عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 25-11-2006, 04:50 AM
osman hassan osman hassan غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2006
المشاركات: 27
Exclamation

كما ان هناك اشكالييات على المتطرفين المكفرين لاخرين، فقد ياخذون عبارة الاية (( الئك هو الكافرون)): على درجة واحدة ويحملونها في كل حال على الكفر الاكبر المخرج من الملة، الا ان كلمة كفر احيانا تطلق على كفر اصغر او كفر نعة او كفر عشير او غيره مما لا يفيد الكفر المخرج من الملة لهذا اورد مقتطفات من كتاب لنا حول هذه المسالة لبيان ان الكفر في ايات الحاكمية في سورة المائدة لا يعني المخرج من الملة في كل حال. بل اغلب ما ذكر ليس بمخرج واليك الفقرة.

جهلهم بمعنى الحاكمية

وبالنسبة لخطأهم في فهم الحاكمية فان ذلك من تعجلهم في الحكم على الناس والافعال حيث يجعلهم لا يدركون حتى المعاني اللغوية للفعل ليحاكموه بما يناسبه.
اذ ان من تعجلهم وضحالة علمهم يرون ان كلمة الحكم اين ما جاءت تعني الحدود والسلطة التي شغلت قلوبهم ، في حين ان جانب الحدود هو اقل الجوانب في كلمة الحكم، حيث ان الحاكمية او لفظة الحكم عامة في كل امور الدين ، بل القرءان بكامله هو احكام في مسائل متعددة ، كما قال تعالى : (وكذلك انزلناه حكما عربيا ) 37 الرعد ، وقال تعالى : ( وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه الى الله ) 10 الشورى.
فكل امر سواء في العقائد او العبادات او الحقوق ، لله فيها حكم ، لان حياة المسلم كلها لله عز وجل كقوله تعالى : ] قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك امرت وانا اول المسلمين[ الانعام.
والحكم كما بينه ابن كثير في الايه 44 من سورة المائدة وبينه ايضا شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى :
الحكم لغة : صفة الفعل ، أي الوصف الذي يعبر به عن حركة او تصرف ما صادر ، فمن كان فعله انه يطحن بأضراسه الخبز ويبتلعه ، فما صفة هذا الفعل، فالحكم على فعله : ياكل، وذلك صفة الفعل.
وكذلك كل فعل فان ذكر صفته هو حكم عليه من الناحية اللغوية.

والحكم شرعا :
ايضا كما ذكر ابن كثير وشيخ الإسلام رحمها الله :
هو ما اخبر به الشارع وما اثبته ، بناء على انه صفة الفعل، أي ان ذلك الوصف الذي ذكرناه للفعل، هو صادر من مصدر التشريع ، أي حكم الشارع ، سواء الكتاب او السنة.
فالذي خبرنا به الشارع على فعل ما سواء من احكام الدنيا او الاخرة او على العبادات والسلوك ، فهو حكم من الشارع في ذلك.
فعبارة الحكم عامة في كل امور الدين ، كما يقال ما حكم من اكل ناسيا في رمضان ، فالشارع يجيب ويحكم على فعله بانه لا شئ عليه ، فليتم صومه انما اطعمه الله وسقاه ، فهذا حكم لكنه ليس اقامة حدود او سلطة رئيس ، ويقال احكام المياه ، احكام الحيض ، والحكم في عقائد الناس وهو الاساس في الدين ، اذ يحكم على هذا الفعل بانه شرك وهذا مباح وهذا كفر، كما قال تعالى في سورة الزمر : ] الا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من ادونه اولياء ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفا ان الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون ان الله لا يهدي من هو كاذب كفار [ ، فهذا حكم من الله لكنه لا يعني به اقامة حد ، وانما وصف من الشارع يبين خبره وحكمه بما يستحق ذلك الفعل ، فهو حكم الله بينهم في المسالة المختلف فيها بينهم ، فحكم على ذلك الفعل بالكفر .
وكذلك قول يوسف عليه السلام لاصحابه في السجن ردا على ما كانوا يعتقدون مع قومهم وبين حكم الله في ذلك ، لانه وحده الذي يحكم في هذه الامور العقائدية، قال تعالى حاكيا عنه : ] ما تعبدون من دون الله الا أسماء سميتموها انتم وآباؤكم ما انزل الله بها من سلطان ان الحكم الا لله امر الا تعبدوا الا اياه ذلك الدين القيم ولكن اكثر الناس لا يعلمون [ 40 يوسف.
فكلمة الحكم هنا لا تعني امور السلطة والحكام ، وانما الفصل في هذه المسالة الخلافية في العقيدة والذين تعبدونهم من دون الله بالتقديس والدعاء وهم كانوا يعرفون ربهم ويعبدونه لكنهم جعلوا له شركاء واعتبروا ذلك جائز ولا يخالف الدين ، فخبرهم بان الذي يحكم بالجواز او المنع في هذه المسائل هو الله : (ان الحكم الا لله). حكمه الشرعي على الافعال عموما، فمسالة الحاكمية هي عامة وليس خاصة بالحدود.
ولما فهمها اسلافهم الخوارج الاوائل بانها تحرم النوع الذي يرونه من حكم الوسطاء المحكّمين في الصلح ، واستخدموا الاستدلال بها في غير موضعه قال لهم علي رضي الله عنه بعد ان ذكروا الاية ( ان الحكم الا لله الله) قال : كلمة حق اريد بها باطل.
وايضا هؤلاء الخوارج اليوم يضعونها كثيرا في غير موضعها ان لم يكن في ذات الاستدلال فهم حوله يدندنون.
فالحاكمية عامة في كل امور الدين يطلب منهم الله تعالى ان يحكموا كتابه وسنة رسوله في كل شئ ، وقد جمع الله عز وجل كل ذلك في اية واحدة لكن المتطرفون تركوا ذلك وامسكوا بجانب السلطة ليتسلطوا على رقاب الناس باسم الدين .
قال تعالى في الاية 59 وما بعدها من سورة النساء : ] يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم فان تنازعتم في شئ فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر ذلك خير واحسن تاويلا [.
فانظر الامر طاعة عامة في كل الامور ، ولما كان هناك منافقون لم يعجبهم ذلك، وكانوا في داخلهم يريدون عن قصد تركه والتحاكم الى غيره ، قال الله عنهم في الاية التي بعدها : ]الم ترى الى الذين يزعمون انهم امنوا بما انزل اليك وما انزل من قبلك يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت وقد امروا ان يكفروا به ويريد الشيطان ان يضلهم ضلالا بعيد * واذا قيل لهم تعالوا الى ما انزل الله والى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا * فكيف اذا اصابتهم مصيبة بما قدمت ايديهم ثم جاءوك يحلفون بالله ان أردنا الا احسانا وتوفيقا * ألئك الذين يعلم الله ما في قلوبه فاعرض عنهم وعظهم وقل لهم في انفسهم قولا بليغا [.
ثم يستدرك عليهم تعالى ويؤكد ان الرسول اصلا ارسل لهذه الطاعة العامة في كل شئ قال تعالى بعدها :( وما ارسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما * [ وليؤكد ذلك اقسم تعالى بان الايمان لا يكتمل الا اذا حكموا رسوله في كل ما اختلفوا فيه وليس في الحدود فقط ، بل ويكون ذلك عن رضا في داخلهم ومن غير حرج او ملل ، بل ويستسلموا استسلاما حقيقيا لله تعالى بان يقودهم امره الى أي شئ اراده منهم ، فقال تعالى عن ذلك بعد تلك الايات : ] فلا وربك لا يؤمون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليـما[ .
وليؤكد ان المسالة فيما يخص المؤمن في داخله واستجابته لربه قال تعالى بعدها : ] ولو انا كتبناعليهم ان اقتلوا انفسكم او اخرجوا من دياركم ما فعلوه الا قليل منهم ولو انهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم واشد تثبيتا * واذا لاتيناهم من لدنا اجرا عظيما * ولهديناهم صرطا مستقيما *[ .
ثم يرجع ويؤكد ان الامر كله المطلوب هو طاعة الله والرسول الذي ارسله لتلك الطاعة وحتى لا يستهان بمسالة الطاعة عامة ، اخبر ان من يطع الله والرسول أي في التعاليم التي تصدر لكل مسلم ، فهو في اعلى درجات الاخرة قال تعالى : ] ومن يطع الله والرسول فألئك مع الذين انعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن ألئك رفيقا* ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما 70 [ النساء
فبين ان امر ألحاكمية أمرا عاما في كل طاعة وهو العليم بهذه المسالة وليس تأويل أصحاب المناهج المنحرفة.
اما المنحرفون فجعلوا الحاكمية هي فقط سلطة الحاكم لان أعينهم تنظر الى كرسي الحكم الذي شغل قلوبهم وصرفها عن معانيه، وكان اكبر همهم ومبلغ علمهم هو كرسي الحكم، فساروا وأعينهم فيه حتى تقع أقدامهم على المهالك وهم لا يشعرون.

من فهم الخاطئ للحاكمية
ويفهمون النصوص على ما يناسب هواهم ومواقفهم لا على ما يوافق السنن ، ولهذا جاء في الحديث : يقرؤن القرءان يحسبونه لهم وهو عليهم. من رواية ابي داود
ان من اخطاءهم الشائعة في العقيدة اعتقادهم كفر الحاكم في بلاد المسلمين الذي لم يطبق الحدود ، بالكفر الاكبر المخرج من الملة لمجرد تركه الحدود دون ان يجحدها وهو يدين بعقيدة المسلمين ، فالصواب هو من اهل القبلة وتجري عليه احكام الإسلام في تقصيره او عذره حسب ما سيرد من احكام التعطيل للشرع.
واما عن تحليل الاشكالييات والمغالطات التي وقعوا فيها واشتباه الاحكام عليهم خاصة خطاهم في فهم الحاكمية فنقول عن تفصيل حكم ترك الحدود او تعطيلها ، فهو عدة احكام واحوال مختلفة ، فليس بالكفر في كل حال ، وحتى اذا قيل الكفر ليس كله مخرج من الملة، الا حالة قلما تثبت على حاكم مسلم .

فالحالة الاولى في التعطيل :
مؤمن بالحدود لكنه لمعصيته ، او ظلما او تساهلا معطل للحدود فهو ، ثلاثة احكام :
فسق دون فسق : أي ليس اكبر يخرج من الملة ، والثاني ظلم دون ظلم : أي ليس مخرج من الملة كالشرك الاكبر.
كفر دون كفر، أي اصغر لا يخرج من الملة.
هذه الثلاثة للحالة الاولى.