عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 14-11-2006, 12:23 PM
abunaeem abunaeem غير متصل
Banned
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2006
المشاركات: 660
إفتراضي

جماعات الجهاد مسكونة بعزلتها

ترجمة/ زينب محمد

عن: لوفيغارو

في لقاء اجراه الصحفي الفرنسي رينو جيرار مع (جل كيبل) الاستاذ في العلوم السياسية بمناسبة صدور كتابه الجديد الفتنة حرب في قلب الاسلام ، الصادر عن مطابع غاليمار الذي تناول احداث (11) ايلول والحرب في العراق ورهانات الاسلام في اوربا، تحدث الكاتب الذي كرس الـ (25) عاماً الاخيرة من حياته لدراسة الاسلام السياسي المعاصر، الى صحيفة لوفيغارو عن نتائج ربع قرن من التفكير والتأمل والتحقيقات الميدانية.

لوفيغارو: ماذا تعني الفتنة؟

جل: الفتنة هي الحرب داخل الاسلام، والفوضى والخلاف الكبير الذي ينقض على الامة، وعلى جموع المؤمنين فيفضي الى دمارها، انه تسلط العلماء واساتذة القانون الذين ما انفكوا (استناداً الى القرآن) يحذرون المسلمين من اعلان غير مناسب للجهاد الذي ينقلب ضد الذين يعلنونه.

لوفيغارو: هل يمكن القول ان احتجاز الصحفيين الفرنسيين كرهائن يسهم في هذه الفتنة؟

جل: حتماً ان جماعة الجيش الاسلامي في العراق كانوا يريدون ان يجعلوا ذلك جهاداً يعبئ خلفهم المسلمين في العالم. المتحمسين ضد العلمانية الفرنسية والذين تصورهم الفضائيات الناطقة بالعربية كاريكاتيريا على انه اضطهاد ضد المسلمين الطيبين ان جماعات الجهاد مهووسة بالبحث عن شعارات وموضوعات تعبوية يمكنها ان تمنحها الشهرة وتقطع عزلتها السياسية غير ان العالم الاسلامي كله وحتى المجموعات الاسلامية مثل حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني والاخوان المسلمين في مصر والعراق ومنهم اتحاد المنظمات الاسلامية في فرنسا ادانوا هذا الاختطاف، لأنه برأيهم غير مثمر تماماً، انه فتنة.

لوفيغارو: في كتابك، تترجم نصوصاً للظواهري، الذراع الايمن لأسامة بن لادن، وواضع ايديولوجية القاعدة، وفيه سلطت الضوء على عزلة (الطليعة) الجهادية..

جل: نعم ان واضعي ايديولوجية الجهاد مسكونون بعزلتهم وبعدم قدرتهم على تعبئة الجماهير، وقام الظواهري بتشخيص قاتم في كتاب (فرسان تحت راية النبي) وظهر اعلانه على الانترنيت وفي الصحافة العربية في كانون الاول عام (2001). لقد فشل الجهاد في كل مكان خلال عقد التسعينيات في الجزائر والبوسنة ومصر، وفشل في تعبئة الجماهير، ولهذا كان على جماعات الجهاد العثور على اسلوب آخر للتحرك وشعار آخر.

لوفيغارو: وكانت النتيجة، احداث (11) ايلول عام (2001) في نيويورك وواشنطن؟

جل: ان (فرسان تحت راية النبي) كتب في مطلع عام 2001، وهو اسلوب عمل الحادي عشر من ايلول: تشكيل مجموعة صغيرة من الارهابيين المتحفزين جداً المستعدين للانتحار بعد عملية غسيل دماغ سلفية مكثفة.

لوفيغارو: سلفية؟

جل: الكلمة متأتية من كلمة سلف العربية وتعني الاسلاف اي الاجداد والسلفية قراءة متزمتة للاسلام بالمعنى الحقيقي، لانها ترفض ان تأخذ في الاعتبار الاسلام منذ (14) قرناً تفصلنا عن عهد النبي ويريد السلفيون اخضاع العالم وتطويعه لقراءتهم الراديكالية، الحرفية للقرآن ليفرضوا على العالم الشريعة كقانون عام، من الفلوجة الى الارجنتاي (في فرنسا).

لوفيغارو: وما هو اسلوب العمل هذا؟

جل: اقتران غسيل الدماغ السلفي بالتعليم الجامعي الاوربي من اجل برمجة آلات الرعب في (11) ايلول، ان محمد عطا الطالب المصري في جامعة هاميورغ، المتورط، الذي كتب عن التعايش المسيحي - المسلم في حلب بسوريا، هو نفسه الذي ذبح المسافرين (الكفار) على الطائرة التي اختطفها واندفع بها نحو مركز التجارة العالمي، ان شيزوفرينيا الارهاب هذه التي لا تطاق لا تنتهي الا بالاستشهاد الطوعي، وبعد ذلك تتولى وسائل الاعلام وبخاصة القنوات الفضائية العربية الامر ومن خلال الصورة، يريد الظواهري ان يحث تعبئة الجماهير خلف (طليعة الجهاد المباركة) ليستعيد تعبير بن لادن نفسه، ان جرأة المجاهدين من الـ (18) الذين قاموا بمحاولات (11) ايلول اتاحت توجيه ضربة الى قلب (العدو الامريكي البعيد) وكانت تستحق كل العمل لتجنيد (المناضلين)والمتعاطفين.

لوفيغارو: هذا بالنسبة للعمل، لكن اين الشعار؟

جل: الظواهري نفسه يفسر ذلك بوضوح بالقول ان الشعار الذي تفهمه الامة جيداً والذي تصرفت على وفقه خلال الخمسين عاماً الماضية هو الدعوة الى الجهاد ضد اسرائيل، وتأتي احداث (11) ايلول تماماً بعد عام من مأساة انتفاضة القدس التي دعا اليها في نهاية ايلول عام (2000) ياسر عرفات، رداً على (جولة) آريل شارون الاستفزازية الى جامع القدس، وبدلاً من ياسر عرفات احتلت المحاولات الانتحارية لحماس، والجهاد الاسلامي شاشات التلفزيون وتدرعت بالقنوات العربية البارزة مثل قناة الجزيرة بإسم الجهاد لإستعادة فلسطين، ارض الاسلام وحاول الظواهري واسامة بن لادن تحويل هذا الشغف لدى مشاهدي التلفزيونات العرب لهذا النوع الجديد من الانتفاضة لمصلحتهما.

لوفيغارو: اصبح الاسلاميون اساتذة في فن استخدام وسائل الاعلام الغربية العاملة مثل هوليوود.

جل: هذا صحيح، على غرار انهيار البرجين، فإن الصور الوحشية للرهائن وهم يتحدثون تحت الضغط والتهديد بذبحهم وضع لها سيناريوهات على نفس اسلوب انتاج هوليوود السيء، والهدف الاستحواذ الاقصى على اهتمام الجمهور، غير ان ستراتيجية التسويق الاعلامي هذه تنقلب احياناً ضد محركيها.

لوفيغارو: هل من امثلة على ذلك؟

جل: يقفز الى ذهني مثالان، ففي عام 1989، نظمت المنظمات الاسلامية في المملكة المتحدة حملة اعلامية للمطالبة بمنع رواية (آيات شيطانية) هذه القضية التي عرضها التلفزيون في كل مكان في العالم الاسلامي، واستعادها في حينه آية الله خميني بعد ان خسر الحرب مع العرق، فكانت فتواه المشهورة التي تدعو مسلمي العالم قاطيه الى قتل سلمان رشدي، والمثال الآخر، اتحاد المنظمات الاسلامية في فرنسا، الذي اعرب في تموز الماضي عن معارضته لتطبيق القانون الفرنسي حول المظاهر الدينية في المدارس، وعرضت مبادرته بعد ذلك في جميع التلفزيونات العربية، واخذت مجموعات الجهاد الراديكالية جداً في العراق هذه المبادرة.

لوفيغارو: هل تعتقد بأن الحكومة عملت حسناً من خلال التوسط في التحرك المشروع لإطلاق سراح الرهينتين الفرنسيين، وعدم ترك وسيلة الا ولجأت اليها، الا يعطي ذلك الخاطفين الشهرة التي يبحثون عنها؟

جل: ان اشتراك فرنسا في الشرق الاوسط انهى هذا النوع من التوجه، فبناء شبكات التأثير والصداقة في العواصم العربية بشكل خاص، يضع الرهان الحاسم اليوم تحت التجربة، انها لحظة الحقيقة بالنسبة للسياسة الفرنسية وحلفائها الاقليميين، فإما الربح او الخسارة.

لوفيغارو: بصدد السياسة الفرنسية، هل يبدو لك خيار الرئيس جاك شيراك في عدم دعم التدخل العسكري الامريكي في آذار 2003 الخيار الصحيح؟

جل: بمناسبة اختطاف مواطنينا الاثنين، لاحظنا حديث رئيس وزراء العراق المثير للدهشة، وهو يلوم فرنسا لعدم مشاركتها في الحرب مؤكداً على انه لا يمكن ان نكون محايدين في العراق، يجب ان نلاحظ بأن امريكا بوش كانت قد اعتقدت وقد اعترف الرئيس الامريكي بذلك، بأن الانتصار العسكري لأسلحتها المعقدة يترجم الى تمجيد سياسي، ولا تزال واشنطن تنظر الى الشرق الاوسط بمنظار التنافس السابق ضد موسكو، ومحور الشر الخاص ببوش هو الوريث المعنوي لامبراطورية الشر الريغانية، لكن بغداد ليست برلين الشرقية كما اشارت الى ذلك الاحداث.

لوفيغارو: طموح المثقفين المحافظين الجدد الامريكيين الذين كرست لهم فصلاً طويلاً في كتابك، هو فرض الديمقراطية بالقوة على الاسلام الا يبدو ذلك الطموح طوباوياً قليلاً؟

جل: شهدت المجتمعات العربية تطور حركات متأتية من المجتمع المدني في السنوات الاخيرة تطالب بالديمقراطية وتفضح افلاس، الانظمة الاستبدادية المتأتية من الاستقلال كما اشار الى ذلك بقوة تقرير عام (2002) حول التطور البشري في الدول العربية الذي كتبه مثقفون عرب، وللمفارقة فإن المحافظين الجدد الامريكيين الذين برزوا ضد الحظر في العراق (لأنه كان يعاقب الشعب وليس النظام) انظموا اليهم حول هذه النقطة. غير ان الاجندة السياسية العامة للمحافظين الجدد. كانت تتمنى اعادة توزيع الاوراق في الشرق الاوسط لضمان امن اسرائيل الى الابد من خلال كسر شوكة اية قوة عربية قد تغامر في مواجهتها.

لوفيغارو: لكن خارج اسرائيل، الم يكن هناك لدى رجال الستراتيجية في البنتاغون ايضاً الرغبة في الاستحواذ على الاحتياطات النفطية في العراق؟

جل: نعم ان استعادة قدرة العراق الكاملة على انتاج النفط كانت بالتأكيد احد اهم الاهداف التي يسعى اليها المحافظون الجدد لأن تخفيض اسعار النفط الخام يسهل خلق الوظائف في الولايات المتحدة الامريكية، واعادة انتخاب جورج بوش من ناحية اخرى، كان المهم تخفيض هامش المناورة السعودية، الشريك النفطي الاساس للولايات المتحدة الامريكية منذ عام 1945، والمتهم اليوم بشكل خطير من قبل واشنطن منذ ان ظهر ان الارهابيين الـ(19) المتورطين في هجمات (11) ايلول اشخاص سعوديون.