الشبهة الرابعة:
أنهم نقضوا العهد بقتلهم المسلمين والرد عليها من وجهين :أن الذين في بلادنا لهم عهد مع هذه الدولة ولا ينتقض ذلك العهد الا فيما يخص بلادنا ومن كان تحت ولاية بلادنا وقريش أذاقت المسلمين المستضعفين في مكة صنوف العذاب في زمن الهدنة ومع ذلك لم يعتبر هذا الفعل من قريش ناقضا للعهد وقد رضي المصطفى علية الصلاة والسلام بشرط رد من جاءنا منهم مسلماً إليهم رغم علم النبي عليه الصلاة والسلام إنهم سوف يقتلون أو يعذبون مع أنه اعتبر إغارة بني بكر الذين دخلوا مع قريش في عهدهم على خزاعة الذين دخلوا في فإن كان معه متاع يبيعه قُبل قوله أيضاً وحقن دمه لأن العادة جارية بدخول تجارهم إلينا ، وتجارنا إليهم ، وإن لم يكن معه ما يتجر به لم يقبل قوله ....
إذن المسألة ليست قتل وتقتيل وسفك دماء ، حتى لو دخل الحربي بلادنا بدون إذن لا بد من سؤاله ، ويغلب حقن دمه كما ذكر ابن قدامه ، ويرفع أمره لولاة الأمر ليقرروا فيه المصلحة وليس لنا كأفراد الاعتداء بحجة أنه حربي أو غير مسلم
الشبهة الخامسة :
استدلالهم بقوله كما في الصحيحينأخرجوا المشركين من جزيرة العرب والاستدلال بهذا الحديث على تجويز هذه الأحداث ، هو فقه جنكيز خان وأتباعه ، وليس هو فقه سلف الأمة ، ومن تبعهم بإحسان . والرد على هذه الشبهة من أوجه :
1- أن هذا الخطاب لحكام المسلمين وأمرائهم ، وليس لمن هب ودب .
2ـ الذي قال هذا النص :هو الصادق المصدوق ، وهل قال : إذا لم يخرجوا اقتلوهم ، وفجروا بهم ؟.
3ـ أن المشكاة التي خرج منها هذا القول) هو الذي قال: ( من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة ) فلماذا يطيرون فرحاً بالنص الأول ، ويتركون النصوص الأخرى ؟! إنه الهوى ، لأن الهوى إله يعبد كما بَيّن الله في القرآن . ويحسن بنا أن ننقل كلاماً لابن القيم رحمه الله يناسب من هذا حاله ، وذلك عند قوله تعالى : أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض . [سورة البقرة ،85] قال هذه الآية تسمى آية التشهي . وذلك : أن البعض إذا جاء النص موافقاً لهواه ، طار به فرحاً ، ورفع رأسه به ، وإذا جاءه النص مخالفاً لهواه ، لم يرفع رأسه به ، ورده بشبه واهية ، وأقيسة فاسدة .) انتهى كلامه .
4- والإخراج لليهود والنصارى عندما يكونون في موقف الندّ للمسلمين كحا ل اليهود في المدينة في عصر النبوة ولهم شوكة وبلدان ودار أما إذا كانوا مجرد أجراء ليس لهم حق التملك فلا ينطبق عليهم هذا الحديث.قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله وأسكنه فسيح جناته : "أما الأجراء وما أشبه ذلك فلا يدخلون في هذا النص « لا يجتمع دينان » لأنهم ليسوا قاطنين " .
5- ثم فصل الخطاب في هذه المسألة ، لو افترضنا أن الحاكم أدخلهم بلا سبب فان الطريقة الشرعية هي نصحه لا أن يباشر بعض الشبيبة ذلك بنفسه ويترتب عليه سفك دماء المعصومين، ومن عجائب فقه أولئك الشبيبة أنهم يرتكبون أعظم ذنب بعد الشرك وهي سفك دماء معصومة لأمر لا يسئلون عنه يوم القيامة وغير مكلفين.به
الشبهة السادسة : ومن غرائب شبه القوم في سفك الدماء : استدلالهم بقوله " يبعثون على نياتهم " متفق عليه وهذا الكلام قطعة من حديث ، يشبه الاستدلال به بمن يستدل بقوله تعالى : "فويل للمصلين " ويسكت . ولا يتبين لطالب العلم ، مريد الحق ، نكارة الاستدلال بهذا الحديث إلا بعد إيراده كاملاً. عن عائشة أم المؤمنين أن النبي قال :" يغزو جيش الكعبة ، فإذا كانوا ببيداء من الأرض ، خسف بأولهم وآخرهم ، ثم يبعثون على نياتهم " قالت عائشة يا رسول الله كيف يخسف بهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم قال عليه الصلاة والسلام يخسف الله بهم ثم يبعثون على نياتهم " متفق عليه . والعاقل الفطن يتأمل قوله " يخسف الله بهم " فهذه الكلمة تبطل الاستدلال بهذا الحديث ، لأن الذي يخسف بهم هو الله ، الأمر أمره ، والجميع خلقه وعبيده ، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون . ومن عجائب الفقه والاستنباط : أن يُستدل بفعل الله ، في ملكه وخلقه ، على جواز سفك دماء الأمة . وكما قيل : « شر البلية ما يضحك »، فإن طبيباً بيطرياً خرج على إحدى القنوات الفضائية ، يُجَوِزُ الأحداث والتفجيرات ، مستدلاً بهذا الحديث . طبيب بيطري ، يؤخذ منه الفتوى المهمة في النوازل المدلهمة ؟! الطبيب البيطري يُسأل في الحمام والأرانب والغنم ، وأمراضها ودوائها.
|