عرض مشاركة مفردة
  #26  
قديم 09-11-2006, 03:59 PM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي

الأكراد:

إن من العدل والإنصاف أن نذكر بأن الأكراد قد واجهوا البطش والتنكيل والتشريد والتقتيل أيام صدام ما لا يعلمه إلا الله تعالى ... فلا يخفى على أحد ما جرى للأكراد من عملية الأنفال الإجرامية، والتي شرد على أثرها عشرات الألوف منهم، وغيرها الكثير الكثير مما يصعب على الأكراد نسيان تلك الذكريات الأليمة والمصائب الفظيعة، ولعل شعر صدام بما شعر به غيره من الأكراد عندما قُتِل ولداه قصي وعدي وحفيده مصطفى في الموصل .

ولكننا لن نبحث ما حصل للأكراد لسببين رئيسين:

الأول: هو أنها أخـذت حقها أضعافًا مضاعفة من قبل أجهزة الإعلام بالصـوت والصورة والكتابة ...

والثاني: منهما هو أنها خارج حدود موضوع دراستنا الزمني، فموضوع دراستنا هو العقد الأخير من حياة صدام، وهذه الأحداث قبل هذا العقد .

أما مطالبة الأكراد باستقلال الشمال بأكمله عن العراق فإن العدل والإنصاف يقتضي كذلك أن نعيد المسألة إلى أصلها الشرعي والتاريخي وعليه فإن الاحتمالات القائمة أمام الأكراد واحد من اثنين:

إما أن يعاملوا كأمة كردية منفصلة، وأما أن يعاملوا كجزء من العراق؟! ونحن كأمة إسلامية، لا خيار لنا ولا لهم إلا أن نقول إن الواجب أن يعاملوا كجزء من الأمة الإسلامية، وقد كانوا طوال تاريخهم جزءًا من أمة الإسلام، ولم يحدث أن طالبوا بدولة أخرى في ظل الخلافة الإسلامية، بل كان الأكراد مصدرا للعلماء والقادة وطلاب العلم وطلاب الجهاد ...

وهل يمكن أن تتنازل الخلافة الإسلامية أو ترضى أن يكون للأكراد دولة مستقلة دون الخلافة الإسلامية ..؟

كما أن هذا المنطق مناف للقواعد الشرعية من وجوب الاجتماع، والنهي عن التفرق ووجوب الصف الواحد، والتعاون على البر والتقوى، والنهي عن الانفراد والتفرد وأنه من الشيطان، ونحو ذلك من أصول وقواعد شرعية ثابتة لا جدل فيها ولا نزاع ... هذا لو كان انفصالهم عن الخلافة مع إقامتهم حكم الله تعالى !

ولكن للقائل أن يقول فماذا إذا لم تكن خلافة ولا حكم إسلامي في الأمة ولا في العراق؟

والجواب: هل سيقيمون هم حكم الله حقيقة بهذا الانفصال ... أم سيقيمونها علمانية إباحية، كما هو مشاهد من مناطق حكمهم الذاتي .!

إن بناء دولة جديدة .. بناءً على قومية جديدة ... فيه من الأضرار بهم وبالعراق وبالأمة ما لا يعلم به إلا الله تعالى، وهو شرخ عقدي في بنيان الأمة في الأساس ... ذلك أنه مبني على أصل جاهلي صرف، وإقامة لراية جاهلية منتنة جديدة، كما أن فيه مزيد تمزيق للأمة وتشقيق لصفوفها .

وهذا هو ما تريده اليهودية العالمية ويريده كل أعداء هذا الدين ... ولذا تجد أن السائرين في رفع هذه الشعارات هم علمانيون جاهليون ... لا هدف لهم إلا أن يحكموا دولة .... مجرد دولة، ولو في آخر أيام حياتهم ... بغض النظر عن المنظور الشرعي لهذه الدولة ..!

إن إقامة مثل هذه الدولة في العراق يغري القوميات الأخرى في العراق وفي غيره على المطالبة بدول ... وهذه إذا وقعت فإنها سنة سيئة وسابقة خطيرة تهدد جميع بلاد المسلمين بالخطر المحدق بهم ... فإذا ما قامت هذه الدويلات بدأت الصراعات الحدودية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والعسكرية بطريقة سيئة فوق ما نحن فيه بأضعاف وهل نسينا الصحراء الغربية والمغرب، وتيمور الشرقية وإندونيسيا ؟!!
:
__________________
السيد عبد الرازق