عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 15-11-2006, 12:06 AM
karim2000 karim2000 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2006
المشاركات: 433
إفتراضي

بعد هذه اللمحات المقتضبة أود أن اقف عند نموذج واحد للحكم الإسلامي يعتبر نفسه عاكسا للشريعة الإسلامية ومنفذا لأحكامها وقوانينها، هذا النموذج يتحدد في المملكة السعودية التي تمثل عند الكثير سواء من المسلمين أم الغربيين نموذج الدولة الإسلامية الحقيقي؛ هل نمذجة المملكة السعودية وتمثيلها الإسلام المنشود إذن تتم على الوجهة الصحيحة والطريقة المثلى؟ هل إسلام المملكة السعودية هو ذلك الإسلام الأصح والحقيقي الذي يجب أن يتبع وينشر ويعمم في كل العالم الإسلامي وغير الإسلامي، وإن كان الأمر كذلك، فما هو موقع الحكم داخل هذا الإسلام، بمعنى هل ثمة تزاوج وتضافر بين الدين والدولة، بين الإمامة والسياسة، أم أن الدين هو شأن من شؤون العلماء الذين يتسترون وراء كواليس البلاط، ولا يفتون إلا بما يتجاوب وسمفونية القصر، إن سمح لهم بالإفتاء في غير العبادات من تيمم وحيض و حج ونحو ذلك، وغير المعاملات من إرث وزواج وطلاق( وهل يسمح للمرأة بسياقة السيارة أم لا؟). وأن السياسة هاجس من هواجس الحكام الذين يسوسون بالشريعة الإسلامية وأحكامها، لكن حسب هواهم ونوازعهم الذاتية، فيطبقون الحدود والقصاص على المقهورين من سواد الأمة، وأصحاب الجاه يصولون ويجولون بطائراتهم الشخصية، ويعيثون فسادا في البلاد الإسلامية الفقيرة، مقترفين أفظع وأبشع الممارسات التي لا تمت بصلة إلى الإسلام، والتي إن يقترفها واحد من عامة الشعب داخل بلدهم ، يرسل مباشرة نحو حبل المشنقة؟ أهذا هو الإسلام الذي جاء به النبي الأشرف عليه الصلاة والسلام؟ أهذه هي الدولة الإسلامية التي تقمع المستضعفين وتخادع الغربيين بشعاراتها الرنانة الساطعة، وهم يعلمون أن الكثير من أغنيائها (السعودية) وأغنياء العالم الإسلامي لا ينفكون يترنحون في أرفع كباريهات وحانات العواصم الغربية، ويقامرون في أبهى كازينوهات الغرب، ويتباهون بأسحر ملكات جمال الدنيا، والقدس تغتصب على مرأى من القيادات الإسلامية المهزومة والمرتكسة، وفلسطين تباد، والعراق يحترق، ناهيك عن الشعوب الإسلامية المطحونة تحت أحذية رجال الأمن والجنود والاستخبارات؟
أين هو صوت العلماء (خصوصا أولئك الموالين والمتعاطفين مع الحكام) الذين يطلون علينا صباح مساء عبر القنوات، وهم يلقنون لنا كيف نتوضأ، والصلاة تمنع في القدس وغيره من المساجد، ويعلموننا كيف نقسم التركة، واليهود يقتسمون تركة صلاح الدين الأيوبي، والأمريكان يوزعون نفط ونعم العراق والجزيرة العربية؟ أين هم أولو الحل والعقد وأرض الجزيرة، حيث مهبط الرسالة الإسلامية والحرمين الشريفين، مشرعة ومفتوحة للجنود الأمريكيين، كأن المسلمين ليسوا أهلا للأمانة والقوة؟ كيف يصبح عدو دينك حاميك ويصير أخوك في الدين عدوك اللدود؟ والله إنها لمفارقات عجيبة و مستعصية على الفهم والاستيعاب، والله ما عرف أبدا تاريخ الإسلام مثل هؤلاء الرجال الذين يفتدون بشعوبهم وهويتهم من أجل إرضاء الغرب. فإن كان الإسلام يسمي الذي يقدم زوجته أو ابنته أو أخته أو غير ذلك للأجنبي من أجل البغاء ديوثا، فماذا يسمي مثل هؤلاء الذين يرهنون شعوبا بأكملها؟؟؟؟؟
ليس المراد من تدبيج هذا الكلام هجاء الآخرين وشتمهم، وإنما رفع الغطاء عن تلك التناقضات والمفارقات الرهيبة التي يشهدها العالم الإسلامي، والتي يعتبرها الكثيرون من أولي الأمر والنهي والسياسة والعلم عادية، وهم يعلمون أن يوما ما سوف يسألهم مالك الملك عن هذا الاستهتار والسكوت عن قول الحق والساكت عن الحقيقة( شيطان أخرس)، وقصة جبريل عليه السلام الذي أرسله الله تعالى لتدمير تلك القرية الظالم أهلها، فتراجع عن ذلك الفعل لكون أن من بين أهلها عالم، فأمره الله عز وجل بأن يبدأ بذلك العالم. متى يتعظ علماؤنا من هذه العبر النبوية الشريفة؟ أليس بإمكانهم أن يقولوا كل شيء ويكشفوا عن كل شيء في زمن انفتاح الإعلام وتعدده؟ ماذا يمنعهم من ذلك؛ أستفادتهم من جود ونعماء البلاط أم خوفهم من بطش الحاكم أم ميولهم الفكرية والذاتية التي ترى الاستقرار تحت مظلة حاكم عاص وظالم خير من البلبلة والفوضى تحت سيادة حاكم عادل، ولكن إلى متى هذا الاستقرار المزيف الذي يخدم كراسي الحاكمين ونزواتهم؟ ألا يتدبرون في نعماء الله تعالى التي لا توازنها نعماء؟ ألا يرهبهم بطش ربهم(إن بطش ربك لشديد)؟ ألا يطوعون أفكارهم ويطعمونها بنكهة التغيير الإيجابي لا الركود والاستقرار السلبي، علما بأن التغيير سنة إلهية في الوجود، وأن التغيير أسلوب ومصطلح قرآني مميز( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله سوءا بقوم فلا مرد له وما لهم من دونه من وال) الرعد 11؟
خلاصة القول،
إن هذه الكلمات الصاعدة من قلب جريح لتميط اللثام عن جانب من الحقيقة المؤلمة التي تصدم كل فكر شريف، يدرك قيمة ووزن هذه الأمانة التي حملها لنا ربنا الكريم، لما أبت الكائنات الأخرى حملها. تلك الحقيقة التي يعلمها الكل، لكن فتنة الدنيا وزخرف الحياة تمغنط أفكارنا وأهواءنا ومشاعرنا فننسى (فلما نسوا ما ذكروا به) الأنعام (الذين اتخذوا دينهم لهوا ولعبا وغرتهم الحياة الدنيا فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون) الأعراف 51 . لكن والحمد لله ما دام فينا من يظل يذكرنا (وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين) الذاريات 55 من علماء ودعاة شرفاء يضحون بالنفس والنفيس من أجل نصرة الإسلام والمسلمين، فلولا تضحياتهم الجسام لكان حال الإسلام أسوأ مما هو عليه الآن.
على هذا النحو، أريد أن أضع كلماتي حتى تكون تذكرة لكل من يقرأها، فتكون بذلك شاهدة على أن هذا العبد الفقير إلى ربه تشجع يوما ما، فألقى هذه الكلمات المريرة موجها إياها إلى أولئك المحسوبين على الإسلام وهو بريء منهم براءة الذئب من قميص ابن يعقوب عليهما السلام، أولئك الذين يخادعون شعوبهم بالسبحة واللباس التقليدي وحضور صلاة الجمعة، هذه الشعوب التي تظل رغم أنفهم واحدة وموحدة في عقيدتها ومعاناتها ومصيرها، تشكل أخوة متماسكة كالبنيان المرصوص يجمعها دين واحد هو الإسلام، رغم أن قادتها وحكامها الذين لم تصوت عليهم، ولم تخترهم يظلون مشتتون في أفكارهم وطموحاتهم. لذلك فأنا عندما أتحدث عن السعودية أو غيرها من دول العالم الإسلامي، فلا أقصد بذلك إلا ذلك الجانب السياسي والسيادي حيث لا يعكس ما هو ديني إلا في العقوبات والحدود والقصاص، أما تفعيل العلاقات سواء العمودية مع كافة أفراد الشعب أم الأفقية مع جميع المسلمين لا يتم إلا على أساس المجاملة والمماحكة، في حين يظل العدو هو المستفيد الوحيد من ثروات الأمة واستثماراتها. خصوصا وأن هذا الشق من الأمة الإسلامية/السعودية بإمكانه أن يلعب دورا رياديا في نهضة العالم الإسلامي لامتلاكه أسباب هذه النهضة سواء المعنوية والرمزية (مهبط الرسالة المحمدية الشريفة، الحرمين، استجابة الشعب لأحكام الشريعة الإسلامية، العلاقات الرفيعة مع العالم الإسلامي وغير ذلك) أم المادية والاقتصادية) الثروات النفطية الضخمة، البنية التحتية المتطورة، إمكانية الاستثمار، كثرة الأغنياء والمحسنين ونحو ذلك).
انتهى المقال.