أخي الكريم هيثم ..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
أرجو أن تكون أمورك على ما يرام ..
وفي البداية أنصح نفسي وأنصح رواد هذا المنتدى بالهدوء والتأمل والتفكير .. وعدم الانسياق وراء العواطف .. مهما حصل من أمور قد تستدعي أحياناً ثوارن النفس .. لكن أمور الفكر والاعتقاد لا تؤخذ بكثرة الكلام ولا بكثرة الغضب ..
كما أنني أنصح نفسي وإخواني عند البحث عدم استجلاب الظنون والأوهام وإنزالها منزلة القطع والمبادئ التي لا تتغير .. فهذا خطأ كبير يقع فيه كثير من الناس .. وبالتالي لا يصلح معهم الكلام مهما كثر ومهما أسهب فيه .. وهو على التحقيق مشكلة النصارى واليهود الذين يعرفون الحق بالبرهان عند الجدال .. ولكنهم لا يؤمنون إلا بأوهامهم وتخرصاتهم رغم بطلانها لديهم ..
أعتذر عن الاسهاب في هذه النقطة .. مع ملاحظة أني لا أقصد بها الأخ هيثم .. وإنما ذكرتها للفائدة ..
بالنسبة لسؤالك يا هيثم ..
أرجو أن تنتبه جيداً للفرق بين عدة أمور:
الصفة .. الموصوف .. التعلق ..
بالنسبة لسؤالك حول الاستواء .. سأرجع بك إلى الأعم .. أي إى عموم الكلام في هذا البحث لا إلى خصوص الاستواء ..
بالنسبة لصفات الله تعالى في معتقد أهل السنة - الذين هم فيما أعتقد الأشاعرة والماتريدية وفضلاء الحنابلة - فهي كالتالي:
بالنسبة لصفاته الله فهو قديمة غير حادثة قائمة بذاته سبحانه وتعالى ..
أما متعلقات هذه الصفات فهي حادثة ومخلوقة ..
لا يوجد لزوم بين حدوث المتعلقات وبين الذات .. من حيث الحدوث والقدم .. بمعنى أنه لا يلزم من خلق الله تعالى للحوادث حدوثه .. ولا يلزم من إفنائه تعالى للحوادث فناءه .. وهذا أمر بديهي وقطعي ولا خلاف فيه ..
فعندما يخلق الله تعالى الخلق ..فصفة الله تعالى التي يخلق بها الخلق : القدرة والإرادة والعلم غير حادثة .. ولكن المخلوق حادث وكائن بعد أن لم يكن ..
ولا يلزم التغير في ذات المخلوق وفي متعلقات الخلق التغير في الصفة .. لأن الصفة غير الموصوف .. والخالق غير المخلوق ...
فإذن سؤالك يجاب عنه بالتالي:
فعل الله تعالى العناية أو غيره في العرش حادثة كائنة بعد أن وجد العرش .. لأن العرش مخلوق حادث كائن بعد أن لم يكن ..
أما الصفة التي بها يعتني الله تعالى بخلقه فغير حادثة .. بل هي قديمة .. وهي القدرة والإرادة والعلم ..
فالقدرة هي الصفة التي بها يخلق الله تعالى الأشياء .. والإرادة هي الصفة التي بها يخصص الله الأشياء .. والعلم هو العلم ...
والتغير في الحوادث لا يلزم التغير لا في الذات ولا في الصفات لله سبحانه ...
وهذا هو مراد السادة الأشاعرة عندما يذكرون القدرة والإرادة .. فيقولون القدرة الصلوحية والقدرة التنجزية .. والإرادة الصلوحية والإرادة التنجيزية .. أي أن صفة القدرة والإرادة التي هي خاصة بالذات قديمة .. أما تعلقها بشيء معين في وقت معين فهو حادث ليس بقديم ...
والله تعالى أعلم ...
بالنسبة للكلام المفصل عن الاستواء .. فارجع إلى الموقع الذي ذكرته لك أعلاه .. في كتاب غرر الفوائد للأستاذ سعيد فودة .. في الاتباط الخاص بعلم الله وتنزهه عن الحوادث ..
والله تعالى ولي التوفيق ....
|