عرض مشاركة مفردة
  #5  
قديم 25-11-2006, 04:52 AM
osman hassan osman hassan غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2006
المشاركات: 27
Exclamation

والحالة الثانية في التعطيل :
كفر اكبر مخرج من الملة.

والحالة الثالثة في التعطيل :
معذور لعدم الاستطاعة او الجهل .

ونقف على الادلة واقوال الصحابة رضي الله عنهم واهل العلم المعتبرين في هذه الاحوال التي غابت على المتعجلين الجاهلين بالعقيدة.
1- فالحالة الاولى في التعطيل : المعطل للحدود وهي ثلاثة احكام : الفاسقون ، او الظالمون ، او الكفرون كله اصغر أي لا يخرج من الملة.
وذلك ما ورد في الايات 44 وما بعدها من سورة المائدة، والشاهد منها قوله تعالى في نهاية الثلاث آيات : ( ومن لم يحكم بما انزل الله فألئك هو الكافرون ) (ومن لم يحكم بما انزل الله فألئك هم الظالمون ) ( ومن لم يحكم بما انزل الله فألئك هم الفاسقون ).
فالاول الكافرون ، ولكن يجب ان يعرف أي نوع من الكفر؟ ويجب هنا ان نحدده من جهة الشارع وممن سمع من الرسول r وهم الصحابة رضي الله عنهم ، وليس من المتشنجين والمدعين.
ومنها ما جاء في صحيح البخاري ، حدتنا محمد بن بشار قال حثنا عبد الرحمن قال حدثنا سفيان عن ابي جريج عن عطاء قوله ( ومن لم يحكم بما انزل الله فألئك هم الكافرون ومن لم يحكم بما انزل الله فألئك هم الظالمون ومن لم يحكم بما انزل الله فألئك هم الفاسقون ) قال : كفر دون كفر وفسق دون فسق وظلم دون ظلم.
وآخر حدثنا هناد قال حثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع قال حدثنا ابي عن سفيان عن سعيد المكي عن طاوس ( ومن لم يحكم بما انزل الله فألئك هم الكافرون ) قال ليس بكفر ينقل عن الملة.
وآخر حدثنا الحسـن بن يحيى قال اخبرنا عبد الرزاق قال اخبرنا الثوري عن رجل عن طاوس (فألئك هم الكافرون ) قال : كفر لا ينقل عن الملة، قال : وقال عطاء كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق.
واخر عن ابن طاوس عن ابيه قال : قال رجل لابن عباس في هذه الايات ( ومن لم يحكم بما انزل الله ) فمتى فعل هذا فقد كفر؟ ، قال ابن عباس : اذا فعل ذلك فهو به كفر ، وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله .
وهنا القول واضح بانه ليس الكفر الاكبر كمن لم يسلم اصلا او ترك الإسلام بالجحود. وقد يلتبس الامر على البعض في تشابه القول في التكفير ، اذ ان الحالة المعنية بالكفر هي اذا كانت من جنس ترك الكفار وهو الجحود وليس ترك المسلم المقر بالحكم .
وذكر في ذلك ابن حجر بعض الاثار مع شرحه للبخاري.
قال ابن هبيرة : ان الله تعالى عم بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين ، خبر عنهم انهم بتركهم الحكم على سبيل ما تركوه كافرون. انتهى
أي اذا كان تركهم من جنس ذلك الترك ، أي ترك الجحود ، فهذا الذي يحمل على الكفر الاكبر لانه انكار كحال الكفار.
وهذا التكفير من النوع المعلل بعلتين ، تارك للحكم وجاحد له ، بمعنى مريد ومحب لهذا الترك وراغب فيه كقوله تعالى ( يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت) ، أي عن ارادة وقصد ، وهذا المعنى واضح من سياق الايات التي يستدلون بها دائما وهي حجة عليهم ، قال تعالى في سورة النساء : ]الم ترى الى الذين يزعمون انهم امنوا بما انزل اليك وما انزل من قبلك يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت وقد امروا ان يكفروا به ويريد الشيطان ان يضلهم ضلالا بعيدا * واذا قيل لهم تعالوا الى ما انزل الله والى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا.
فهؤلاء تركوا حكم الله وهو قائم ويبحثون عن غيره، رغبة وارادة وجحودا وكراهية، فالحالة هذه مختلفة، ولا ينطبق الحكم حتى ينطبق الحال المبين في الاية.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ج20 ص 167 : في تعليل الحكم الواحد بعلتين وما يشبه ذلك من وجود مقدر واحد بقادرين ، ووجود الفعل الواحد من فاعلين .. الخ ) . الى ص 174 : وقد تبين بذلك ان علتين لا يكونان مستقلتين بحكم واحد حال الاجتماع . وهذا معلوم بالضرورة البديهية بعد التصور فان الاستقلال ينافي الاشتراك اذ المستقل لا شريك له والمجتمعان على امر واحد لا يكون احدهما مستقلا به ..الخ ، فالترك للتحكيم بلا جحود لا ينطبق عليه نوع الحكم المعلل بعلتين، ترك وجحود.
كما ذكر شيخ الإسلام في بيان ان التكفير فقط للمستحل قال في ج 19 ص86 : على احد القولين ( ومن لم يحكم بما انزل الله فألئك هم الكافرون ) أي هو المستحل للحكم بغير ما انزل الله .
والمستحل هو جاحد لحكم التحريم وغير مقتنع به فهو يكفر لهذا الاعتقاد بالحجود وليس الترك مع الايمان به.
واستدل شيخ الإسلام على ذلك بما ذكر عن ابن عباس والذي جاء في ج7 ص 254 : في قوله (ومن لم يحكم بما انزل الله فألئك هم الكافرون ) قال : فقلت له : ما هذا الكفر؟ قال : كفر لا ينقل عن الملة مثل الايمان بعضه دون بعض فكذلك الكفر حتى يجئ من ذلك امر لا يختلف فيه. انتهى كلام ابن عباس.
ويؤخذ منه ايضا ، بعد تعريفهم لعدم كفر غير الجاحد، ان في ذلك ايضا ردا على تكفير المتطرفين لعامة الشعب الذي يتحاكم الى قاضي لا يرونه مسلما او في بلاد النصارى ، فعند السرقة او تعدي شخص على مال مسلم يذهب الى القاضي او الشرطة ليرد حقه ، فان المتطرفين يكفرونه بانه تحاكم الى الطاغوت ، وقد ذكر شيخ الإسلام ان حالة الكفر المعنية ، هي التي تجمع الارادة الداخلية أي الرضى مع الفعل ، للذي مريد للترك او التحاكم لغير الله مع وجود من يحكم بشرع الله، لكن من اضطر للاستعانة بقوة غير المسلمين دون الايمان بمشروعية دينهم فهذا يختلف ، لانه عاجز عن التحاكم للشرع ، اما لعدم وجوده ، او عجزه هو عن تحكيمه اذا كان حاكم، ولم يكن تارك له برغبته او يحجده ، بل يحبه ولم يجده او عاجز عن فعله ، وهذا يشترك فيه الحاكم العاجز والمتحاكم العاجز ، ولذا سياتي ذكره عند حكم الحاكم العاجز عن اقامة الحدود او الشرع بالكلية.
وردا على اشكالية اخرى وهي اختطافهم كلمة كفر واخذها على حالة واحدة، فيجب ان يعرف انه ليس في كل حال كلمة كفر تعني الكفر الاكبر المخرج من الملة بل ذكر في الاحاديث كثيرا ويراد به احيانا نوع من الكفر حتى دون الكفر الاصغر ، ويراد به ما تحتمله معانيه اللغوية ، كقوله r لعائشة : تصدقن فاني رايتكن اكثر اهل النار : قالت لم قال : لأنهن يكفرن . (هنا ذكر ان من عادات النساء يكفرن ، ولكن عائشة رضي الله عنها استوضحته) : ايكفرن بالله ؟ قال يكثرن اللعن ويكفرن العشير. ( فبين ان كلمة الكفر التي ذكرها هنا يعني بها الكفر بعشرة الزوج ، وهو ان المرأة تجحد ما قدم لها زوجها من احسان ، في لحظة غضب فتقول: لم ارى منك خيرا قط او لم تفعل لي كذا ، فهذا كفر لكنه بعشرة الزوج وليس كفر بالله).
وهذا يفيد ان كلمة الكفر احوال حسب موقعها ولا تعني في كل حال انها خروج من الاسلام.
وقال r فيما يرويه البخاري : سباب المسلم فسوق وقتاله كفر.
فهل نقول كفر يخرجه من الإسلام ؟ فان ذلك يخالف ما صحت به النصوص واتفق عليه اهل العلم، فان الكفر في قتل النفس المؤمنة كفر اصغر ومن الكبائر ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين.
فكذلك كثيرا من العبارات ظاهرها البراءة من فاعلها لكنها ليس براءة بالكامل ، ومثل الحديث : ليس منا من لم يحترم صغيرنا ويوقر كبيرنا .
فهذا ليس براء من اسلامه ، وانما ليس مثلنا او على سنتنا وطريقتنا ، أي طريق الصفوة والنخبة الاولى ، ومثله قوله r : ليس منا من بات شبعان وجاره جائع، فهذا توبيخ له وانه ليس من قمة المؤمنين ، لكنه لا يعني انه كافر وليس من المسلمين.
ومن كل ذلك نصل الى انه اذا ذكرت كلمة كفر او مثلها يجب ان ننظر في موقعها وما يؤيد ذلك المعنى من اصول الدين واصول الفقه ، أي نوع من الكفر؟ او أي معنى له من اللغة؟ فيما اذا كان حقيقة او مجاز او حكم فيه درجات. وحتى في الفاظ المدح يجب النظر فيما يحتمل اللفظ ، فمثلا في الحديث : من توضا صحة صلاته .
فهل يكفي لصحة الصلاة الوضوء فقط ، ام بما يتضمن احكام الصلاة وشروطها ، فكذلك كل الاحكام يجب التريث فيها ومقابلتها مع ما جاءت به السنن.

الحالة الثانية في التعطيل
كفر اكبر مخرج من الملة ، وهو للتارك لحكم الله جاحدا ، أي غير مقتنع به او يرى انه لا يصلح لعصر او زمن معين ولو في مسالة واحدة فهذا الفعل كفر اكبر، وهذا ليس خاص بالحاكم وانما كل من جحد امر من الإسلام يكفر ولو طبق الحدود كورقة سياسية يكسب به شعبا ماء ، وهو في داخله جاحدا لمسألة واحدة من الشرع بعد بلوغ الامر عنده فهو يكفر بذلك، ولا ينفعه ما فعل من الدين.