عرض مشاركة مفردة
  #33  
قديم 19-09-2000, 08:30 AM
الدكتور2000 الدكتور2000 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2000
المشاركات: 101
Post

الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد،
فكنت أتابع حوار هذه الخيمة الإسلامية وشقيقاتها الأخرى منذ مدة، ولم أكن مشتركاً لأنني لم أجدها مختلفة عن مواقع أخرى للحوار، لاسيما لجهة الحدة في النقاش وتطاول المتحاورين على بعضهم البعض، وجلهم يدعي العلم والمعرفة والغيرة على دين الله والانتصار لأهل الحق – ويعني بهم في الأغلب الأعم جماعته المذهبية أو الحزبية -، وتابعت بعد ذلك المداخلات والتنبيه على ضرورة التقيد بأدب الخطاب وبالفعل لم يعد للمناظرات الجارحة بين الفرق وجود في الخيمة، وصار الأمر - بحسب رأيي - في نقاش موضوعي إلى أن جاءت قضية (المولد النبوي الشريف) وهل الاحتفال به بدعة أم لا؟
وأخذ الحوار منحى آخر وكأننا أمتان مختلفتان تتناقشان، ولقد آلمني هذا الكم من تزكية النفس التي يحشرها البعض لنفسه ويطبب له على ما يقول أسماء مشاركين آخرين بدل أن ينصحوه بأدب الاختلاف وحسن الأداء والنقل، لأنه اعتاد القص واللصق بعيداً عن المنهجية العلمية المطلوبة، وللأسف يصف هؤلاء المادحون أنفسهم بأنهم تلاميذه، وينادونه بالشيخ والسيد، فإن كانوا كذلك فهم أحرى بالصمت لأنهم يؤيدون من يعتقدون أفضلية علمه على علمهم وهم ليسوا مؤهلين للحكم على ما يقول أصواب هو أم خطأ لأن قوله عندهم من المسلمات الصحيحة، وقول غيره خطأ لا صحة فيه. وإن كانوا بخلاف ذلك فكان الأحرى بهم أن يقولوا خيراً أو فليصمتوا، لأن الأمر ليس كما يقول وليس كما يرددون.
ولا أخفيكم أنه تملكني شعور بأن هذه الأسماء المستخدمة هي لنفس الشخص، يكتب ويربت على كتف نفسه، لاسيما وأن ما اعتبره المربتون على الكاتب (الشيخ، السيد) فتحاً وحجة ليس بذاك، وسيأتيكم التفصيل بإذن الله تعالى.
وزاد استغرابي أن هذه الهجمة جاءت بعد نصيحة (المراقب) بابتعاد المداخلات عن فاحش الكلام والاستهزاء، وبضرورة تقيدها بالنقاش الموضوعي الذي يرى بعينين مفتوحتين وأذنين واعيتين. ولكن جبهة التراشق أبت إلا الإيغال بمستوى من التراشق لا أحسبه من الإسلام في شيء.
حتى ما أثاره المدعو (صلاح) من أن العلماء وأهل المذاهب اختلفوا في أمور أساسية في صلب (الحلال والحرام) ولم يجرهم إلى ما في حوار هذه الخيمة من الشدة، لم يسلم من قسوة المداخلات، وجاءت الردود بعيدة عن جوهر المسألة وهو (تجنب العنف( و(استخدام اللين). وأجهد البعض نفسه في الاستدلال على أن العنف والشدة هي من هدي النبي (صلى الله عليه وسلم) ومن منهج الصحابة (رضي الله عنهم)، وهو أمر لا يقول به طالب علم أو عالم من أهل الإسلام، أعني أن العنف والشدة هي الهدي والمنهج والأسلوب. وأوغل حتى استخدم عبارات لها علاقة بضرب النعال والنطح وما أشبه ذلك من ألفاظ لا تمت بصلة إلى العلم الشريف ولا إلى مصطلحات العلماء.
وأظن أن القائمين على هذه الخيمة صبورين طويلي الأناة وهم يرون هذا الكم من الافتراء على أحدهم، وأتخيل لو كان أحد مؤيدي استخدام النعال (أجلكم الله) هو الذي يملك مفتاح الحوار أو مغلاقه، كيف يفعل بمن خالفه وهو يظن نفسه العالم الذي لا علم فوق علمه؟

(####) [مراقب الحوار]

اتقي الله في نفسك يا رجل، فأنت لست وصياً على دين الله، وفي علماء اليوم من هو أعلم منك وأفقه في دين الله والدعوة إليه، وعلماء الأمة من السلف والخلف تحاشوا ويتحاشون الشدة والغلظة التي تمزق الصف وتنفر الناس. ولو فعل كل كناش كالذي تفعل لكانت المحصلة أن الإسلام يدعو إلى كم الأفواه وتعليق المشانق وضرب المخالفين بالنعال (أجلّكم الله) والنعال يا صاحبي للأرجل وليست للأفكار. وصدق ربنا القائل {ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك}
وبالعودة إلى مسألة الخلاف أقول وبالله التوفيق:
أن ادعاء العلم ليس علماً، ولا يكفي أن يذيل أحدنا اسمه بعبارة (خادم العلم الشريف) أو (خادم الحديث الشريف) أو أي خدمة من أي نوع (شريف) ليصبح عالماً فذاً تضرب إليه آباط الإبل وتسير إليه الركبان.
وإنما يعرف العالم بأمور على رأسها أدب الخطاب والحوار، وتخير الأفاظ المعتمدة في المصطلح. وهو أمر بعيد عن طرف صاحبنا (####) [للرفع المراقب]

ويعرف العالم بالإجابة من مظانها بالنقل الصحيح. وهو أمر بعيد عنه كذلك، فقد انتقى من تفسيرقوله تعالى {والفتنة أشد من القتل} وجعلها محصورة في الشرك فقط، وهو قول عند المفسرين، وليس قولاً وحيداً، ولو راجع ما ورد في كتب التفسير المعتبرة لوجد أن المعنى الذي اختاره هو أحد المعاني لا كلها، وكانت الأمانة العلمية تقتضي أن يذكر ما يسع المعنى كما أورده الذي استشهد بالآية تنفيراً من (الفتنة) لا المعنى الذي اختاره (الجواهري) تسفيهاً لقول المستشهد بالآية.
ولينظر القارئ بعض ما ورد في الآية مذيلاً بالمصدر ليسهل العودة إليه:

{والفتنة أشد من القتل} أي المحنة التي يفتتن بها الإنسان كالإخراج من الوطن أصعب من القتل لدوام تعبها وتألم النفس بها. وقيل معناه شركهم في الحرم وصدهم إياكم عنه أشد من قتلكم إياهم فيه [البيضاوي، ج1، ص476]

{والفتنة أشد من القتل} أي الفتنة التي حملوكم عليها وراموا رجوعكم بها إلى الكفر أشد من القتل، قال مجاهد أي من أن يقتل المؤمن، فالقتل أخف عليه من الفتنة. وقال غيره : أي شركهم بالله وكفرهم به أعظم جرما وأشد من القتل الذي عيروكم به. وهذا دليل على أن الآية نزلت في شأن عمرو بن الحضرمي حين قتله واقد بن عبدالله التميمي في آخر يوم من رجب الشهر الحرام حسب ما هو مذكور في سرية عبدالله بن جحش على ما يأتي بيانه. قاله الطبري وغيره. [القرطبي، ج2، ص351]

وأصل الفتنة الاختيار - حسبما تقدم - ثم يختلف معناها، فقوله تعالى هما {يفتنوك} معناه يصدوك ويردوك. وتكون {الفتنة} بمعنى الشرك، ومنه قوله: {والفتنة أشد من القتل}، وقوله: {قاتلوهم حتى لا تكون فتنة}، وتكون {الفتنة} بمعنى العبرة، كقوله: {لا تجعلنا فتنة للذين كفروا} و{ لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين}. وتكون {الفتنة} الصد عن السبيل كما في هذه الآية. [القرطبي، ج6، ص213]

ولما كان الجهاد فيه إزهاق النفوس وقتل الرجال نبه تعالى على أن ما هم مشتملون عليه من الكفر بالله والشرك به والصد عن سبيله أبلغ وأشد وأعظم وأطم من القتل ولهذا قال: {والفتنة أشد من القتل}، قال أبو مالك: أي ما أنتم مقيمون عليه أكبر من القتل. وقال أبو العالية ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك والربيع بن أنس في قوله: {والفتنة أشد من القتل} يقول الشرك أشد من القتل. [ابن كثير، ج1، ص228]

وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {والفتنة أشد من القتل} قال: الشرك أشد. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله: {والفتنة أشد من القتل} قال: الفتنة التي أنتم مقيمون عليها أكبر من القتل. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله: {والفتنة أشد من القتل} قال: ارتداد المؤمن إلى الوثن أشد عليه من أن يقتل محقا. [الدر المنثور، ج1، ص494]

{والفتنة أشد من القتل} أي المحنة التي يفتتن بها الانسان كالإخراج من الوطن أصعب من القتل لدوام تعبها وبقاء تألم النفس بها. وقيل: شركهم في الحرم وصدهم لكم عنه اشد من قتلكم اياهم فيه [تفسير أبي السعود، ج1، ص204]

{والفتنة أشد من القتل} أى شركهم بالله أعظم من القتل الذى يحل بهم منكم. وقيل {الفتنة} عذاب الاخرة. وقيل: المحنة والبلاء الذى ينزل بالانسان فيعذب به أشد عليه من القتل. وقيل لحكيم: ما أشد من الموت؟ قال: الذى يتمنى فيه الموت. فقد جعل الاخراج من الوطن من الفتن التى يتمنى عندها الموت [تفسير النسفي، ج1، ص94]

وقوله تعالى: {وإن يأتوكم} إعتراض بينهما لا معطوف على {تظاهرون} لأن الإتيان لم يكن مقارنا للإخراج، وقيد الإخراج بهذه الحال لإفادة أنه لم يكن عن إستحقاق ومعصية موجبة له وتخصيصه بالتقييد دون القتل للإهتمام بشأنه لكونه أشد منه {والفتنة أشد من القتل} وقيل: لا بل لكونه أقل خطرا بالنسبة إلى القتل، فكان مظنة التساهل، ولأن مساق الكلام لذمهم وتوبيخهم على جناياتهم وتناقض أفعالهم، وذلك مختص بصورة الإخراج إذ لم ينقل عنهم تدارك القتلى بشيء من دية أو قصاص وهو السر في تخصيص التظاهر فيما سبق. وقيل: النكتة في إعادة تحريم الإخراج وقد أفاده {لا تخرجون أنفسكم} بأبلغ وجه، وفي تخصيص تحريم الإخراج بالإعادة دون القتل أنهم أمتثلوا حكما في باب المخرج وهو الفداء [روح المعاني، ج1ن ص313]

{والفتنة أشد من القتل} أي شركهم في الحرم أشد قبحا، فلا تبالوا بقتالهم فيه لأنه إرتكاب القبيح لدفع الأقبح، فهو مرخص لكم، ويكفر عنكم. أو المحنة التي يفتتن بها الإنسان كالإخراج من الوطن المحبب للطباع السليمة أصعب من القتل لدوام تعبها وتألم النفس بها، ومن هنا قيل: (لقتل بحد سيف أهون موقعا على النفس من قتل بحد فراق) والجملة على الأول من باب التكمل والإحتراس لقوله تعالى: {وأقتلوهم} إلخ. عن توهم أن القتال في الحرم قبيح فكيف يؤمر به؟ وعلى الثاني تذييل، لقوله سبحانه: {وأخرجوهم} إلخ. لبيان حال الإخراج والترغيب فيه. وأصل الفتنة عرض الذهب على النار لإستخلاصه من الغش، ثم أستعمل في الإبتلاء والعذاب والصد عن دين الله والشرك به، وبالأخير فسرها أبو العالية في الآية [روح المعاني، ج2، ص75]

أما الاتهام الذي يلقيه ضد كل من خالفه بأنه على طريق المعتزلة، أو أنه – كما يقول تلاميذه - وهابي، فأمر لا يصدق عليه سوى مصطلح (الغوغائية) لأن المناظرة إنما تكون للكلام نفسه لا باتهام صاحبه جزافاً. فماذا لو رد عليه أحد فقال (إن أسلوبك هو أسلوب الحشوية)؟
وهل مصطلح وهابي من مصطلحات أهل العلم والمعرفة؟
أما المولد النبوي الشريف، فحكمه لا يخرج عن أحد الأحكام الخمسة عند الجمهور: وهي: الفرض (والواجب) والسنة والمباح والمكروه (والمكروه كراهة تحريمية) والمحرم. فهل من قائل بأن الاحتفال بالمولد فرض أو واجب أو سنة؟
فإن كان الاحتفال بالمولد ليس فرضاً ولا واجباً ولا سنة، فحكمه أحد الأحكام اللاحقة، وهي المباح والمكروه، والمكروه كراهة تحريمية والمحرم.
وإن كان مباحاً فهو كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية يؤجر صاحبه لنيته تعظيم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا لعين الاحتفال نفسه. وهو عين ما نقله بعض الاخوة هنا.
والنية – كما يعرف طلاب العلم – أصل في الثواب أو الإثم. وقد قال تعالى {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء} وقال (صلى الله عليه وآله) (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى). وأما الاجتماع للاحتفال بالمولد مع وجود نية غير خالصة، أو مخالفات شرعية كلاختلاط المذموم أو المحرمات كما يفعل في موالد بعض الأقطار من وجود راقصات ومروجي مخدرات تحت ستار التجمع العام الحاشد. فهو أمر يتدرج ما بين المكروه والمحرم، كأي اجتماع يشوبه مكروه أو محرم. وقد تقتضي المصلحة تحريم اللقاء إن غلبت المفاسد على المصالح.
وللجواهري أقول: (###) للرفع [المراقب]
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.