدين ألا إله إلا الله" في موطأ مالك ومنتقى ابن الجارود، ورواية "من ربك" عند ابن حبان، وقد نص الحفاظ على اضطرابه متنا وسندا، وسنورد له موضوعا خاصاً إن شاء الله نبين علته كما نص على ذلك علماء الحديث، وقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم دعوته الناس للدخول إلى الإسلام بالنطق بالشهادتين وليس بسؤالهم "أين الله".

ثم كيف تقولين أن الله على العرش "بذاته" وتقولين أنه في السماء أيضا، والسماء حجمها إلى الكرسي كحلقة في فلاة والكرسي إلى العرش مثل ذلك كما ورد في الحديث، وكيف يسوغ لك أن تجعلي الله مزاحما للملائكة في السماء التي لا يوجد فيها موقع أربع أصابع إلا فيه ملك قائم أو راكع أو ساجد يسبح الله، ولا أدري كيف ساغ لك أن تجعلي العرش حاملاً لله والعياذ بالله، بل العرش وحملته محمولون بلطف قدرته تعالى كما قال الإمام حجة الغزالي في قواعد العقائد من إحياء علوم الدين، ولو رجعت وتمعنت وفهمت الدليل العقلي على تنزيه الله عن المكان المسطور في آخر موضوعنا في التنزيه لعلمت أن كلامك مؤداه أن الله يتغير من حال إلى حال كبقية مخلوقاته والعياذ بالله وهو مخالف لنص قوله تعالى "ليس كمثله شىء".

ولتعلمي أننا لا ننفي علو الله على جميع خلقه من الذرة إلى العرش علو مكانة لا مكان، ونكتفي بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبحانك أنت الظاهر فليس فوقك شىء وأنت الباطن فليس دونك شىء، وقد قال الإمام البيهقي في الأسماء والصفات تعليقا على هذا الحديث: واستدل بعض أصحابنا بنفي المكان عن الله بهذا الحديث، فمن لم يكن فوقه شىء ولم يكن دونه شىء كان موجودا بلا مكان، ونختم القول هنا بقول الإمام الطحاوي في عقيدته التي تلقتها الأمة بالقبول: لا تحويه (أي الله) الجهات الست كسائر المبتدعات.

فأرجو أن تقرئي موضوعنا الأول وتتوبي عما بدر منك من تشبيه لله بخلقه.

والله من وراء القصد.