إلى رجل يحتفظ بالنسخة الأصلية مني
…
بالأمس طرق الحب بابي … لم أفتح له … ولم ينتظر طويلاً … كان على موعد مع عشاق العالم ليحتفلوا به … فمضى إليهم … وبقيت أنا وحدي … في انتظار عام آخر يطرق فيه الحب بابي فأفتحه له وأنت معي…
سيدي البعيد جداً من موقعي … القريب جداً من أعماقي … لا أعلم … هل تضخم بي الحزن فأصبحت أكبر من الوجود؟ أم ضاق بي الوجود … فأصبح أصغر من حزني؟
النتيجة واحدة يا سيدي … فبقعة الأرض هذه ، ما عادت تتسع لي … فبقعة الأرض التي كنت أقف عليها … أصبحت الآن تقف علي … والحمل أكبر من الكتابة … والحمل اثقل من التنفس … وحاجتي إلى التنفس جعلتني ابحث عن وطن يكتظ بالهواء … وطن يمنحني الحياة بلا حدود … وطن يعيد الأرض إلى قدمي … ويعيد قدمي إلى الأرض … وطن يجعلني فوق الأرض … ويجعل الأرض تحتي رحبة واسعة كأحلام طفولتي … وأظنك ذلك الوطن ، أو هكذا يخيل إلي ، أو هكذا تمنيت دائماً …
وليس كل ما تمنيته منحتني إياه الحياة … بالرغم من أني منحتها الكثير مني … ظننتها ستشبهني … ستقلدني في العطاء … لكنها خدعتني .. سرقتني .. وأخذت كل شئ ولم تمنحني أي شئ
فيا وطني … من أين ابدأ؟ من البداية التي ما عدت اذكرها؟ أم من النهاية التي لا أريد أن أذكرها؟
فأحياناً … تتشابه بدايتنا ونهايتنا حد الملل … فيا سيدي … اجبني … من أنا ؟ وعلى أي المحطات أقف الآن؟ ولماذا أقف الآن في انتظار معجزة تعيدني إلى الحياة ، أو تعيد الحياة إلي ؟
لا تدهش لسخافة سؤالي … فأنا أضعت ( أنا ) … وجئتك أبحث عنها … عن ( انا ) … عن ذاتي … ليقيني أني لن أجد نفسي الحقيقية إلا لديك … فأنت أصولي … وجذوري … فأعماقك هي صندوقي الذي أخبئ فيه كل ما أخشى علية من الأيام … وذات يوم خبأت نفسي الحقيقية فيك … نفسي التي تشبهك وتشبهني … وغادرت بالنفس الأخرى … التي تشبههم ولا تمت لك أو لي بصلة .
كنت سعيدة بهذه النفس … لقدرتها الفائقة على التأقلم مع عالمهم التافه … وأجدت دوري ببراعة … وكثيراً ما صفقت لنفسي بيني وبين نفسي .
لكنني الآن … أشتاق إلى نفسي الحقيقية … تلك النفس التي خبأتها فيك … فجئتك وفي داخلي رعب الدنيا كله … أن تكون قد فتحت لها أعماقك ذات ليلة باردة و أطلقت سراحها منك …
ترى … هل ما زلت تحتفظ بي ؟ هل ما زلت تحتفظ بالنسخة الأصلية لملامحي ؟
أشتاق لملامحي القديمة … فهل سأراها في مرآتك ؟ خدعتني مراياهم كثيراً يا سيدي … منحتني وجهاً ليس وجهي … وجسدا ليس جسدي … وأحلاما ليست أحلامي … تضخمت في أعينهم في الوقت الذي كنت أتضاءل فيه في عيني …
وسافرت … سافرت في كل القلوب … وكنت أترك في كل قلب حلماً ناقص النمو … وأرحل … أغادر أعماقهم متسللة كاللصوص … وأحرص حرصاً تاماً على أن لا تبقى فردة الحذاء الذهبي خلفي كي لا تعيدهم إلى عالمي الذي لا يتسع إلا لك …
أرحل بحثاً عن حكاية جديدة … حكاية مختلفة في فصولها وطقوسها وتضاريسها … لكنني اكتشفت أن الحكايات تتشابه … وان الفصول تتشابه … والتضاريس تتشابه … إلا الإحساس … وحده الإحساس يا سيدي يبقى مختلفاً كبصمات الأنامل …
فعشت سنوات أبحث عن ذلك الإحساس المختلف … لكن ذلك الإحساس لم يأت بعد … وربما لن يأتي أبدا … وهنا تكمن مرارة اليقين … اليقين بأن القادم لن يكون أفضل ولن يكون اجمل ولن يكون مختلفاً … وان وحدك الشيء المختلف الذي لا يشبهه في قلبي أو حلمي أو خيالي شئ …
فيا سيدي الوطن … ويا وطني السيد … نمت عميقا … نمت طويلاً … واستيقظت بالأمس … ولا أعلم لماذا استيقظت … وأي صرخة قاسية للواقع أيقظتني وزلزلت أحلامي … وإذا بالوجوه ليست الوجوه … وإذا الأصوات ليست هي الأصوات … وإذا الأماكن ليست هي الأماكن … ولا الأحلام ليست هي أحلامي … ولا الزمان هو زماني … ولا أنا التي يعرفونها … هي انا التي اعرفها انا … وتعرفها أنت …
فجأة … شعرت يا سيدي بأنني خارج نطاق الزمان والمكان والأحلام … وبأن أحلامي كانت ضرباً من الوهم والجنون والشقاء والغباء …
فذات يوم يا سيدي كنت سيدة الحلم في عالم بنفسجي اللون … مخملي الملمس …
ذات يوم … كانت لدي قدرة الحلم بالمستحيل الجميل … فحلمت بما لم تحلم به أنثى قبلي …
ما رست كل أنواع الأحلام المستحيلة يا سيدي … تضخمت بالأحلام قد استطاعتي … ولم أدرك إلا بعد فوات الأوان … إن للأحلام عملة تدفع من رصيد العمر … فما ابهظ ثمن الأحلام يا سيدي …
فيا سيدي الحلم … هل تعلم انك الحلم الذي دفعت ثمنه من رصيد سنواتي … و أعلنت إفلاسي من الألم والأحلام بعدك … وكل الأحلام التي عشتها بعد رحيلك كانت بلا ثمن …
فهل أدركت الآن من أنت ؟؟ من تكون ؟؟ وأين موقعك فوق خارطة قلبي ؟؟ وما حجم وجودك فوق خارطة أحلامي ؟؟
المرسلة: امرأة حالمة
منقول
__________________
سيدي البعيد جداً من موقعي,,
القريب جداً من أعماقي,,لا أعلم
هل تضخم بي الحزن فأصبحت أكبر من الوجود
أم ضاق بي الوجود.. فأصبح أصغر من حزني
النتيجة واحدة يا سيدي
فبقعة الأرض هذه، ماعادت تتسع لي
فبقعة الأرض التي كنت أقف عليها,,أصبحت الآن تقف علّي