الموضوع: هل من مشمر
عرض مشاركة مفردة
  #3  
قديم 15-11-2006, 01:22 AM
النسري النسري غير متصل
كاتب مغوار
 
تاريخ التّسجيل: Jun 2004
الإقامة: الأردن
المشاركات: 2,917
إرسال رسالة عبر ICQ إلى النسري
Smile

كلمات جميلة ومعبرة تعطي الدوافع للعمل والاجتهاد في طاعة الله ورسوله وتبعث في المسلم العزيمة والحافز إلى العمل ... فالعمل عبادة ويحض ديننا على إتقان العمل بشتى أنواعه ... وصدق الشيخ القرضاوي حين قال : إن العمل للدنيا مطلوب من المسلم كالعمل للآخرة‏,‏ المهم هو صحة الهدف وصدق النية‏,‏ وفي الحديث‏: ‏إنما الأعمال بالنيات‏,‏ وإنما لكل امريء ما نوي وليس المطلوب أي عمل‏,‏ ولكن العمل المتقن كما في الحديث‏: ‏إن الله كتب الإحسان علي كل شيء والمراد بالإحسان‏:‏ الإتقان والإحكام‏,‏ وقال صلى الله عليه وسلم‏: ‏إن الله يحب أحدكم إذا عمل عملا أن يتقنه‏,‏ وقال تعالي‏:‏ إن الله تعالى محسن فأحسنوا ومن الروائع النبوية في هذا الجانب‏:‏ ما أمر به النبي صلي الله عليه وسلم أن يظل كل مسلم عاملا للحياة منتجا فيها معطاء لها‏,‏ ولو رأي الساعة تقوم أمامه‏,‏ وذلك في قوله‏:‏ إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة‏,‏ فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها‏,‏ فليغرسها ولماذا يغرسها وهو لن يأكل منها ولا أحد من بعده؟ إن هذا يشير إلي أن العمل عبادة وعمارة الأرض قربة إلى الله‏,‏ والمطلوب من المسلم أن يستمر عاملا لله‏,‏ مؤديا لرسالته حتى تلفظ الحياة آخر أنفاسها‏.‏

كيف يري الشرع الإسلامي استمتاع المسلم بطيبات الحياة هل يحرم عليه ذلك؟
لم يحرم الله علي الناس طيبا خلقه لهم‏,‏ بل كان عنوان رسالة رسول الله صلي الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل أنه‏(‏ يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث‏)‏ كما جاء في سورة الأعراف‏,‏ وأنكر القرآن بشدة علي الذين يحرمون زينة الله والطيبات من الرزق فقال بصيغة الاستفهام الاستنكاري‏(‏ قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق‏),‏ وقال تعالي‏: ‏يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا فلا حرج على المسلم المتدين أن يأكل من طيبات الدنيا‏,‏ ويستمتع بزينتها الحلال‏,‏ وقد سماها القرآن زينة الله التي أخرج لعباده‏,‏ تشريفا لها وترغيبا فيها‏.‏
‏‏
لكن بعضا من الاستمتاع بهذه الطيبات قد يكون مكروها؟
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم‏:‏ إن الله يحب أن يرى أثر نعمته علي عبده وسمع أحد الصحابة الرسول يقول‏: ‏لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر فقال‏:‏ يا رسول الله‏:‏ إني رجل أولعت بالجمال في كل شيء‏,‏ ولا أحب أن يفوقني أحد بشراك نعل‏,‏ فهل هذا من الكبر؟ فقال‏: ‏إن الله جميل يحب الجمال‏,‏ الكبر بطر الحق وغمط الناس إنما يكره الإسلام الاستغراق في هذا الاستمتاع حتي يصل إلي درجة الترف الذي يفسد الحياة‏,‏ ويفسد الإنسان ويصيب المجتمع بالانحلال كما قال تعالي‏: ‏وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا‏.‏
‏‏
ما نظرة الشرع إلي المال في ظل دعوى بعض المسلمين بترك المال زهدا وتقوي؟
لا ينظر الإسلام إلي المال نظرة الأديان الأخري إليه‏,‏ فرسول الله صلي الله عليه وسلم يقول‏: ‏نعم المال الصالح للمرء الصالح ويقول تعالي‏: ‏استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا‏,‏ ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا‏,.
ولقد جاءت نصوص وأحكام القرآن والسنة تنظم شأن المال والتعامل فيه وتعتبره عصب الحياة مثل قوله تعالي‏: ‏ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما‏,‏ بل أنزل الله تعالي أطول آية في كتابه لينظم شأنا غير كبير يتعلق بالمال وهو كتابة الدين‏: ‏يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلي أجل مسمي فاكتبوه‏,‏ كما أن أركان الإسلام فيها ركن يتعلق بالمال وتوزيعه لمستحقيه وهو الزكاة‏,‏ كما أن الموبقات السبع تتضمن كبيرتين تتعلقان بالمال وهما‏: ‏أكل الربا وأكل مال اليتيم وفي وصايا سورة الإسراء نجد جملة منها تتعلق بأمر المال مثل قوله تعالي‏:‏ وآت ذا القربي حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا‏,‏ إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وقوله تعالي‏: ‏ولا تجعل يدك مغلولة إلي عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا وقوله‏: ‏ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتي يبلغ أشده وقوله‏: ‏وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم‏.‏
‏‏
ما خلق المسلم في التعامل مع هذا المال إذن؟
الأرباع الأخيرة من سورة البقرة ركزت علي المال وإنفاقه وتوزيعه وكسبه‏,‏ وتنميته‏,‏ وحملت على الذين يأكلون الربا‏,‏ وأنذرتهم إنذارا شديدا‏,‏ إذا لم يذروا الربا‏(‏ فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله‏),‏ وأحكام المعاملات المالية تأخذ مساحة كبيرة من الفقه الإسلامي‏,‏ حتى يستقيم التعامل على أسس العدل والوضوح‏,‏ بعيدا عن الظلم والضرر وجاء في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة نصوص كثيرة تحض علي عمارة الأرض بالزراعة والصناعة وإحياء الموات والتجارة والاحتراف بشتي الحرف‏.‏
وقال عليه الصلاة والسلام‏: ‏ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده‏,‏ وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده فقد كان عمل داود صناعة الدروع الحديدية كما قال تعالي‏: ‏وألنا له الحديد‏,‏ وعلمناه صنعة لبوس لكم وقال عليه الصلاة والسلام‏: ‏ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا‏,‏ فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة وقال‏: ‏التاجر الصدوق يحشر مع الشهداء‏.‏
‏‏
لكن أي هذه الأعمال أفضل أجرا وأكثر ثوابا عند الله؟
اختلف العلماء في ذلك والذي رجحه المحققون هو أنها كلها مطلوبة‏,‏ وأفضلها ما كان الناس في حاجة أكثر إليه‏,‏ وأعرض الناس عنه‏,‏ فإذا كان الناس في حاجة أكثر إلى الزراعة ولم يلتفت الناس إليها كانت هي الأفضل وكذلك الصناعة والتجارة‏.‏
‏‏
هل يعتبر عمل من الأعمال فرضا علي المسلمين إذا احتاج الناس إليه؟
اعتبر فقهاء المسلمين إتقان هذه الصناعات فرض كفاية على الأمة‏,‏ بحيث إذا توافر لها العدد الكافي من الخبراء والعاملين في كل فرع منها‏,‏ سلمت الأمة من الإثم‏,‏ وإن قصرت ووجدت ثغرات لم تسد‏:‏ أثمت الأمة كلها‏,‏ وأولو الأمر فيها على وجه الخصوص وفي عصرنا يجب أن تتقن الأمة العلوم الطبيعية والرياضية‏,‏ وما يلحق بها من التطبيقات التكنولوجية‏,‏ حتى لا تتخلف الأمة عن ركب العالم الذي يخوض الآن ثورات في مجالات شتي‏:‏ الذرة والفضاء والإلكترونيات والبيولوجيا والاتصالات والمعلومات وإن المسلم الذي يعمل في هذه المجالات بجدارة وإتقان إنما يتعبد لله سبحانه ويتقرب إليه بعمله هذا‏,‏ إن العبادة لا تقتصر على الشعائر التعبدية المعروفة من صلاة وصيام‏..‏ إن كل عمل ينفع الأمة ويرقى بها ويحصنها من أعدائها هو من أعظم العبادات والقربات إلى الله تعالى

وجزاكي الله خيراً أختنا همسات مسلمة وبارك الله فيكي ...

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
__________________