عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 18-11-2006, 12:48 PM
السيد عبد الرازق السيد عبد الرازق غير متصل
مشرف
 
تاريخ التّسجيل: Apr 2004
الإقامة: القاهرة -- مصر
المشاركات: 1,254
إفتراضي

مرحلة (1980-2000) (صدام حسين)

امتاز حكم صدام حسين بالدور الأساسي الذي منحه إلى قوات الحرس الجمهوري وللمغالاة في عمليات القسر والقسوة والتوسع في تبعيث الجيش على مستوى الضباط وضباط الصف والجنود بشكل عام . تسليم مسئولية قيادة الفرق والفيالق والمفاصل المهمة في الجيش والدوائر الأمنية بشكل عام إلى ضباط بعثيين أحداث ، لم تكن لديهم الخبرة القيادية الكافية سعيا منه للتخلص من تهديدات الانقلاب والتمرد[57] . وعمد لتصفية الجيل الأول والثاني من البعثيين العسكريين والتمهيد إلى صياغة الجيش العقائدي والتسريع بعملية التدجين على طريقته الخاصة . كما إنه لم يتوقف عند حدود إلإحالة الجماعية على التقاعد والسجن بالنسبة للضباط ، بل وتوجه في تعامله مع هدف التدجين إلى المستوى الذي يتجاوز عقائدية الجيش كما يراها الحزب ، بل وتسيسه ذاتيا ، بطريقة يكون هو فيها صورة القائد العسكري الأعلى والتأكيد على ان سلطة الحزب أعلى من سلطة الآمر العسكرية ، جعلت الآمر تابعا للحزب فاقدا لهيبته العسكرية . عمل على تقوية سلطة الأمن في الجيش على حساب سلطة الآمر / القائد ،مما تسبب في إضعاف سلطة القائد العسكري ، وعدم احترامه من المنتسبين .

الجيش الشعبي:

وهو التنظيم شبه العسكري لحزب البعث العربي الاشتراكي في العراق ,ويرجع الى تاسيس "الحرس القومي "في أواخر الخمسينات بقيادة عبد الكريم نصرت (الذي قتل عام 1971)ولقد استخدمت وحدات "الحرس القومي "أول الأمر للإطاحة بنظام عبد الكريم قاسم عام 1963. وهو القوة الموازية للجيش النظامي ويمتاز بتبعيته المباشرة إلى رئيس الجمهورية و ولاءه الدائم له[58] . وقد لعب الجيش الشعبي دورا مهما عندما دخل العراق حربه مع إيران يوم 22 سبتمبر سنة 1980م بسبب نقض ايران لاتفاقية الجزائر[59] بين الدولتين المتجاورتين واحتلاله أراضي تابعه للعراق ، وقد أسفرت الحرب عن سقوط ما يقارب نصف المليون من أزاهير شباب العراق فضلا عن سبعمائة ألف من المعاقين والمشوهين ، إضافة إلى نفقات الحرب التي تجاوزت المائتي ألف مليون من الدولارات وكذلك تجميد كل تنمية طوال مدة زمنية تجاوزت الثماني سنوات[60] ، ولكن على الطرف الاخر شهدت القوات المسلحة العراقية تطورات كبيرة خلال عقد الثمانينات ، وكانت هذه التطورات على المستوى الأفقي والعمودي . فعلى المستوى الأفقي بلغ حجم الجيش العراقي اكثر من عشرة أضعاف حجمه عام 1980 . ويفوق ذلك المستوى العمودي من حيث التسليح والتجهيز والتدريب والتقنية والخبرة النظرية والعلمية ، بحيث اصبح يعد من الجيوش المتقدمة التي يهاب جانبها ، ومما يزيد خطورته انه من الجيوش القليلة في العالم المبنية على أسس ضبطية راقية ويعمل وفق سياقات وأنظمة عالمية إضافة الى الشجاعة والأقدام التي يتميز بها والخبرة والممارسة في القتال . واعتبر الجيش العراقي القوة الرابعة في العالم ، وقد حصل على هذه الدرجة نتيجة الدعم المالي والتقني له خلال الحرب من قبل الدول الغربية والدول العربية لدرء خطر الثورة الإيرانية عن المنطقة.[61] و أثناء حدوث حرب الخليج الأولى قمع العراق ثورة للأكراد عام 1988 بطريقة عنيفة جدا حيث ضرب المدن الكردية بالأسلحة الكيماوية المحرمة دوليا ، وضرب بيد من حديد على الشيعة في بداية الحرب مع إيران خوفا من انشقاقهم لصالحها . أي عمل بالإضافة إلى تأمين سلامة الحدود كجهاز أمن داخلي رادع لكل التمردات بأقسى أساليب العنف .[62]وفي عام 1990 بعد عامين من انتهاء الحرب العراقية الإيرانية حدثت مشكلة مع دولة الكويت نتيجة مطالبة الكويت العراق بالتزام مالي واتهام العراق للكويت بسرقة نفطه من آبار النفط الحدودية طيلة فترة الحرب .وقام الجيش العراقي باحتلال الكويت في 2 آب 1990 وهو الحدث الذي ألب عليه دول العالم أجمع وجعلهم يخوضون معه حرب عاصفة الصحراء والتي كانت نتائجها وخيمه على الجيش العراقي حيث يقدر حجم الخسائر في تشكيلات الجيش بما يزيد على 75% ، وفي قوات الحرس الجمهوري ما يزيد على 50% لذلك اضطر النظام إلى هيكلة أو إلغاء ما يزيد عن 70% من تشكيلات الجيش ( بما فيها قوات الحرس الجمهوري ) التي كان حجمها قبل الحرب ما يعادل اكثر من خمس عشر فرقة متكاملة ( يقترب من مجموع الجيوش العربية المجاورة للعراق ) [63]. وبمتابعة تطور الجيش العراقي في ظل الجمهورية نجد أن العراق كان مع سياسة الحياد الايجابي وانه عمل على بناء جيشه ضمن عقيدة عسكرية دفاعية . ولكن بعد استلام صدام للسلطة اخذ تنظيم الجيش منحى آخر من حيث الحجم والتسليح والتنظيم والارتباط حيث أن العقيدة العسكرية للجيش قد تغيرت فأصبحت هجومية ، وقد وظفت الثروة الوطنية والأموال الطائلة في مشاريع ما يسمى بالتصنيع العسكري التي آلت إلى التدمير ، كما أدى ذلك إلى عسكرة المجتمع العراقي بما له من العواقب الخطيرة اجتماعيا وحضاريا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا .وقد عمد صدام إلى خلق تكوينات وأحداث تغيرات في تنظيم القوات المسلحة حيث فك ارتباط قوات الحرس الجمهوري ومديرية الاستخبارات العامة من رئاسة أركان الجيش ومن وزارة الدفاع فربطهما برئاسة الجمهورية عن طريق جهاز الأمن الخاص وهذا مالا يوجد له مثيل في جيوش العالم .لقد صاحب خروج الجيش العراقي من الكويت استجابة لقرارات مجلس الأمن الدولي لتدمير العراق ولم يكن التدمير قاصرا على المنشآت العسكرية فقط وإنما كان تدميرا شاملا مقصودا في حد ذاته لخلق واقع جديد ينشغل به حكام العراق لفترة طويلة لإصلاح ما أفسدته الحرب ، كما يتيح للقوى العظمى التحكم في مستقبل العراق ونفطه عن طريق إعطاء حكم ذاتي لأكراد يخولهم حق السيطرة على منابع النفط في الموصل وكركوك ويضمن التواجد المستمر لأمريكا وبريطانيا وفرنسا في المنطقة لتوفير الأمن للأقلية الكردية ، هذا عدا إتاحة الفرصة لوجود عسكري دائم للقوى الاستعمارية العظمى وفقا لخطط سبق إعدادها للإجهاز على الجزع المشاغب ضد إسرائيل والذي أصبح منتهيا سياسيا بعد حرب الخليج ، ونظامه محاصرا إقليميا ومعزولا دولياً ، والعراق كله في حالة من الدمار الكامل والخراب الشامل حاليا .[64]وسلوك العراق العالمي اجاز للمجتمع الدولي فرض الرقابة القسرية على القدرات العراقية العسكرية لفترة تمتد سنوات عديدة ، وكونه دولة متعددة الأعراق اصبح يهدد استمرار وحدتها من خلال برامج التجزئة التي تسعى اليها الولايات المتحدة .



الخاتمة :

نستنتج من هذه الدراسة علاقة المؤسسة العسكرية العراقية بقيام دولة العراق حيث بالأساس تقوم على مدى القوة العسكرية التي تستطيع تجسيدها وترسيخ حدودها وكذلك حمايتها ، و تأسس الجيش العراقي عام 1921 في أجواء خاصة كان فيها المجتمع العراقي بعيدا عن إدراك ماهية الديمقراطية أو طبيعة السلوك اللازم لتطبيقها، و لعبت الأيدلوجية لحزب البعث دورا مهما لدى العقيدة العسكرية في العمل على تطوير تلك النقطة من خلال المؤسسات والهيكلية الإدارية والتي يشترك بها العسكر لما له دور رئيسي في ترسيخ الحدود والحماية من التهديد سواء كانت خارجية أو داخلية ومواجه الخصم من خلال زيادة القوة العسكرية وتعزيزها، ومواجه أي تمرد قد يحصل عند السكان على الدولة .لقد ترك الصراع ما بين الطبقات الاجتماعية بصماته على تركيبة الجيش العراقي وحرفته العسكرية[65] وتمايزت هذه الحرفة في ظل الحكومات المتعاقبة حيث نجد أن الحرفة العسكرية كانت أساس تقيم كفاءة ضباط الجيش في ظل العهد الملكي وكانت العلاقة بين الحكومة والجيش هي علاقة المنفذ للأوامر الحكومة حسب دستور الدولة المعلن ، و في ظل الجمهورية العراقية امتزت الحرفة العسكرية بالأيدلوجيا الفكرية الخاصة بحزب البعث و أصبحت العلاقة بين الجيش والحكومة هي علاقة المؤسسة المتنفذه بالحكم والتي عملت على عسكرة الدولة بكافة قطاعاتها[66] ، و التي تنبع تصرفاتها من مفاهيم الحزب الحاكم ، وقد تقلص دور الجيش في ظل حكم صدام حسين حيث عمد إلى إبراز دور الجيش الشعبي الموازي أمام الجيش النظامي المحترف وذلك بهدف إيجاد توازن في القوة المنفدة للقانون . وقد خدمت الصدفة العراق بحصوله على جيش قوي متمرس متطور العتاد وذلك عندما حصل على الدعم العربي والعالمي لمواجهة خطر الثورة الإيرانية في عقد الثمانينيات من القرن المنصرم ولكن فقد الجيش كل هذه الحظوة نتيجة وقوف العراق في وجه دول العالم واحتلاله لدولة الكويت ، مما عرضه للعقوبات المفروضة على العراق والقاضية بتفكيك وتدمير القدرة العسكرية العراقية ، والسؤال المطروح الآن هل يستطيع العراق أن يتجاوز هذه المرحلة ويعيد ترتيب صفوفه ومواجهة خطر التقسيم الذي تلوح به الولايات المتحدة ، وان يعود لموقعه النشط في خارطة الشرق الأوسط خاصة وهو لا يحمل حاليا إلا راية القومية العربية والدفاع عنها .

__________________
السيد عبد الرازق