عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 18-11-2006, 12:45 PM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي

ثورة يناير 1948
ظل الاحتلال العسكري البريطاني للعراق حتى أكتوبر 1947، وأراد الإنجليز عقد معاهدة جديدة مع العراق، بدلاً من معاهدة 1930، التي لم يبق سوى سبع سنوات على انتهائها. وهكذا دارت المفاوضات بين الجانبين العراقي والبريطاني، في بغداد ولندن، في الفترة من 8 مارس 1947 إلى 4 يناير 1948، وانتهت بتوقيع معاهدة جديدة في ميناء بورتسموث البريطاني، في 15 يناير 1948، وقَّعها صالح جبر عن العراق، والمستر بيفن عن إنجلترا ، وهي تؤكد ما تضمنته معاهدة 1930، من وجوب التشاور التام الصريح بين الدولتين في جميع الشؤون الخارجية، والتحالف السياسي والعسكري بينهما، وتزيد في الامتيازات العسكرية البريطانية، ونصّت على أن لبريطانيا الحق في استمرار وجود قواتها في قاعدتي الحبّانية والشعيبة، إضافة إلى حق استخدام مطارات العراق بكاملها[40].

ونتيجة للمعارضة الشعبية للمعاهدة حاول الوصي على العرش، عبد الإله، تهدئة الأوضاع، فأصدر بياناً في 26 يناير 1948، أعلن فيه أن المعاهدة لن تُبرم ولن تنفذ. ولكن رئيس الوزراء، لدى وصوله إلى بغداد، أعلن أنه سيمضي في تنفيذ المعاهدة حتى النهاية، فتجددت التظاهرات، في يوم 27 يناير، واشتد عنفها، وأصبحت العاصمة كأنها ساحة حرب،وحاولت الحكومة الاستعانة بالجيش، ثم صرفت النظر عن ذلك، وقدم عدد من النواب استقالاتهم، وعلى رأسهم رئيس مجلس النواب، واستقال وزيرا المالية والشؤون الاجتماعية، فطلب عبد لإله من صالح جبر تقديم استقالته، فاستقال، ثم فر من بغداد إلى أصهاره "آل جريان" خارج بغداد[41]. وقررت الوزارة الجديدة، التي شكلت برئاسة السيد محمد الصدر، رفض معاهدة بورتسموث، واعتبار يوم 27 يناير يوم الوثبة الوطنية[42].

انتفاضة 1952
عقب حدوث ثورة يوليه 1952 في مصر ، ونجاح ضباطها في الاستيلاء على الحكم، تشجعت الأحزاب العراقية المعارضة، وأخذت تقدم المذكرات إلى عبد الإله، الوصي على العرش، تطالب بالتغيير الجوهري في البلاد . وكان رد الوصي في يوم 23 نوفمبر ان كلف الفريق الأول نور الدين محمود، رئيس أركان الجيش، بتشكيل الوزارة، فأعلن الأحكام العرفية، وحل الأحزاب، وأوقف صدور الصحف، واعتقل بعض السياسيين، ونزل الجيش إلى الشوارع في بغداد، وحظر التجول، وأطلق النار على المتظاهرين، وسقط منهم ثمانية عشر شخصاً قتلى، وجرح الكثيرون، وقُمعت الانتفاضة.[43]

ثورة 14 (تموز) يوليه 1958
والتي قضت على الحكم الملكي، وعصفت بحلف بغداد.و انتقلت طبيعة الجيش العراقي من جيش محترف إلى جيش عقائدي يحكمه أيدلوجية الحزب الحاكم . العوامل الأساسية التي أثرت في ثورة1958

يمكن تلخيصا فيما يلي:

-نشاط الاتجاهات الشيوعية، ونجاحها في تأليب الجماهير، وتغلغل أفكارها بين صفوف الكثير من ضباط الجيش والمدنيين.

-نقض بريطانيا لعهودها مع العراق، بعد الحرب العالمية الأولى، وفرض الانتداب وإقامة ملكية موالية، واستمرار النفوذ البريطاني بعد -دخول العراق في عصبة الأمم، عن طريق معاهدة 1930، وبروز الساسة العراقيين الموالين لبريطانيا، مما أدى إلى تصادم العراق مع بريطانيا سنة 1941.

-سياسة نوري السعيد، رجل بريطانيا القوي في العراق، الاستبدادية المناهضة للحركات والأحزاب الوطنية.

-استيلاء اليهود على فلسطين، وإنشاء دولة إسرائيلية لهم، عام 1948.

-قيام الثورة المصرية في 23 يوليه 1952.

-الاعتداء الثلاثي على مصر في 29 أكتوبر 1956.

-تشكيل جبهة الاتحاد الوطني عام 1957، ونشاطها البارز في تأليب ضباط الجيش، وتشجيعهم على التعجيل بالثورة.

-توقيع الوحدة بين مصر وسورية.



وقد شك بعض العراقيين في أن نوري السعيد كان متآمراً مع الإنجليز في العدوان الثلاثي على مصر، أو على أقل تقدير على علم سابق بقرار الهجوم. وقيل إن الحكومة العراقية اعتقدت أنه قد آن أوان زوال حكم الثورة في مصر، وكانت تنتظر الأخبار من ساعة إلى أخرى عن استسلام مصر وسقوط الحكم المصري[44] .أعلنت الحكومة العراقية الأحكام العرفية، في جميع أنحاء العراق، استعداداً لما قد يحدث من تظاهرات واضطرابات. وحاولت دول حلف بغداد تضليل الرأي العام في الوطن العربي.

الاتحاد العربي الهاشمي
قابلت العائلة المالكة الهاشمية العراقية والأردنية، والطبقة الحاكمة في العراق والأردن، إعلان الوحدة بين مصر وسورية بمعارضة شديدة، وخشيت عاقبة التطورات القومية على كياناتها.وفي 14 فبراير 1958 إعلان الاتحاد العربي الهاشمي بين العراق والأردن؛ ردًّا على قيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسورية. قابلت الأوساط القومية الاتحاد العربي بالاستنكار، واعتبرته مفرّقاً للصف العربي[45].

تنظيم الضباط الأحرار والتخطيط للثورة
أدى فشل حركة 1941 في العراق، وما لقيه الضباط من التنكيل والإعدام، إلى ارتفاع درجة السخط بين صفوف العسكريين. وشعر الإنجليز بذلك، فعملوا على تقليص عدد وحدات الجيش العراقي، وأشغال أفراده بالتدريبات والمناورات، طيلة فصول العام. بدأت خلايا سرية من الضباط في العمل بين صفوف الجيش، ومحاولة التكتل لإنشاء تنظيم سري للضباط، خاصة بعد نجاح حركة الضباط الأحرار في مصر، خلال ثورة 23 يوليه 1952، في تقويض النظام القائم في مصر . ومن ثم اقتبس الضباط اسم التنظيم العسكري المصري نفسه، وهو الضباط الأحرار. وبدأ هذا التنظيم يتبلور من نهاية عام 1952.وبدأ الرائد رفعت الحاج سري، والعقيد رجب عبد المجيد، في سبتمبر 1952، مفاتحة ضباط آخرين ممن يثقون فيهم، ودعوتهم إلى الانضمام إلى الخلايا، التي قررا تشكيلها لتأخذ على عاتقها عملية التغيير. ومن ثم بُدئ في تشكيل عدة خلايا للضباط الأحرار داخل صفوف الجيش، وبين وحداته المنتشرة في العراق شمالاً وجنوباً[46]. وحدث أن كشفت السلطات الملكية سرّ أحد اجتماعاتهم، في صيف عام 1956 بالكاظمية، وهو الاجتماع الذي شارك فيه الرائد رفعت الحاج سري، والعقيد الركن عبد الوهاب أمين، والمقدم إسماعيل العارف، والمقدم صالح عبد المجيد السامرائي. وبعد إجراء التحقيق معهم، تم تفريق هؤلاء الضباط وإبعادهم عن الوحدات ذات التأثير الفاعل[47]. وبقيت خلايا الضباط الأحرار الآخرين، دون توجيه، بعد تشتت الضباط الأحرار الأوائل في أنحاء العراق. تشكلت تنظيمات أخرى للضباط الأحرار، بين صفوف القوات المسلحة، مثل تنظيم "المنصور" الذي كان يرأسه عبد الكريم قاسم، ويضم في عضويته عبد السلام محمد عارف، وطاهر يحيى، وأحمد صالح العبدي، وضمّ هذا التنظيم، ضباط اللواء التاسع عشر، الذي كان يقوده عبد الكريم قاسم، والذي كان متمركزاً في جلولاء، وكان هذا التنظيم منفصلاً عن التنظيم السابق[48]. الذي قرر ضباطه تشكيل لجنة عليا لتتولى إعداد الخطة اللازمة لقيام الثورة.وبعد أن عرفت اللجنة العليا بوجود تنظيم المنصور، تدارست إمكانية توحيد التنظيمين، وقررت مفاتحة تنظيم المنصور من أجل التوحيد، وبالفعل تم ذلك في يناير 1957، حينما أرسل العقيد ناجي طالب والمقدم وصفي طاهر، ممثلين عن اللجنة العليا، للاتفاق مع عبد الكريم قاسم. وبعد دراسة مبادئ التنظيمين وأسس العمل، وجد أنهما متفقان على ضرورة إزالة النظام الملكي. ولذلك دُعي عبد الكريم قاسم لحضور الاجتماع التالي، في منزل الرائد طيار متقاعد محمد سبع، فحضر وأدى القسم أمام اللجنة العليا، وبذلك تم دمج التنظيمين ويمكن إرجاع ضم التنظيمين إلى توحيد العمل الجدي؛ للإسراع بقيام الثورة، إضافة إلى زيادة حجم وقوة تنظيم الضباط الأحرار، ومنع المنافسة بينهما، مع الاستفادة من أكبر عدد من الوحدات العسكرية، التي يسيطر عليها الضباط الأحرار.وقبل قيام ثورة 14 (تموز) يوليه 1958، أصبح عدد أعضاء اللجنة العليا خمسة عشر ضابطاً[49].

ولم يتحدد بشكل نهائي مصير الثلاثة الكبار(الملك وعبد الإله ونوري السعيد) في حالة نجاح الثورة، إذ لم يتم الوصول إلى رأي محدد بشأنهم داخل اللجنة العليا، ولكن في صباح يوم 11 يوليه 1958، اجتمع كل من: عبد الكريم قاسم وعبد السلام محمد عارف والعقـيد عبد اللطيف الدراجي، والسيد رشيد مطلك، وتباحثوا في مصير الملك وعبد الإله ونوري السعيد، وتقرر في هذا الاجتماع قتل عبد الإله ونوري السعيد، أما مصير الملك فقد ظل معلقاً باستشارة بعض الزعماء المدنيين، ويبدو أن رشيد مطلك أخبر الثلاثة المجتمعين بضرورة قتل الملك، وكان عبد الكريم قاسم من المتحمسين، أيضاً، لقتل الثلاثة: الملك وعبد الإله ونوري السعيد، وعلى هذا اتخذ قرار نهائي بقتلهم جميعاً[50] ،وعدم إخبار القوات الزاحفة بما ستقوم به في بغداد من إعلان للثورة؛ لئلا يشتد الحماس عند الضباط والجنود، ومن ثم تصل أخبار ذلك إلى السلطات العليا.وإبلاغ الضباط الأحرار، الذين سيقومون بمهام التنفيذ في بغداد، وعدم إبلاغ أي ضباط آخرين؛ للمحافظة على السرية والمباغتة، ومنعاً لتسرب أخبار الثورة[51].

وفي 14 تموز 1958 أعلن عبد السلام عارف قيام الجمهورية العراقية عبر الإذاعة ،حصلت الجمهورية العراقية على اعتراف الاتحاد السوفياتي ومصر والكويت . ونودي بعبد الكريم قاسم رئيسا للجمهورية العراقية ، مما ساعد على الاعتراف الدولي بها ، ودفعها ذلك إلى إعلان سياسة الحياد الإيجابي والاستعداد لعقد معاهدة مع بريطانيا لرعاية المصالح المشتركة فقط .



__________________
السيد عبد الرازق