المحذور الشرعي الثاني: قتل أنفسهم
فمن الذي أباح لأولئك الشبيبة قتل أنفسهم ، والنبي يقول ـ كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة ـ : « من قتل نفسه بحديده ، فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جنهم . خالداً مخلداً فيها أبداً »
وللعلامة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله .وأسكنه فسيح جناته، كلام نفيس عند شرح قصة أصحاب الأخدود حديث الملك والراهب والغلام؛ حيث قال رحمه الله: " فأما ما يفعله بعض الناس من الانتحار، بحيث يحمل آلات متفجرة ويتقدم بها إلى الكفار، ثم يفجرها إذا كان بينهم،فـإن هـذا من قتـل النـفـس والعيـاذ باللـه ...إلى أن قال : ولهذا نرى ما يفعله بعض الناس من هذا الانتحار ، نـرى أنه قـتل للنـفس بغـير حـق، وأنـه مـوجب لدخـول النـار والعيـاذ بالله، وأن صـاحـبه ليـس بـشهـيد، لكن إذا فعل الإنسان هذا متأؤلاً ظانّاً أنه جائز ، فإننا نرجو أن يسلم من الإثم ". انتهى كلامه رحمه الله وَالْحَظْ أن كلام الشيخ رحمه الله فيمن يفجر نفسه في اليهود، فكيف بمن يفعل ذلك في بلاد الحرمين ؟!وتأمل حديث أبي هريرة في الصحيحين في الرجل الذي قال فيه عليه الصلاة والسلام أنه من أهل النار رغم أنه أبلى بلاء حسنا حيث أصابه جراح فنحر نفسه فصاح رجال من المسلمين انتحر فلان فقتل نفسه وفصه عامر بن الأكوع _في معركة خيبر عندما ضرب يهودي بسيفه فأصاب نفسه فمات فقال سلمه يا رسول زعموا إن عامر حبط عمله فقال عليه الصلاة والسلام كذب من قاله إن له لأجرين قال شيخنا وابن شيخنا عبد الرزاق عبد المحسن البدر في كلام نفيس_له في القطوف الجياد تأمل هاتين الحادثتين الأول قتل نفسه عمدا فكان مصيره النار والثاني عامر ابن الأكوع رضي الله عنه لم يتعمد ذلك ومع ذلك ظن بعض الصحابة إن عامر حبط عمله وفي هذا دلاله على إدراكهم عظم خطورة قتل المسلم نفسه ولو كان ذلك عند ملاقاة العدو والانتحار ليس استشهاداً لأن المنتحر يتعمد قتل نفسه، ومن قتل نفسه فهو متوعد بالنار كما صحت بذلك الأحاديث والله تعالى يقول:{ وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا } (169) سورة آل عمران، ولم يقل قتلوا أنفسهم، والمقتول في سبيل الله مأجور، وقاتل نفسه آثم ففرق بين الحالتين، ولا يسوي بينهما إلا ملبس أو جاهل
فقد جمع هؤلاء و غيرهم ممن يفجرون أنفسهم في مجتمعاتهم المسلمة بين كبيرتين عظيمتين : قتل نفس بغير حق ، وقتل نفسه وصدق الله العظيم إذ يقول : " قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً " الكهف 103 ، 104
|